من المؤكد بأن الإعلام بكافة أنواعه هو رمانة ميزان الإستقرار السياسى والإجتماعى ، وهذه ليست معلومة خفية على أحد فلقد أعلنها الرئيس السيسى صراحة فى أكثر من حديث له ، فالإعلام بغض النظر عن مصداقيته أو تدليسه هو المحرك الرئيسى لتوجهات المواطنين لصناعة حالة من الطمأنينة أو حالة من القلق على المستقبل. ونحن عندما أعلنا الحرب الإعلامية ضد المحافظ السابق اللواء / أحمد القصاص لم تكن تلك الحرب بسبب خلافات شخصية ولكن من منطلق الواجب المهنى وبسبب إستشعارنا بأن الفشل أصبح مرادف لكل نتائج أعماله لأسباب وشواهد يطول شرحها ، بالرغم أنه بذل قصارى جهده لإنجاح تلك الأعمال ، ولكن فاقد الشئ لا يعطيه. ففى يوم الخميس الموافق للتاسع والعشرين من شهر أغسطس لعام 2013م كان لقاء محافظ الإسماعيلية السابق اللواء / أحمد القصاص بصحفيين وإعلاميين الإسماعيلية وحينها كتبت مقالاً بعنوان "أفلح القصاص إن صدق" وقمت فيه بكتابة شهادتى عن اللقاء وكذلك رؤيتى لشخصية "القصاص" من الداخل ، فأنا دائماً أتعمد قراءة شخصية المسؤول كمحاولة لإستقراء إمكانياته وقدراته ومناسبته للمرحلة ، وأيضاً لإستشفاف صدق كلامه ووعوده. وقد كتبت فى مقالى ذاك بالحرف : "فأنا أرى فى شخصية اللواء / أحمد القصاص أنه رجل المرحلة ، بشرط توافر الظروف المناسبة المحيطة به من موظفين وإداريين مناسبين للمرحلة ، وأيضاً إبتعاده عن جوقة المنتفعين والأفاقين أصحاب الإسطوانات المكررة ، فهو كما رأيته مستمع جيد وهذه الموهبة وهى الإستماع الجيد سلاح ذو حدين ، والأهم من هذا كله هو تخليه عن رداءه العسكرى المعنوى وإكتفاءه بلقب لواء" !!. ومرت الشهور والأيام وصدق حدسى فقد كان "القصاص" بالفعل رجل المرحلة لإمتلاكه مقومات النجاح وكاريزما الزعامة ، ولكن بسبب عدم تخليه عن الأسلوب العسكرى الصريح فكراً ومنهجاً فى التعامل مع المدنيين بعد ثورتين ، بالإضافة إلى نجاح زمرة من المنتفعين والأفاقين فى السيطرة على أذنيه فأدى هذا إلى سقوطه ، ولولا مساندة القيادة السياسية له بسبب خلفيته العسكرية لكان سقوطه مدوياً. واليوم كان لقاء محافظ الإسماعيلية الجديد اللواء / ياسين طاهر بعدد من صحفيين وإعلاميين الإسماعيلية ، وبرغم وجود بعضاً من السلبيات فى الإجتماع وغياب عدد ليس بالقليل من إعلاميين الإسماعيلية ربما بسبب حالة الطقس وربما لأسباب أخرى ، لكنه كان على المستوى العام ناجحاً ومثمراً .. "له" !!. فاللواء / ياسين طاهر قد أحسن الإختيار عندما إفتتح أولى لقاءاته العامة بالإعلاميين على عكس اللواء / أحمد القصاص والذى إجتمع بهم بعد لقائه بالقوى السياسية والأحزاب. أما بالنسبة لرؤيتى لشخصية اللواء / ياسين طاهر فمن المؤكد بأن غالبية من حضروا الإجتماع قد رأوه من خلال أداءه الظاهرى والذى ينم عن شخصية هادئة ووديعة ومنصتة ، أما أنا فقد رأيته من منظور مختلف تماماً وهو منظور شخصية العسكرى المُحنك ، وأعتقد بأن إختياره خلفاً للواء / أحمد القصاص جاء بعد تنسيق وترتيب سياسى وأمنى ومخابراتى فى محاولة لترويض الإعلام المحلى. فمحافظ الإسماعيلية السابق اللواء / أحمد القصاص فى أولى لقاءاته بالإعلاميين إستولى على غالبية وقت الإجتماع لنفسه للحديث عن نفسه وعن إنجازاته وأحلامه وطموحاته وهواياته وعلاقته بالسيسى .. الخ .. أى أنه تحدث بسجيته وبقلب مفتوح. أما إجتماع اليوم فكان على النقيض تماماً ، فاللواء / ياسين طاهر تحدث عن نفسه وإنجازاته السابقة وعن علاقته باللواء / القصاص وعن لقائه بالرئيس السيسى لبعض الوقت فقط ، وترك غالبية الوقت للإعلاميين للحديث والفضفضة والإستماع لهم بصدر رحب ، وكان يكتفى بإبداء بعض التعليقات وكتابة ملاحظات على أوراق أمامه. وأكثر ما شد إنتباهى هو تركه للبعض وتحفيزه للبعض الآخر للحديث على سجيتهم حتى وإن وصل الأمر للخروج عن النص "الهرتلة" ، لكن عندما تحدث الزميل "جيلانى كساب" للحديث عن معلومة "خاطئة" وصلته تخص الأمن القومى إنتفض اللواء / ياسين طاهر للرد عليه كأنه نشط من عقال حلمه !! .. كما أنه عبر عن إمتعاضه وإستيائه من إنسحاب بعض الإعلاميين من الإجتماع قبل إنتهائه وهذا ما يدل إلى أنه كان يتابع كل كبيرة وصغيرة فيه بدقة لأنه كان يريد من الجميع أن يدلو بدلوه. خلاصة القول بأن اللواء / ياسين طاهر محافظ الإسماعيلية يمتلك شخصية سهلة ممتنعة يكتنفها الغموض والمواربة وليس من السهل فهم أغوارها أو السيطرة عليها ، وهذا مما سيؤدى بالتبعية إلى فشل أى محاولة لإختراقه من زمرة المتفعين والأفاقين ، وأتوقع بأن الأيام القادمة ستحمل لنا أخبار عن الإطاحة برؤوس كبيرة تابعة للجهاز التنفيذى للمحافظة. أما عن عيوبه .. فللحديث بقية ..