عاد أحمد من عمله مرهقًا تمدد بجسده علي فراشه ، فجأة اقتحمت أمه حجرته وهي تكتم غيظها قائلة له فى انفعال : يابني لقد تجاوزت الثلاثين من عمرك وأنت تعمل محاسبًا فى شركة استثمارية مشهورة وتتقاضى مرتبًا كبيرًا ، أما آن الأوان لكي افرح بك خاصة أن المرض أنهك والدك وحفرت الشيخوخة ملامحها فى وجهي ، لماذا ترفض الزواج حتى الآن ؟! لم يجد أحمد ردًا سريعًا بعد أن قام من فراشه وتوجه صوب أمه وربت على كتفيها ثم طبع قبلة على وجهها وقال لها قريبًا سأعلن خطبتي على بنت الحلال. انفرجت أسارير الأم وهي تقف مذهولة غير مصدقة لما يقول لأنها تعودت على سماع هذه العبارات منه كثيرًا وقالت له : بجد . أقسم لها بأغلظ الأيمان ثم جلس الاثنان والأم تسمع بإنصات شديد لابنها وهو يحكي لها أنه تعرف على فتاة مثل نجمات السينما ، أنيقة الملبس رشيقة القوام قاطعته بحدة كل هذا لا ينفع المهم طباعها وأخلاقها وأسرتها، فرد الابن مازالت التحريات جارية ثم قالت الأم كيف تعرفت عليها ، فضحك بصوت مرتفع أيقظ والده من نومه بعد جرعة علاج شديدة وأسرع الأب مقتحمًا حجرته قائلا له : ماذا يضحكك يابنى ، فردت الأم : افرح .. ابنك وافق على الزواج وتعرف على فتاة أحلامه وربنا يسهل البعيد مرت عدة أيام وأحمد ينتظر فتاة أحلامه عند خروجها من عملها بإحدى الهيئات الحكومية المرتبطة بعمله اقترب منها سألها عن نفسها فقالت له بخجل إنها من أسرة متوسطة الحال ووحيدة والديها وهي تعمل محاسبة وتعددت اللقاءات بينهما حتى استوى الحب داخل قلبيهما وكان اللقاء الأخير الاتفاق على موعد الخطبة ونزل احمد من سيارته مصطحبًا والده ووالدته وشقيقته الكبرى لإحدى المناطق العشوائية حيث تسكن فتاة أحلامه . جلست الأسرتان تتبادلان أطراف الحديث وتم الاتفاق على متطلبات الزواج وتحدد موعد الزفاف بعد عدة شهور وعاد أحمد لفراشه وهو يحلم حتى خاصم النوم جفونه ، وفى الصباح جاءت الأم مبتسمة وقالت له عروستك رائعة وطيبة القلب فرد أحمد شكرًا يا أمي ثم أكملت الأم حديثها لكن والدتها اعتقد أنها من النساء اللاتي يتمتعن بالقوة والنفوذ فى البيت على العموم ربنا يتمم بخير، ومرت الأيام وتعالت الزغاريد وانتقل احمد إلى عش الزوجية وسارت الحياة هادئة مع زوجته لا ينقصهما شيئا سوى تدخل حماته الدائم واقتناع زوجته بآرائها حتى لو خالفت رأى احمد وأسرته ، لكن أحمد برجاحة عقله كان يلين كثيرًا حتى تمر السحابة بدون افتعال مشاكل ، وذات يوم قرر أحمد أن يفتح مشروعًا استثماريًا صغيرًا مع زميليه بالعمل واقترضوا من البنوك وبدأ المشروع يرى النور وهنا ظهر الشيطان في صورة حماته التي أوعزت لزوجته أن يكتب جزءًا من نصيبه فى المشروع لها خاصة أنها لم تنجب اعتقادًا منها أنه ممكن أن يتزوج عليها وتحول العش الهادئ لشجار ومشاحنات ليل نهار حتى فقد أحمد أعصابه وضرب زوجته ضربًا مبرحًا وعادت لأهلها والدموع تبلل ملابسها واحتضنتها أمها وهى تعنفها أنها كانت مسالمة معه ورفضت أن تعود ابنتها لعشها الهادئ ولم تسمع نصائح والدها الطيب المسالم ورضخت لكلام أمها التى أحست أنها كالقائد المنتصر قائلة لها اصبري وسوف يحضر لك راكعا ، المحكمة هي التى ستجعله يهرول إليك واتصلت بالمحامي زوج خالتها وطلبت منه رفع دعوى طلاق أمام المستشار محمود أبو باشا وعضوية المستشارين أحمد عوض وأحمد عويس بحضور احمد عبد المنعم وكيل النيابة وأمانة سر فتحي عبد الحسيب وتداولت الجلسات والزوجة ترفض فى نفسها ما فعلته أمها لكنها لم تتعود أن تعصي لها أمرًا ويوم جلسة النطق بالحكم حضر الزوجان أمام المحكمة لم يجد أحمد ما يقوله بينما الدموع غطت وجه زوجته وفى نهاية الجلسة تصالح الزوجان وعندما همت الزوجة أن تركب السيارة مع زوجها نظرت لها أمها باشمئزاز وغيظ مكتوم فأسرعت الزوجة لتضع قبلة على وجهها قائله لها أنا حامل ياماما.