ما تشهده الأسواق المصرية حاليا من انفلات أسعار كافة السلع والخدمات المستوردة والمحلية عقب قرار تعويم الجنيه، يؤكد وجود خلل في منظومة التجارة الداخلية، يتعين الإسراع في إصلاحه، ويؤكد أيضا غياب الآليات الرادعة التي تحمي المنافسة وتواجه الممارسات الاحتكارية الضارة بالمنافسة، وتغول القوي الاحتكارية في السوق بالمضاربة وحجب السلع وإخفائها، وتعطيش الأسواق، ثم عودة ظهور السلع بأسعار مضاعفة، وهي ممارسات احتكارية ضارة بالمنافسة، تعطل آليات السوق والعرض والطلب.. فأزمة السكر واختفاؤه وتضاعف أسعاره أحد أبرز الأمثلة، فاقتصاد السوق وسياسات التحرير الاقتصادي، لاتعمل بكفاءة إلا في وجود الآليات التي تكفل حماية المستهلك، فالاقتصادات الرأسمالية المتقدمة، تتوافر لديها آليات عديدة تحمي المنافسة، وهذا يعني ضرورة إعادة النظر في قانون حماية المنافسة، وتغليظ العقوبات الرادعة، إلي جانب تفعيل قانون حماية المستهلك، وتقوية دور الأجهزة الرقابية في متابعة الأسواق.. إلي جانب الدور الحاسم لجمعيات حماية المستهلك في الاقتصادات المتقدمة، والإعلان الدوري عن الأسعار الاسترشادية للسلع والخدمات، وتشدد علي أن يكون هناك »هامش ربح» وليس مضاربة وجشعا واستغلالا وتطبيق العقوبات الرادعة التي تصل إلي الإغلاق وسحب التراخيص والشطب من السجل التجاري والخروج من السوق.. أيضا مساندة الدعوة التي أطلقتها سيدات مصر بتحديد يوم الأول من ديسمبر لمقاطعة الأسواق، التي تمثل تصدي جموع المستهلكين للجشع والدفاع عن حقوقهم في مواجهة الارتفاع الجنوني وغير المبرر في الأسعار وهذا سيكون له أثر إيجابي بالتأكيد.. وبالتوازي مع هذه الجهود يتعين أن تقوم أجهزة الدولة بدورها في ضبط الأسواق بالتوسع في أسواق الجملة ونصف الجملة، وتطوير التجارة الداخلية بالتوسع في إنشاء المزيد من السلاسل التجارية بمختلف المحافظات لدورها في تهدئة الأسعار بعمل التخفيضات علي السلع.