المتصفح لتاريخ العراق بعمق يقرأ كثيراً عن معاناة شعب عريق ممتد لآلاف السنين تعاقبت عليه حقب تاريخية عاصرت شخوص قيادية لايمكن للمرء أياً كانت عقيدته أو دينه ومعتقده أن ينساها أو يتجاوز ذكراها. وسنتكلم عنه من زاوية مهمة في حياة الشعب والكوارث التي مر بها وعاش أتونها , وطمع فيه الكثير من القوى المحركة للعملية السياسية في العالم بين مستبد ومستعمر , ودفع ثمنه الشعب تضحيات كثيرة لن نخوض فيها لأنها تدمي العين وتؤلم القلب وتضيق الصدر. وتركت هذه التضحيات أرامل وايتام منذ عقود مضت ولم تنتهي سلاسل حلقاتها لأنها أكثر إيلاماً وأوجع ضرباً وأتعس خسة وأشرس فعلاً ووقعت أثقالها على عاتق المرأة لتحمل مسؤوليات جسام غير قادرة عليها لقساوة الحياة وشظف العيش وقصر اليد وواقع اجتماعي مر دفعت ضريبته لوحدها بما تحملته من أعباء كفلت بها بين أطفال رضع وأيتام قصر وشباب يافع , اوقعتها بمآسي يعجز الرجل القوي ان يتحملها, رافعة على كتفها الغض ثقله حتى ترفع من أبناءها طعما طيب المذاق لأقاربها يتحكمون بهم أو صيداً سهلاً يمررون مآربهم ويمارسون عليهم التعسف والظلم والمهانة طيلة السنوات العجاف الماضية بين الكرامة والذلة والعوز وعزة النفس وطوق العادات الإجتماعية الموروثة ونظرة المجتمع أياً كانت حالتها ثيبة أو أرملة , لتثبت قدرتها على أن تكون مربية فاضلة حاملة صفات قساوة الأب مرة وحنان الأم أخرى وأنشأت جيلاً يُشار له بالبنان. لانقول الكثير منهن ولانساوي بين الجميع إنما نتناول نماذج ممكن أن ننحني لهن على بذلهن الغالي والرخيص ومجاهدة النفس في كبح جماحها الدنيئة ورغباتها الجسدية وحقها بالعيش كأنثى لتكون عنوان فخر وعز يرفع المجتمع بها عنوان تميز وشيئا يضاف لعنفوانها وكبريائها أمثلة كثيرة على ذلك لايتسع المجال لذكرها , ونظرة سريعة لواقعها ماضياً كان أو حاضراً تجد إهمالاً واضحاً من الدولة لحقوقها ومطاليبها وعدم متابعة وضعها سواءاً بقوانين تنصفها وتجعلها رمزاً من خلال أفعالها العظيمة التي ذكرناها وبقرارات تعيد لها إنسانيتها وتقيم أفعالها لأن من غيرالمعقول ان تتساوى "الكرعة وأم شعر". لاننكر أن الدولة بعد التغيير أعطتها حصة الربع في مقاعد مجالس المحافظات والبرلمان وبعضهن لعبت دوراً كبيراً وأثبتت جدارتها بإدارة مسؤوليتها ودفاعها عن الحقيقة وإستطاعت أن تحصل على حقيبة وزارية في الجانب التنفيذي وبعضهن في الجانب القانوني ,لكن تبقى قصيرة في جوانب الحياة الأخرى فهناك حقوق مهدورة ومطالب مركونة , لايمكنها ان تحصل عليها بسهولة. إن ماتعانيه المرأة من قساوة التعامل في داخل العائلة وإمتهان كرامتها وإهانة شخصيتها من موروث سيء وعادات قديمة تهمل إنسانيتها نطالب بالضغط على الجهات التنفيذية لتنفيذ (الماده30 أولا) والتي تنص على أن الدولة تكفل للفرد والاسرة – وبخاصة الطفل والمرأة الضمان الإجتماعي والصحي والمقومات الأساسية للعيش حياة حرة كريمة تؤمن لهم الدخل المناسب , والسكن الملائم وان تعالج مشاكل المرأة بشكل علمي وببرنامج واضح. إنها الثمرة الطيبة التي تنجب عماد المستقبل وتنشا الجيل الواعي لترضعه حب الوطن وتزرع فيه الوطنية الصادقة .. ولاننسى قول الشاعر : "الأم مدرسة إذا أعددتها .. أعددت شعباً طيب الأعراق".