البداية كانت في منطقة السيدة زينب وتحديدا بالقرب من مسجد السيدة.. كان المشهد مفزعا عندما وصلنا وجدنا تجمعا من المتسولين يفترشون الأرض ويأخذون اماكنهم امام الأبواب المختلفة للمسجد. وعندما يهم المصلي بالخروج من المسجد تكون المفاجأة يتجمع حوله المتسولون ويبدأون في الدعاء له ولأسرته بأدعية مختلفة. بعض الناس ممن يقبلون علي عمل الخير يندفع لمنح الصدقات للمتسولين والبعض الأخر ينصرف لحال سبيله غير عابيء بهؤلاء.. وامام بوابة المسجد كانت تجلس سيدة تفترش الأرض اقتربنا منها واعطيناها جنيها فبدأت الدعوات تنهمر علينا كالسيل وبعد ان انتهت السيدة من وصلة الدعاء التي تحفظها عن ظهر قلب سألناها لماذا تفعل هذا؟.. نظرت الينا بحدة وقالت انها سيدة مريضة وتنفق علي نفسها وأطفالها اليتامي تركناها وانتقلنا لمكان اخر.وفي وسط البلد امام محطة مترو جمال عبدالناصر وجدنا رجلا يفترش الأرض ويستجدي المارة ممددا قدماه بحجة انه يجمع ثمن تذكرة القطار حتي يتمكن من العودة لبيته.وامام دار القضاء العالي وجدنا سيدة اخري تسير علي عكاز تحمل حقيبة بها بعض التقارير الطبية والشهادات المرضية تقوم بعرضها علي المارة وتطلب منهم بعض النقود من اجل استكمال ثمن العلاج.. ولكن عندما اقتربنا منها لاحظنا انها ترتدي ملابس عادية ولايبدو عليها الانكسار أو الحاجة.اما أغرب مشهد فكان في شبرا متسول يدعي ان قدمه مبتورة وفي نهاية اليوم بعد ان ظلت الكاميرا تراقبه وجدناه يشير الي تاكسي لينتقل الي مكان اخر. الحملات مستمرة اللواء ابراهيم سعيد مدير الادارة العامة لمباحث الأحداث سابقا بدأ كلامه معنا قائلا: للأسف أصبح للتسول الآن اشكال والوان ومباحث الأحداث تحارب التسول باستمرر فهناك التسول المعلن وفيه يستجدي المتسول المارة للحصول علي بعض النقود مقابل بعض الدعوات التي يرددها المتسول باستمرار.. وهناك التسول السنوي او الموسمي وهو الذي يمارس التسول في المناسبات الدينية مثل شهر رمضان والعيدين وشم النسيم وهذا النوع من المتسولين يختفي تماما بعد انتهاء الموسم بعد ان يكون قد حقق ربحا طائلا وهناك ايضا التسول بالاكراه وهو اكراه الأطفال الصغار علي ممارسة التسول لحساب أشخاص اخري وهناك التسول السياحي حيث يقوم المتسول بالتواجد بجوار الأماكن السياحية مثل الاهرامات أو القلعة حيث تكثر فيها حركة المارة والزيارات والأفواج السياحية.. وهناك اشكال اخري للتسول الخفي مثل مسح السيارات في الاشارات وامام دور السينما وغيرها وهناك مظاهر مختلفة للتسول مثل بيع الورود.وايضا قيام بعض الأشخاص بشراء ملابس عمال النظافة ثم قيامهم بالتنظيف امام المنازل وأمام المسارح علي الرغم من عدم تبعيتهم للمحافظة. مرفوض دينيا أما الدكتورة آمنة نصير عميد كلية اصول الدين السابق واستاذ الفقه بجامعة الأزهر فتقول ان الدين الإسلامي دين العمل فالعمل عبادة ودليل ذلك قوله تعالي: »وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون« والرسول صلي الله عليه وسلم عندما جاء له احد الأشخاص يطلب منه المساعدة المادية رفض الرسول صلي الله عليه وسلم منحه اي نقود بل قام باعطائه بعض الخشب وقال له توجه الي السوق واحتطب وكل من عمل يدك كما ان سيدنا عمر عندما دخل المسجد ووجد بعض الأشخاص يجلسون في المسجد سألهم عن العمل فقالوا نحن المتوكلون فقال لهم لابل انتم المتواكلون. فانا اعمل واصلي واصوم واقوم الليل في اشارة الي ان العمل عبادة. شخصية مريضة! أما د. سيد صبحي استاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس فبدأ كلامه قائلا: ان التسول له أسبابه الخاصة التي تدفعه لهذا العمل فمنهم من يفعل هذا بالوراثة واخرون يتخذونها وسيلة سهلة لكسب المال وهكذا واحيانا نجد الفقر هو الذي يدفع بعض الناس للتسول وايضا البطالة والتفكك الأسري، اي بمعني ادق ان هناك ظروفا اجتماعية قد تدفع الشخص للتسول ولكن الخطير في الامر ان هناك متسولين من حاملي الشهادات الجامعية واحب ان اوضح ان المتسول هو شخصية مريضة موجودة في كل المجتمعات وعلاجها هو النهوض بالمجتمع من خلال توفير فرص العمل والاهتمام بالأسر الفقيرة وتوعيتهن.. حتي لانخلق جيلا جديدا من المجرمين امثال التوربيني.