انقضي شهررمضان الكريم بروحانياته من صيام نهاره وقيام ليله ومن المعروف أن أهم شروط الصيام أن يصوم المسلم عن كل ما حلل الله من الطعام والشراب والمعاشرة الزوجية ومادمنا صمناعن الحلال فإنني أتمني أن نكون قد صمنا عما حرم المولي عز وجل من غيبة ونميمةوكذب وشهادة الزور والكل يعرف الصغير والكبير.. الجاهل والمتعلم أن هذا الشهر الكريم به ليلة خير من ألف شهر هي ليلة القدر.. لذلك يجتهد المسلم بالكثير من الطاعات.. ويكثر من الدعاء وبالذات في العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل.. واتمني من العلي القدير أن يكون قد استجاب لدعاء من دعاه وتقرب إليه بالنوافل والطاعات.. وقد دونت بعض الملاحظات ورصدت بعض الظواهر التي تستحق التوقف عندها والتنويه عنها، فعلاوة عن المساجد التي امتلأت كعادة الشهر الكريم بالمصلين في صلاة العشاء والقيام فإنني لاحظت وجود الكثير من الاطفال مع أهلهم يؤدون الصلاة ويبتهلون بالدعاء في مشهد جميل ووجدت بعضهم يحرص علي صلاة الفجر جماعة في المسجد.. واتمني أن يستمر هذا المشهد باقي شهور السنة.. فرب رمضان هو رب شوال وذي القعدة وباقي الشهور الأخري وإذا كان البعض يحرص علي صلاة العصر في مسجد السيدة نفيسة والبعض الآخر يفضل صلاة الفجر في مسجد الإمام الحسين.. فإنني لاحظت أن بعض المساجد الصغيرة بدأت تكتسب شهرة وبالذات خلال شهررمضان كهذا المسجد الموجود بمنطقة الطالبية بشارع الملك فيصل بالجيزة.. حيث تحرص اعداد غفيرة من المصلين يأتون من أماكن مختلفة للصلاة في هذا المسجد الذي يمتلأ عن آخره بالمصلين إلي جانب المئات الذين يصلون خارج المسجد وربما يرجع السر في ذلك إلي الإمام الشاب صاحب الصوت الجميل في تلاوة القرآن والدعاء .. وكلما كانت تلاوة الإمام صحيحة وصوته جميل زاد تدبر وخشوع المصلين.. وربما كان ذلك سببا في شهرة بعض الأئمة وذيوع صيتهم مثل الشيخ محمد جبريل الذي كان يؤم المصلين في أحد المساجد الكبري بالقاهرة وكان لصوته الجميل ودعاء ختم القرآن بطريقة مؤثرة الأثر الاكبر في شهرته وقد سجل الشيخ جبريل هذا الدعاء في شريط كاسيت وطرحه في الأسواق وحقق أرقاماً فلكية في مبيعاته وقد تزامن طرح شريط الشيخ جبريل مع وقوع الزلزال عام 1992 والحالة الايمانية التي خلفها وقوع الزلزال في نفوس المصريين في انتشار الشريط واقبال المصريين عليه ، الآن أصبح الشيخ محمد جبريل نجما يتنافس الأفراد والشركات علي دعوته وحجز موعد مسبق معه لإمامة المصلين في صلاة العشاء والتراويح في أماكن مختلفة من مدينة السادس من أكتوبر إلي بولاق الدكرور والعمرانية وأماكن أخري!! أنا لا أحسد الشيخ ولكنني أرصد ظاهرة موجودة علي أرض الواقع واعتقد أن الشيخ نفسه يوافقني علي ذلك! لاحظت أيضا أن هذا الشهر الفضيل ينفرد عن باقي شهور السنة في كثرة أعداد المتسولين! حيث تمتلأ الشوارع والميادين وإشارات المرور بأعداد غفيرة منهم تجلس علي المقهي، تجد العشرات من المتسولين يمرون عليك هذا يربط ذراعه وهذه تحمل طفلاً وأخري تضع واحداً علي كرسي متحرك يدعي المرض ! والجدير بالملاحظة أن بعض هؤلاء المتسولين يتمتعون بصحة جيدة.. ولا أبالغ إذا قلت إنني صادفت واحداً منهم يمكنه جر عربة، والغريب أنك إذا قلت لأحدهم لماذا لاتعمل مادمت قادراً علي العمل.. أشاح بوجهه عنك ومضي في طريقه! طبعا لأن العمل لايحقق الأرباح الكبيرة مثل التسول! وأنا شخصياً أعرف إحدي المتسولات منذ أكثر من عشرين عاما هي فترة اقامتي في منطقة الملك فيصل، والغريب والمثير في الأمر أنني كلما رأيت هذه السيدة أجدها حاملاً! الظاهرة الأخري التي رصدتها وربما لاحظها آلاف غيري.. هذا الكم غير المسبوق من المسلسلات التي يذيعها التليفزيون المصري والتي يقدرها البعض بأكثرمن خمسين مسلسلاً.. ويقال إن التليفزيون المصري دفع 17 مليون جنيه لشراء أحد هذه المسلسلات علي شاشاته! وكل المسلسلات تدور حول المخدرات والثأر والجاسوسية! وكلها مط وتطويل من أجل اكمال الشهر الكريم وأيام العيد الثلاثة! وكله علي حساب صاحب المحل! وكله كوم والبرنامج الذي تقدمه إحدي قنوات التليفزيون المصري والذي يمكن أن نسميه البذيئة بدلا من اسمه الأصلي! وإذا كان المحامي العام قد أحال أحد المحامين إلي محكمة الجنايات لتحرشه بإحدي الفتيات في شوارع مصر الجديدة في نهار رمضان! فلماذا لايحيل أصحاب مثل هذه البرامج التي تتنافي مع عاداتنا وقيمنا وتقاليدنا وتتنافي تماما مع القيم والروحانيات التي يحث عليها هذا الشهر الفضيل وكم من الجرائم ترتكب باسم الحرية والتقليد الأعمي للغرب! نجاح الصاوي