بالصور.. رئيس حي الهرم يقود حملة مكبرة علي محطات الوقود والمواقف بالجيزة    زيلينسكي يبحث في الولايات المتحدة المشروعات المحتملة لدعم قطاع الطاقة الأوكراني    "الكرملين": بوتين أوضح لترامب موقف روسيا بشأن تسليم صواريخ "توماهوك"    سلوت يتحدث قبل مواجهة مانشستر يونايتد بالدوري    الزراعة: ضبط 224 طن لحوم ودواجن وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي    نجمات تتزين بأقراط كبيرة الحجم ب"ريد كاربت" مهرجان الجونة.. شياكة وأناقة    الاتصالات والسياحة توقعان بروتوكولين لرقمنة التراث المصري ورفع كفاءة خدمات الاتصالات بالمواقع الأثرية    الصحة: رؤية إنسانية جديدة فى المؤتمر العالمى للصحة والسكان والتنمية البشرية    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة مرسى مطروح لانتخابات مجلس النواب 2025    كريم بنزيما يقود اتحاد جدة لاستعادة التوازن أمام الفيحاء في دوري روشن السعودي 2025-2026    زيدان: «نقل الآثار عملية ليست سهلة» وفريق متخصص لنقلها للمتحف المصري الكبير    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب مقاطعة "ايلوكوس نورت" الفلبينية    تعرف على الحالة المرورية اليوم الجمعة 17-10-2025    رحيل الفنان أشرف بوزيشن.. صاحب البصمة المميزة في سينما عاطف الطيب ودراما «علاقة مشروعة»    أحمد غنيم يكشف استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير: سيكون مفاجأة    اليوم.. قصور الثقافة تحتفل بتخرج دفعات جديدة من مركز تنمية المواهب بالمنوفية والغربية    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 17اكتوبر 2025فى المنيا.....اعرفها بدقه    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    موعد مباراة الزمالك ضد ديكيداها الصومالي فى كأس الكونفدرالية الأفريقية    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    مزايا حساب "فايدة بلس" من البنك الأهلي    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    طقس اليوم.. خريفي ونشاط رياح وأمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 29 درجة    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الأزهر الشريف بالقاهرة (بث مباشر)    كريم وليد: صعب أنتقل للزمالك.. كولر مدرب عادل وموسيماني لم يتحمل الضغوط    محمد صلاح يقترب من إنجاز تاريخي أمام مانشستر يونايتد    استشارى تغذية: الثوم على الريق يسبب قرح المعدة    العمل: 2914 فرصة عمل جديدة في 72 شركة تطبق الحد الأدنى للأجور    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 بعد ارتفاع 60 جنيهًا ل عيار 21    معهد بحوث الإلكترونيات يستقبل وفدًا صينيًّا رفيع المستوى لتعزيز الشراكة    السوبر الأفريقي.. موعد مباراة بيراميدز ونهضة بركان المغربي    جامعة قناة السويس تطلق دورة تدريبية لمواجهة الأزمات والكوارث بالتعاون مع "الكشافة الجوية"    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    الطفولة والأمومة ينعى الأطفال ضحايا حادث التروسيكل بأسيوط    إطلاق قافلة زاد العزة ال52 إلى غزة بحمولة 4 آلاف طن مساعدات غذائية    تأسيس لجنة عمل روسية - مغربية بين وزارتى الشؤون الخارجية بالبلدين    باكستان تعلن إحباط هجوم انتحارى وتصفية 4 مسلحين    حقيقة ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة بسبب إعمار غزة    مارشال صاحب فيديو كلب الأهرامات يشارك فى مظلات الباراموتور بالأقصر.. فيديو    الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين لانتخابات النواب بالأقصر    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    زيلينسكي يصل إلى واشنطن لإجراء محادثات    حمزة نمرة: وفاة والدتي في التاسعة من عمري أورثتني القلق.. وقضيت عاما كاملا أنتظر معجزة لشفائها    أشرف زكي: لا يوجد أي منصب في الدنيا يجعلني أترك النقابة.. والاستقالة لسبب داخلي    أطعمة طبيعية تساعد على خفض الكوليسترول في 3 أشهر    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في «قباطية» جنوب جنين    «أفضل لاعب في مصر بمركزه».. فاروق جعفر يتغزل ب نجم الأهلي    الداخلية تكشف ملابسات واقعة فيديو «التوك توك» بملابس خادشة للحياء    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجل الذي لم يذبح زوجته!
نشر في أخبار الحوادث يوم 11 - 08 - 2010

شاهدته في الرابعة فجراً خارج مطار القاهرة.. كانت المسافة بيني وبينه لا تسمح بالنداء عليه أو الذهاب إليه، خاصة أنني كنت علي سفر!
