لا حديث للشارع الإسماعيلى اليوم إلا عن ثلاثة مواضيع رئيسية ، الأول منها : هو الإنحسار التدريجى لمظاهرات الإخوان فى مدينة الإسماعيلية بعض القبض على غالبية قادتهم ، والثانى : هو محاولة تطهير المصالح الحكومية من إداراتها الإخوانية ، والثالث : وهو الأهم وهو الحديث بالسلب أو الإيجاب أو بتحفظ عن محافظ الإسماعيلية الجديد اللواء / أحمد القصاص. وبعيداً عن شخصية اللواء / القصاص وقدراته والتى ما زال البعض يتعامل معها بحذر وتحفظ حتى يرى النتائج كاملة على أرض الواقع ، فالمواطن الإسماعيلى البسيط يمتلك دائماً معادلة سياسية متناقضة بالنسبة لهوية المحافظ. فعندما تسأل أى مواطن إسمعلاوى بسيط عن رأيه فى هوية محافظ الإسماعيلية وهل الأفضل الشخصية المدنية أو العسكرية ؟ .. فتأتى إجابته بدون تفكير "العسكرية" أفضل. وعندما تسأله عن تاريخ محافظى الإسماعيلية السابقين وعن أى شخصية فيهم أفضل ؟ .. فتأتى إجابته أيضاً بدون تفكير "المدنية" أفضل. وبالتأكيد إجابته على السؤال الثانى صحيحة بنسبة كبيرة ، فمنذ أن ترك أخر محافظ مدنى الإسماعيلية وهو الدكتور / أحمد جويلى والخدمات فى الإسماعيلية من سئ لأسوأ بالرغم من تعاقب أكثر من محافظ عسكرى على الإسماعيلية. وبالتأكيد هذه الرؤية السياسية المتناقضة من المواطن الإسمعلاوى البسيط ستضع اللواء / أحمد القصاص أمام تحدى كبير لحل تلك المعادلة الصعبة وإكتساب ثقة هذا المواطن. وبالفعل بدأ اللواء القصاص خطوات جدية فى هذا الإتجاه فهو قد بدأ سلسلة من اللقاءات مع القوى السياسية والثورية والإعلام المحلى وبغض النظر على تحفظى على ترتيب حدوثها ولكنها كانت ناجحة نوعاً ما وأعطت إنطباعاً جيداً أولياً لكل من قابلهم. وسبب تحفظى هو أنه كان من الأفضل أن يلتقى السيد المحافظ بالإعلاميين أولاً ثم يعقبه لقاء بالقوى الثورية ثم الأحزاب أخيراً هذا مع إحترامى وتقديرى للحزبيين ولكن هذا هو الترتيب الأنسب والأكثر منطقية. وأيضاً لا أستطيع أن أنكر بأن السيد المحافظ قد حقق بعض النجاحات على أرض الواقع من خلال جولاته التفقدية هنا وهناك لحل بعض المشاكل المؤقتة كالنظافة مثلاً ، ولكن من المؤكد أيضاً أنه ما زال هناك العديد من المشاكل الكبرى فى إنتظاره والتى تحتاج لقرارات جريئة تعالج المشكلة من جذورها وخصوصاً قضايا الفساد. ومن المهم أن أذكر هنا رأيى الشخصى فى السيد اللواء / أحمد القصاص محافظ الإسماعيلية وشخصيته كما رأيتها وحللتها وربما تكون رؤيتى صحيحة وربما تكون مخطئة ولكن هذا ما رأيته وإستشعرته. فأنا قد قابلت السيد المحافظ مع مجموعة من الصحفيين والإعلاميين والمراسلين ومديرى المواقع الإلكترونية يوم الخميس الماضى وكانت مدة هذا اللقاء حوالى ثلاث ساعات تحدث هو فى معظمها بقلب مفتوح عن شخصيته وعن رؤيته فيما يحدث فى مصر عامة والإسماعيلية خاصة وعن منهجه وطموحه فى المرحلة الحالية والقادمة لحل مشاكل الإسماعيلية. ومن وجهة نظرى الشخصية فقد كان هذا الإجتماع ناجحاً برغم بعض الملاحظات التى شاهدتها فيه وأولها هو عدم حضور بعض الإعلاميين والصحفيين ومديرى المواقع والذى كنت أتوقع حضورهم ، ولا أعلم هل عدم حضورهم كان لموقف منهم أم لم يتم دعوتهم من الأساس. وأيضاً حالة الهرج والمرج والتى ظهرت جلية قبيل إنتهاء الإجتماع عندما تصادم بعض الصحفيين مع بعضهم أمام السيد المحافظ ، وكاد الأمر يتطور للأسوأ لولا تدخل السيد المحافظ بحنكة لإمتصاص غضبهم ، وأعتقد أن هذا الموقف قد أعطى إنطباعاً سيئاً للسيد المحافظ عن الحالة اللاتوافقية والتى يعانى منها الإعلام الإسمعلاوى. وفى خلال حديثه أكد السيد المحافظ فى حديثه على وجوب المصالحة الوطنية وكرر تأكيده بحسم عندما فوجئ ببعض التحفظات من بعض الحضور والذين لم يجدوا إلا الصمت مفراً عندما وجدوا بأن إقتناع السيد المحافظ بمبدأ المصالحة الوطنية هو عقيدة وليس وجهة نظر فقط. وقد إستمعت لتسجيل حديث السيد المحافظ لعدة مرات ووجدته حديثاً متزناً وجدياً ينم عن شخصية قوية وصادقة فيما تقوله ، ولكنى أخذت عليه بعض المآخذ أهمها أنه عندما بدأ حديثه مع الإعلاميين والصحفيين بدأها بنبرة عسكرية شبه آمرة مغلفة بالديموقراطية ، وربما يكون هذا نوع من التكتيك العسكرى لجس نبض الخصم ، ولكنه أيضاً أسلوب غير لائق مع إعلاميين حتى ولو كان تكتيكاً فنحن لسنا فى معركة. وأيضاً أثناء حديثه ذكر مثال شعبى مشهور للتدليل على كلامه وهذا المثال لا يليق أن يذكره أى مسؤول أمام الإعلام ، وهو بنفسه قد إستنكر أن يُنشر هذا المثال على لسانه. وأيضاً تلفظه ببعض الألفاظ الوصفية الغير اللائقة من محافظ عندما تحدث هاتفياً مع العميد عصام شادى مدير إدارة المرور لمناقشته فى إحدى المشاكل الخاصة بالمواصلات. وربما يرى البعض أن هذه المآخذ التى ذكرتها لا مشكلة فيها طالما هو سيقوم بعمله على أكمل وجه ، ولكن ما أراه أنا وأستنتجه من هذه المأخذ هو أنه ما زال يرتدى بدلته العسكرية معنوياً وهو فى ذات الوقت محافظ مدنى وهذا هو مكمن الخطورة. وبعيد عن هذا وذاك فأنا أرى فى شخصية اللواء / أحمد القصاص أنه رجل المرحلة بشرط توافر الظروف المناسبة المحيطة من موظفين وإداريين مناسبين للمرحلة وأيضاً إبتعاده عن جوقة المنتفعين والأفاقين أصحاب الإسطوانات المكررة ، فهو كما رأيته مستمع جيد وهذه الموهبة وهى الإستماع الجيد سلاح ذو حدين ، والأهم من هذا كله هو تخليه عن رداءه العسكرى المعنوى وإكتفاءه بلقب لواء.