علي مدار يوم كامل عايشت أخبار »الحوادث« مأساة مواطنة مصرية تعاني الاهمال وعزوف الناس عنها بسبب مرض مناعي نادر ومجهول علي مدار عمرها 49 عاما هدي التي تبحث دون جدوي عن علاج لمرض جعلها مأساة حقيقية بكل المقاييس، تعيش هدي بمنطقة سيدي عمر بمدينة دمنهور عاصمة البحيرة في أكبر شارع بالمحافظة يختلط به أصحاب الملايين بأصحاب الملاليم وفي احدي الأزقة بمنطقة سيدي عمر تقطن هدي التي تعتبر نفسها في تعداد المنبوذين بل الموتي، لقد سقطت هدي من ذاكرة المسئولين والسياسيين وطالبي الشهرة والمجالس النيابية فعندما تقترب من المنزل من الوهلة الأولي تنبض مشاعرك بالرهبة والخوف من المجهول فلا يتخيل أي عقل أن منزلها تحول الي مأوي للحشرات والقوارض.. هكذا هي حياة هدي التي تعاني بلا مأوي بلا طعام بلا علاج وكأنه ليس هناك مسئول عن مأساتها المرضية فهي تعيش حياة بلا آدمية فعندما تراها من ظهرها تشعر كان عمرها لا يتجاوز العشرينات لكن عندما تقترب من وجهها تصير أمام امرأة عجوز حملت في تجاعيد وجهها آلاف السنوات مما جعلها تفقد احساسها بالحياة الطبيعية.. أخبار الحوادث عاشت بضع ساعات من آلام ومأساة هدي.. مأساتها تكمن في ابتعاد أشقائها عنها وهم شقيقان وأخت الذين لا يبعدون عنها سوي أمتار قليلة ولم يحن قلب أحد منهم تجاه شقيقتهم الصغري ومساعدتها للخروج من عزلتها المميتة.. تحدثت هدي شحاتة النوام من واقع بطاقتها الشخصية فهي من مواليد 10/3/1963 تبلغ من العمر 49 عاما وأكدت أنها لم تتلق أي نوع من التعليم وكانت تتمني أن تتعلم قواعد الكتابة والحساب كي تندمج في المعاملات اليومية في المجتمع من حولها وبفطرية شديدة وعفوية بدأت تسترسل حديثها معنا وقالت انها حرمت من ممارسة الحياة الطبيعية كأي فتاة بسبب مرضها واستمر هذا الاحساس بالحرمان معها منذ نشأتها حتي تفجرت فيها أحاسيس حزينة عند زفاف أختها أبدا كأي فتاة لها الحق في الزواج وتكوين أسرة وقالت أنها تتجه للعزلة خوفا من جرح مشاعرها وسبب عزلتها البعد عن النظرات الجافة والجارحة لأنها اعتبرت نفسها كائنا شاذا ليس من حقه أن يحيا في مجتمع ينفر من الشيء الغريب وكانت دموعها تسبق حديثها وبعفوية شديدة مسكت قلبها وقالت (أنا موجوعة) فيملأني الوجع والألم. التطعيم شوهني وقالت: أن مرضي كان الحاجز بيني وبين حقوقي الطبيعية لأي انسان.. فهي تستيقظ الساعة الحادية عشرة صباحا ألا أن يومها بالخارج يبدأ من الثانية ظهرا ما بين الطبيب والصيدلية والحصول علي قوت يومها كل هذا لا يستغرق أكثر من ساعتين ثم تعود الي منزلها هربا من نظرات البشر حولها استكملت احدي جيرانها التي رفضت ذكر اسمها والتي تعتبر الأسرة البديلة لها وحدثتنا عن ظروف حياتها أن هدي منذ لحظة اليوم الثاني من ميلادها منذ أن تم تطعيمها بالطعم الوقائي لشلل الأطفال وحين ذلك ارتفعت درجة حرارتها لأقصاها فحملتها والدتها علي أكتافها لأكثر من طبيب عندما فوجئت ببعض التغييرات علي وجهها أشبه بالتشوه ولكن سرعان ما انتشر المرض والتشوه بكامل وجهها وجسدها وكانت أسوأ حالا من الآن فمنذ تلك اللحظة ووالديها يحملونها علي أكتافهم ذهابا وإيابا ما بين القاهرةودمنهور لايجاد حل لغز مرضها علي مدار 49 عاما ولم يتم التعرف علي نوع وصفة المرض الذي يحمله جسد هدي وأكثر ما عانت منه هدي ما بعد فراق والديها وبعد أشقائها عنها الذين لم يبالوا أن لهم لحما وعرضا يعاني من خبطات الزمن وقهر الدهر.. لا يعلمون هل هي بحالة نفسية جيدة أم لا.. هم لا يعلمون عنها شيئا اطلاقا رغم قرب المسافة بينهم وبينها فكلنا كجيران في الزقاق لا تغفل أعيننا حتي نطمئن علي هدي خاصة في اليوم الذي تذهب فيه للطبيب لأنها بطبيعة الحال ضعيفة النمو فهي تأخذ محاليل يوميا وحالتها متقلبة وتسوء كثيرا في بعض الأوقات ونحن كجيران لها نحاول التخفيف عنها كأننا أهلها الذين فقدتهم ولا ترغب في سماع أسماء أشقاء كما نوهت جارة أخري لهدي أن لا أحد من المسئولين والمرشحين للانتخابات قد مد لها يد العون والمساعدة ولا يبالي أحد لحظة أن يطرق بابها ويسد جوعها ومرضها ثم قاطعتها هدي بالحديث وبتلقائيتها وفطرتها قال أنها تتمني معرفة سر مرضها وان يهتم بها أطباء متخصصون بحالتها ونادت بمطالبة وزير الصحة ورئيس الجمهورية أن يلبي نداءها وهي في حالة بكاء شديد عند هذا الطلب ثم قالت أتمني أن تصل صرختي لرئيس الجمهورية الذي لا أعرفه سوي من خلال السماع عنه ممن حولي أن يعالجني ويعطيني حقي كإنسانة في الحياة حتي لو تطلب اللجوء للخارج فإنني أريد الاندماج بين البشر دون الخوف من الوجه المشوه الذي أشبه بوجه المسخ.. فهل يلبي الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية نداء مواطنة محرومة من أبسط حقوقها في الحياة.. هذه هي مأساة وصرخة فتاة مصرية رجاءها الوحيد أن تذهب الي العمرة مستجيرة بالله عسي أن يتبدل حالها خيرا ويحس بها المسئولون بمحافظة البحيرة خاصة وانهم تجاهلوا حالتها، هدي تتمني أن تخرج من دائرة النسيان والنفق المظلم لممارسة الحياة بآدمية كإنسانة لها كيان ومواطنة مصرية لها حق الحياة.