كنت قد كتبت في هذا المكان قبل أسبوعين، هذه الحملة الشرسة التي يشنها الاخوان علي الاعلام والصحافة، وهي الحملة التي بدأت بوصف المرشد العام للاخوان، للصحافة والاعلام بأنهم شياطين والعياذ بالله! وتواصلت الحملة واشتدت علي نحو منظم، فتم أولاً تغيير القيادات الصحفية في الصحف القومية لأخونة هذه المؤسسات القومية. ثم بدأ الضرب تحت الحزام، فالسيد عصام العريان يتهجم علي المذيعة جيهان منصور ويتهمها بالعمالة علناً. والسيد عابدين وزير التنمية الادارية يشخط وينظر ويغلق التليفون في وجه بنت الأصول ريم ماجد، وانتهت الملهاة بمشهد يعيد الي الاذهان ما كان يفعله النظام السابق، عندما وقف رئيس الجمهورية بنفسه في اسيوط يلوح بذمة رجال الاعمال المالية، ويخص بالذكر اولئك الذين يملكون قنوات فضائية! ولم يستغرق الأمر إلا أيام قليلة جدا، وأخرج وزير الاعلام من جراب الحاوي ورقة كاذبة، بموجبها أنذر قناة دريم أن عليها أن ترحل خلال أربعة أيام وتبث ارسالها من استوديو داخل مدينة الانتاج الاعلامي، بينما هي تبث من استوديوهاتها في دريم لاند علي مدي عشر سنوات وفقاً لاتفاق سابق مع وزير الاعلام الأسبق! الطبخة حمضانة اذن ورائحتها تزكم النفوس، وورقة وزير الاعلام الحالي غير قانونية علي الأقل، فهناك مع صاحب دريم اتفاق آخر موقع من وزير الاعلام الأسبق! وهكذا فالمعروف للكافة أن المسألة اضرب المربوط يخاف السايب، أي ارهاب الاعلام والصحافة، مثلما كان يفعل الأستاذ صفوت الشريف بالضبط في أزهي عصور الديمقراطية التي عشناها جميعا! الاخوان والحرية والعدالة ورئيس الجمهورية كلهم يصفون حسابهم مع وائل الابراشي الذي يصفونه بأنه سليط اللسان، وجيهان منصور التي أصرت علي رفع دعوي ضد عصام العريان لتهجمه عليها علنا، وطريقة تصفية الحساب واضحة: نخرج من الجيب السحري أي ورقة نلعب بها، فنوقف القناة والبلد بلدنا ونستطيع أن نفعل أي شيء! الطبخة حمضانة جدا، وحسني مبارك امضي ثلاثين عاما يكذب، وفي أيام قليلة أنهي المصريون حكمه واسقطوه سلميا ! دروس التاريخ قريبة جدا، وإذا لم يتعلم منها الاخوان، فإن هناك مخاطر شبه مؤكدة تلوح في الأفق! بقي أن أشير إلي موقف الدكتور محمد البلتاجي الأخير، ووفقاً لما نشرته الصحف، فقد تحدث هو في مؤتمر شعبي ببني سويف هاجم خلاله الصحفيين والاعلام عموماً، بل ووصفها بالمسئول الأول عن كل الكوارث. ولما كان البلتاجي تحديدا يعلم بالتأكيد أن الصحافة والاعلام لعبت دورا بالغ الأهمية في الثورة وبعدها، ومازالت تلعب هذا الدور مهما ضيق وحاصر وارهب الاخوان، فإن هذا معناه أن البلتاجي قرر أن يكشف القناع وينضم للجوقة، خصوصاً وأنه كان حريصاً قبل وبعد الثورة علي الاحتفاظ بعلاقات سياسية جيدة مع كل أطياف القوي السياسية، ممن وقفوا معه ووقف معهم في معركة الميدان ومابعدها! كنت اتمني ألا يسقط القناع عن البلتاجي (بالمناسبة أنا لا أعرفه ولم أره في حياتي، لكنني كنت أتابع كتاباته ومواقفه، كنت اتمني أن يكون الرجل الأخير العاقل في الاخوان، لكنه للأسف انتقل إلي موقع آخر، فإلي الأمام يا دكتور بلتاجي!