هو صديق ازدهرت علاقتي به منذ الطفولة، لكن كان الزمن يفرق بيننا فترات ويجمع بيننا فترات أخري، إلا أن آخر لقاء كان أخطر ما في علاقتي به عبر السنوات الطويلة، فقد زارني »وليد« قبل ستة أشهر في مكتبي، وما أن جلس وفتح حقيبته حتي أخرج منها حقيبة أخري أصغر حجماً، نظرت إليه متعجباً من الطريقة التي بدأ بها اللقاء، خاصة أن أنفاسه كانت تتلاحق، وجهه ذابل، يتنهد بحرقة، نظراته مهزومة ومنكسرة وفيها ذل يحاول إخفاءه!
فتح »وليد« الحقيبة فإذا بها تحتوي علي سكين يلمع نصله وورقة طويت أكثر من مرة.. وصورة له.. وصورة لسيدة عجوز!
قبل أن أسأله، بادرني هو يؤكد لي أنه اختارني لأكون أول من يكتب قصة جريمته في الصحافة المصرية! وأضاف أنه جهز لي صورته حتي لا أبحث عن صورة تنشر مع الموضوع، وأن داخل الورقة رسالة اعتذار لشقيقته التوأم التي تربطها به علاقة حب غير مسبوقة! ثم أضاف وليد مشيراً إلي صورة السيدة العجوزة قائلاً: ».. وهذه أمي التي من أجلها قررت ارتكاب جريمتي!«.
اعتقدت أن صديقي يمزح، أو في لحظة غضب عارضة، أو أعد لي مقلباً من مقالبه الشهيرة، لكنه ما أن بكي وأخفي وجهه بين يديه حتي أدركت أن وليد في منتهي الجدية ويمر بظروف صعبة قهرت ابتسامته وهدوئه واتزانه! هدأت من روعه حتي بدأ يتكلم ويحكي مأساته مع زوجته سليطة اللسان، بذيئة الألفاظ، سوداء القلب، قليلة الحياء!
وراح صديقي يستطرد في حكايات أشبه بحكايات أمنا الغولة، وينسبها إلي زوجته.. وكانت بعض هذه الحكايات تستفزني شخصياً مما دفعني إلي مقاطعته:
لماذا لم تطلقها.. وتبعد عن الشر؟!
ورد في صراحة يحسد عليها:
سوف تصيبني عقدة طوال حياتي من أن امرأة دمرت حياتي، فأنا كتبت كل ما أملك باسمها حتي شقة الزوجية.. ومعني طلاقي لها أن أعيش في الشارع وتتزوج هي بالمال الذي كسبته بعرق جبيني وفي الشقة التي تأويني أنا وأمي العجوز.. ثم انني تعودت معك الصراحة.. أنا لازلت أحبها.. ولن أطيق رؤيتها زوجة لرجل آخر.. لقد قررت أن أقتلها وأستريح.. لقد أهانت أمي قبل أيام حينما نصحتها بألا تخرب بيتها بيديها! ساعتها اتخذت القرار بشكل حاسم ولن أتراجع عنه!
كان صوته يختنق.. وصدره يعلو وينخفض.. ودموعه تأبي أن تتوقف! وتركته حتي يلقي البركان بكل ما فيه وتنطفئ نيرانه.. لكنه سلمني صورته وصورة أمه ورسالة الاعتذار ثم أعاد السكين إلي حقيبته مؤكداً أنني لابد أن أعمل بالعيش والملح واحترام صداقتنا.. وأنشر مآساته كما حكاها لي وليس من محضر الشرطة كما اعتاد محرروا الحوادث!
اصطحبته للغذاء في أحد المطاعم ورحت أداعبه:
ومتي سترتكب الجريمة؟!
هي الآن في بيت والدها غاضبة.. سوف أدوس علي كرامتي وأتنازل عن كبريائي وأذهب لمصالحتها حتي تعود معي.. وحينما تأتي للبيت مرة أخري سوف تسمع الخبر.. إن لم تصدقني الآن.. سوف تعرف كم كنت جاداً معك وأنت تكتب جريمة الزوج الذي ذبح زوجته وهي نائمة!
حاورته طويلاً، لكنه ظل صامتاً حتي انتهي لقاؤنا الأخير وهو في غاية الإصرار علي موقفه! انصرف.. وعدت إلي بيتي أفكر: هل أخبر زوجته بألا تعود إليه؟! لكنني لا أعرف عنوان أسرتها ولا حتي اسمها أو شكلها، ثم أنني لو توصلت إليها ربما سببت لصديقي ورطة قد تعصف به!! هل أبلغ الشرطة؟! وماذا يمكن أن تفعل الشرطة ازاء جريمة لم تقع بعد؟! الحقيقة أنني قررت ألا أتخذ أي موقف تجاه صديقي وضميري مرتاح فقد كانت آخر نصيحة سمعها مني أن يطلقها ويسرع بالزواج من غيرها، فأسهل الطرق لنسيان امرأة، الوقوع في حب امرأة أخري!
