ظلت مصر منذ فجر التاريخ شامخة وابية، صنعت الحضارة قبل ان تعرف الدنيا الحضارة، وبشعبها وجيشها ملئت العالم نوراً وسلاماً وعلماً، لم تنكسر مصر الا بإنكسار جيشها الابي الذى هزم التتار وتصدى للمغول واذل الصهاينة، وفى تلك الفترات الاستثنائية التى تهاوى فيها الدرع وانكسر السيف، استباح العدو الوطنوارتكب الاجانب افظع واقذر الجرائم ضد المصريين، والان جاء وقت الحساب حلقات تاريخية استثنائية بالتعاون مع الدكتور عاصم الدسوقى استاذ الاساتذة فى العلم المعاصر العثمانيون يطعمون الكلاب والذئاب ب 10 الاف قتيل مصرى اتفتحت للدولةالعثمانية كنوز الارض بمصر فأستولوا على القماش والسلاح والخيول والجوارى نصبوا الصوارى واغرقوا الشوارع بأجساد بلا رؤوس ثم خطفوا العمايم وعروا الناس فى الشوارع داسوا على ضريح السيدة نفسية واقتحموا الازهر والمساجد واحرقوا الجوامع ونهبوا مقام الائمة كانت مصر قبل يناير 1517، امبراطورية عظمى، قاهرتها عامرة بأبنيتها الفخمة، وتراثها الفريد، رجالها نخب من السلاطين والمماليك والاطباء والمهندسين والفلاحين والعمال المهره، ونساؤها اميرات ماهرات فى مهن وحرف تجهلها دول الظلام والجوار ايضاً. قلب الدولة فى مصر، وحدودها تمتد الى الشام والعراق والحجاز، تصدر للعالم تعاليم الاديان، وتشع بنور السلام كافة بقاعها، لكن فى ليلة وضحاها تحولت الدولة الى انقاض، وشوارعها الى مقابر جماعية تفوح منها الدماء، وتنتشر فيها الاجساد بلا رؤوس، تأتى الكلاب نهاراً تنهش فى الجثامين، والذئاب ليلاً تلتهم ما تبقى منها. نصبت المشانق، وعلقت الرؤوس على اسنة الرماح، هدمت ابنتيها الفخمة، وسقطت تراثها المعمارى تحت اقدام المحتل القذر، بإختصار وصل احفاد الاتراك العثمانيون الى ارض الدولة المصرية فحل الخراب، وفى رحلة السقوط كانت هناك جرائم ارتكبها العثمانيون ضد المصريين تفوق الوصف والخيال وتقشعر لها الابدان. نعيد التأكيد، لم تستطيع اية دولة التجرأ على مصر الا عندما تهاوى الدرع وإنكسر السيف، ففى عهد المماليك وقبل قدوم العثمانيون استكمل المصريون كعاداتهم وبجيشهم الباسل رحلات الانتصارات فى معارك امبابة والريدانية وحمص الاولى والثانية وخان يونس وديو وشارول وشقحب ومرج دابق والجزندار، وايضاً الإنتصار فى معركة الابلستين، وصد المغول وهزيمتهم وفتح عكا والقبرص وعين جالوت، لكن عندما تهاوى الدرع وانكسر السيف، كان العثمانيون يدقون طبول الحرب على الابواب، ومنها كانت الفاجعة الكبرى كما وصفها المستشرق والمفكر كارل بروكلمان، فى كتابه "تاريخ الأمم الإسلامية"، والمورخ المصرى محمد ابن الياس فى كتابه "بدائع الزهور فى وقائع الدهور"، وتحديداً فى فصله الخامس الذى يتجاوز الخمسمائة صفحة والذى يرصد خلاله جرائم العثمانيون ضد المصريين. نهب المال والعبيد تسلل العثمانيون الى الدولة المصرية عبر جماعات مسلحة، منها من وصل الى اطراف الشرقية وحتى بلبيس، وانطلق منها حتى الخانكة، ومنها من تمكن من الوصول الى اطراف القاهرة، حتى كانت موقعة مرج دابق المخزية، التى إنهار فيها المماليك، واضطر فيها طومنباى الى الهروب بعد ان قتل اغلب رجاله وفر اخرين، وهنا كانت الطامة الكبرى، لينطلق العثمانيون الى الجبل الاحمر لينهبوا كل ما كان فيه من قماش وسلاح وخام وخيول وأبقار وغير ذلك، ثم نهبوا المكاحل التى نصبها السلطان قبل المعركة، ونهبوا معها الطوارق والتساتير الخشب والعربات والبارود، ولم يبقوا شيئاً الا قليلاً. بعدها دخل العثمانيون الى القاهرة وملكوها بالسيف عنوة، وانطلقوا الى حيث بيوت المماليك ينهبون من فيها، ثم صاروا يخطفون الصبيان المرد والعبيد السود، واستمر النهب فى ذلك اليوم الى بعد المغرب، ثم توجهوا الى شون القمح ونهبوا ما فيها ايضاً من غلال. باب زويلة لم يهدأ الاتراك بسرقة اموال المصريين وخرام ديارهم، ففى الليلة الثانية كان سليم الشاه قد وصل الى مصر، ودخل الى القاهرة من باب النصر، وشق المدينة فى موكب حفل، وامامه جتانيب كثيرة وعساكر عظيمة ما بين مشاة وركاب حتى ضاقت بهم الشوارع، واستمر يشق الطريق بهم من المدينة حتى دخل من باب زويلة. وعن