مرت عدة أشهر.. وكلما سمعت عن جريمة زوج قتل زوجته انقبض قلبي، وتخيلت أنني سأسمع اسم وليد وأعرف لأول مرة اسم زوجته القتيلة! لكن لم يحدث هذا حتي شاهدت وليد أمام مطار القاهرة الجديد يركب تاكسي العاصمة وبصحبته امرأة مبهرة الجمال! ولأن موعد طائرتي اقترب فقد دخلت مع أسرتي إلي المطار للبدء في إجراءات السفر، إلا أن صورة وليد ظلت تطاردني وهو بصحبة هذه الحسناء يفتح لها باب التاكسي.. المؤكد أنها زوجته الجديدة وأنه عمل بنصيحتي فقررت أن أتصل به في فترة انتظار التوجه إلي الطائرة.. أمسكت بالموبايل وطلبته.. رد بصوت ترقص فيه الفرحة.. هنأته بزوجته الجديدة.. لكنه ظل يضحك بصوت مرتفع ثم همس لي بصوت خفيض:
هاكلمك بعدين!
انتهت المكالمة.. وبدأت رحلتي إلي الأراضي المقدسة.. وبعد ثلاث ساعات وبينما تطأ قدماي مدينة جدة، وبعد أن فتحت الموبايل جاءني صوته يحكي لي عن ما وصفه بالمعجزة.. قال وليد:
عملت بجزء من نصيحتك.. طلقت نبيلة.. لكنني لم ألجأ لنسيانها بامرأة أخري، وإنما لجأت إلي الله.. هذه كانت نصيحة شخص آخر! سافرت لأداء العمرة ووقفت أمام باب الملتزم بالكعبة المشرفة، وانهمرت دموعي أشكو إلي الله قلة حيلتي وهواني علي الناس، وعلي من كانت زوجتي! وعملاً بآداب هذا المكان الطاهر لم يخرج من لساني أي دعاء عليها.. لم أطلب من الله أن ينتقم منها.. وإنما دعوت لها بالهداية! وأن يخفف عني توابع هذا الطلاق ويرحمني مع من يرحم من عباده! ظللت متعلقاً بأستار الباب، والكعبة، ونسيت نفسي في لحظات الخشوع والذل لله!
ويستطرد وليد قائلاً.. والدهشة تأخذني يميناً ويساراً:
شعرت براحة نادرة، وسكون كنت قد أشد الحاجة إليه، وبدأت حكايتي مع نبيلة تتراجع وتنحسر وقد تفرغت للعبادة، وكانت المفاجأة التي لم تخطر لي ببال.. رن تليفوني.. وفوجئت بنبيلة علي الطرف الآخر من المكالمة.. احتبس صوتي، وطالبتني هي بألا أتكلم وأن أسمع ولا أعلق.. وراحت تخبرني بأنها راجعت نفسها وندمت علي ما فعلت وأنها مهما اعتذرت لي ولأمي فلن تسامح نفسها! وبكت وهي تتوسل لي وترجوني أن أمنحها فرصة أخيرة لنعيش معاً وتعوضني عن سنوات العذاب بأجمل ما يمكن أن تمنحه زوجة لزوجها!
سألتها عن سر هذا التغير المفاجئ؟ فقالت: إنها لا تدري ماذا حدث، فقد استيقظت الليلة السابقة علي أذان الفجر وشعرت لأول مرة برغبة صادقة في الصلاة، وبينما تختم الصلاة علي سجادتها التي كانت من قبل قطعة من الديكور، إذا بشريط حياتها الزوجية يمر أمام عينيها حتي خجلت من نفسها!
كان وليد في غاية السعادة وهو يحكي لي كيف تلقت نبيلة خبر وجوده في مكة كمفاجأة لم تتوقعها، فقد كانت تظنه يحاول نسيانها في أحد البارات!! وبمجرد علمها بموعد وصوله، انتظرته بصالة الاستقبال حتي أنهي إجراءاته وخرج إليها لتقابله بعناق طويل!
المفاجأة التي لم يتوقعها وليد أنني أخبرته حينما دعاني لزيارته في بيت الزوجية مساء نفس اليوم بأنني أحدثه من مكة المكرمة! هنا صاح صديقي مكبراً ومهللاً يدعوني ألا أنسي الوقوف بباب الملتزم والدعاء أمامه بما شئت، فهو الباب الذي تتحقق عنده المعجزات مثلما تحققت معجزة عودة نبيلة إلي عقلها وبيتها!
داعبتني هذه الحكاية طويلاً وأنا أجلس إلي جوار صديق العمر وزميلي في بلاط صاحبة الجلالة خالد شحاتة في رحلتنا من جدة إلي مكة.. سألني خالد أكثر من مرة:
سرحان في إيه؟!
وكنت أرد عليه: في الدنيا يا أبو ريهام!
والحقيقة أنني كنت سرحان في باب الملتزم.. أحسست بشوق بالغ للتعلق به وأن ألمسه بيدي وأدعو أمامه بأن يحسن الله ختام حياتي.. لكن لازال الطريق طويلاً فنحن سوف نصل أولاً إلي مدينة النور المحمدية ونقضي فيها أياماً قبل أن نغادرها إلي مكة مدينة الرهبة الإلهية.. وما بين المدينتين المحرمتين كانت أيام لا تنسي..!
نلتقي الأسبوع القادم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.