سليم شاة، او السلطان وصفه محمد ابن الياس انه درى اللون، حليق الذقن، وافر الانف، واسع العينين، قصير القامة، فى ظهره حنيه، وعلى رأسه عمامه صغيره، ويرتدى قفطاناً مخملاً، وعنده خفة ورهج، كثير التلفت اذا ركب الفرس، وقيل ان له من العمر نحو اربعين سنه او دون ذلك، ولا يعرف عنه سوى انه سيىء الخلق، سفاك للدماء، شديد الغضب، لا يراجع فى القول، الا انه كان ينادى فى القاهرة بالامان، لكن فى الحقيقة كانت جماعته تنهب وتقتل. ابادة 10 الاف كل ما مضى شيىء، وما حدث بعدها شيئاً اخر، حيث صار العثمانية يمسكون اولاد الناس من الطرقات يقولون لهم انتم جراكسة، فيشهدون عندهم الناس انهم ما هم مماليك، فيختار العثامنة البالغين ويلقوا بهم تحت الاسر. ويصف محمد ابن الياس ما حدث فى هذا الوقت، فاتفتحت للعثمانية كنوز الارض بمصر من نهب قماس وسلاح وخيول وبغال وجوار وعبيد وغير ذلك من كل شيىء فاخر، واستولوا على اموال وقماش ما فرحوا به قط فى بلادهم، وبعدها كانت حرب الابادة حيث قطع العثمانية رؤوس العشرات من المماليك، ثم اعتلوا المأذن واطلقوا على الناس بالبنادق الرصاص، ومنها انطلقوا فى الشوارع كالجراد الاسود يقتلون الناس ويفصلون رؤوسهم عن اجسادهم، حتى امتلأت الشوارع بجثث عشرة الاف من المصريين فى يوم واحد، فأصبحت الكلاب تنهش فى الاجساد نهاراً، وتأتى الذئاب ليلاً لتأكل ما تبقى منها، ولم تسلم الا بعض الجثث القليلة من نهش الكلاب واكل الذئاب، عندما كانت بعض الزوجات المصريات ممن استطاعوا الاحتفاظ بقدر من المال بشراء جثث ازواجهن حتى يقومن بدفنهم بشكل ادمى، هذا فى حالة امتلاكهن مقابل، ويصف ابن الباس هذا اليوم قائلاً، فالعثمانية طفشت فى العوام والغلمان والزعر ولعبوا فيهم بالسيف وراح الصالح بالطالح، وربما عوقب من لا جنى، فصارت جثثهم مرمية على الطرقات من باب زويلة.. ولولا لطف الله لكان لعب السيف فى أهل مصر قاطبة". استعباد وغنائم كان العثامنه حسبما وصفهم محمد ابن الياس فى كتابه التاريخى "بدائع الزهور فى وقائع الدهور"، يتعمدون اهانة القوم بخلع العمائم من فوق رؤسهم وتعرية المارة فى الشوارع، حتى وصل الامر الى فرض غرامات على الزواج والطلاق فصار الذى يتزوج او يطلق تقع عليه غرامة، حتى امتنع الناس عن الزواج والطلاق فى العام الاول من وصول العثمانيون الى مصر. وعن النهب والسرقات التى ارتكبها الثمانيون ضد اموال المصريون يقول ابن الياس، أشيع أن ابن عثمان خرج من مصر وبصبحته ألف جمل محملة ما بين ذهب وفضة، هذا خارج عن ما غنمه من التحف والسلاح والصينى والنحاس والخيول والبغال والحمير وغير ذلك حتى نقل منها الرخام الفاخر وأخذ منها من كل شىء أحسن، ما لا فرح به آباؤه ولا أجداده من قبل أبدا، وكذلك ما غنمه وزراؤه من الأموال وكذلك عسكره، فإنه غنم من النهب مالا يحصر". تمادى العثمانيون فى استعباد المواطنين الى اقصى درجة، حتى ان احد القضاة لم يجز او يوافق لاحد العمانية ان يتزوج من امرأة مصرية لم تنقض عدتها، فأشتكاه العثمانى، ليتم استدعاءه ولم يتم قبول عذره، بل بطح وضرب ضرباً مبرحاً، ثم كشف عن رأسه وألبسه عليها كرشاً من كروش البقر بروثه وأركبه على حمار مقلوب وأشهره فى القاهرة. ما فعله العثمانيون فى هذا اليوم وضحاه بإبادة اكثر من عشرة الاف مصرى فى الشوارع والطرقات، وطرق اجسادهم كأطعمه للكلاب نهاراً والذئاب ليلاً، جعل الشيخ بدر الدين الزيتونى يصف ما حدث قائلاً: نبكى على مصر وسكانها، قد خرجت اركانها العامرة، واصبحت بالذل مقهورة، من بعد ما كانت هى القاهرة. فى الحلقة القادمة: غزا العثمانيون مصر بمبررات الدفاع عن الدين الاسلامى الحنيف وحماية الشريعة، تلك حجتهم، لكن ما حدث على ارض الواقع وما سجله التاريخ يؤكد عكس ذلك. نرصد تفاصيل وكواليس إقتحام جامع الازهر، والدهس على ضريح السيدة نفسية، واحراق المساجد وتدمير الجوامع، وحكايات العثمانين السكارى الذين قاطعوا المساجد الا القليل منهم فى صلاة الجمعة، ونهاية طومانباى الذى تخلى عنه القوم عندما طلب منهم العون ليطلب منهم قراءة الفاتحة له ثم يردد بسم الله ويطلب من الجلاد اعدامه.