لاتفتحوا أعينكم دهشة فهو ليس رئيساً عربياً لأن الرؤساء هناك يعترفون ولا يخطئون.. انه رئيس فرنسا »فرانسوا أولاند» الذي يغادر ليترك مكانه لانتخابات جديدة وقبل أن يغادر منصة الحكم فهو يعترف لشعبه بانه ارتكب أخطاء ولهذا لن يترشح مرة أخري وهذا يحدث في فرنسا وهذا لائق علي البلد الذي انطلقت منه الحريات والدساتير وتنطلق منه دائماأبواق الحرية إلي العالم منذ ثورتها التي هزت العالم منذ عشرات السنين وكانت السبب في انطلاق ثورات كثيرة في أوروبا والعالم وحتي الآن لاتقوم ثورة في العالم إلا وكانت الثورة الفرنسية مثلا أعلي لها وهكذا فرنسا بوقا للحرية في العالم دائما وهي الآن تحاول ولكن انهكتها الأزمة الاقتصادية. ومهما كانت أخطاء الرئيس أولاند فإنه لم يكن سعيد الحظ حيث كانت فترة رئاسته مليئة بالمشاكل ليس في فرنسا وحدها ولكن في العالم كله حيث الأزمة الاقتصادية تقف عقبة أمام كل حاكم وأمام كل محكوم والإرهاب يضرب كل عقلية ويضرب كل مشروع ولكن كانت المشاكل السياسية حيث الغضب في فرنسا ينقلب إلي ثورة حتي لو كانت من اجل ارتفاع سعر الجنيه فقد قال مرة أحد رؤساء فرنسا: ولا أتذكر اسمه »اعذروني فإنني احكم شعبا يأكل عشرين صنفا من الجبن» والرؤساء في فرنسا ليسوا وحدهم الذين يشعرون بأخطائهم ولكن هناك حكاماً كثيرين يعترفون لشعوبهم بل ويتنازلون ايضا عن الحكم وأبهة الحكم. ولكن في بلادنا أو المنطقة العربية وبعض بلاد آسيا الشعوب تعتبر الحاكم منزها ولايترك مكانه بسهولة بل ان هناك بعض شعوب شرق آسيا يعتبرون الحاكم نصف إله ويعتبر العيب فيه من الكبائر وهذه العادة هي من بقايا حكم الملوك حيث الملك يتوارث الحكم ويعرفه الشعب وهو ولي للعهد ويحبونه وينتظرون جلوسه علي الكرسي ويصبح اسمه منتشرا بين الموالين وأن في عائلتي اكثر من فاروق وهم الآن رجال كبار وقد تمت تسميتهم منذ العهد الملكي ومنذ ولاية الملك فاروق وزوجي رحمه الله كان اسمه فؤاد علي اسم الملك فؤاد وقد قالت جدتي انه اسموه علي اسم الملك لأن الملك فؤاد كان محبوبا فقلت لها! وهل كان هناك ملك غيرمحبوب؟ فلم ترد لأنها اعتبرت كلامي خطأ ولايصح أن يقال وهكذا كان الناس علي دين ملوكهم. وجوده كرئيس فرنسا وبلاجدال فإن ما حدث في فرنسا في عهد الرئيس فرانسوا أولاند يعد من سوء الحظ ومجاريا للمناخ العام للعالم كله ففي عهد أولاند حدثت أحداث كثيرة هزت المجتمع منها حادث القتل في جريدة شارلي ابدو وجاء الاغتيال البشع الذي حدث لاكثر من مائة شخص في احدي الحفلات الموسيقية ثم حادث الدهس الجماعي عند الاحتفال بالثورة الفرنسية في »نيس» بالاضافة إلي الحوادث الصغيرة والتي تحدث يوميا. كل هذه الحوادث المؤسفة حدثت في ولاية الرئيس أولاند لهذا فهي تضاف لرصيده السيئ والذي جعله هو شخصيا يصاب بالاحباط من الرئاسة التي لم يشعر فيها بسعادة الرؤساء ولا »بالأبهة» ولا بالتصفيق حينما يتكلم حتي لو كان هناك اعجاب أو تصفيق أو أي انجازات فإن الاحداث المؤسفة قد غطت علي كل شيء واصبح الانجاز الوحيد في عهده هوتلك الأحداث التي هزت فرنسا وهزت العالم. حقيقي أنه في هذا العام حدثت كوارث كثيرة سواء طبيعية أو سياسية أو نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تحول »الزهق» بسرعة إلي فقدان السيطرة علي النفس وبالتالي إلي الثورة وبما ان هذه الحالات ليست فردية أي لاتصيب الفرد وحده وانما تستهدف المجموع فتصبح الحالة عامة دائما ودائما مهما احيط الرؤساء »بحاشية» تصطنع الابتسامات دوما »وكل شيء تماما ياافندم» إلا ان سطوة الأمور تصل إلي الحكام رغم فساد الحاشية وزيف الموقع. لهذا يصابون بالتوتر مما يجعل الحلول الجيدة صعبة الوصول اليهم. وقانا الله شر كراسي الرؤساء وجعلنا سعداء في ذيل القائمة! الغلاء يكوي الناس والحكومة قالت لي السيدة التي تعمل معي: الارز بتلاتاشر جنيه! نعيش إزاي؟ ده أنا بيتي بياكل كل يوم كيلو ونصف أرز ولا نستطيع ان نستعني عنه لأنه »حشو البطن» والعيال علي طول جعانين. أما الحكومة فهي تحاول ومصر لم تكن تستورد الأرز ولكن الزيادة السكانية والاتجاه إلي زراعة محاصيل أخري جعلت الناتج الزراعي للأرز لايكفي الناس والحكومة ايضا معذورة لأن الفلاح حر في زراعته ولكن الحكومة تلجأ إلي اغراء الفلاح بشراء الأرز بسعر يرضيه.. تخيل وانت تأكل صحن الارز اللذيذ أن وراءه سياسة ووراءه ناساً تفكر كيف يختفي صحن الأرز من علي المائدة وهو سيدها خصوصا في مصر.. أرز وبطاطس.. أرز وفاصوليا أرز وبسلة أرز وعدس.. أي أن الارز هو سيد المائدة وهو سيد البطون ايضا وندعو الله أن يكثر من زراعة الأرز فبدونه المائدة المصرية لاتساوي شيئا. كوارث الطائرات برغم آلاف الرحلات الآمنة بالطائرات إلا أن حادثاً واحداً يظل مخيفا للناس لفترة طويلة عكس حوادث السيارات والقطارات فإنها تمر مر الكرام أما حوادث الطائرة فهي كما كتبت في العنوان كوارث دائمة واخرها حادث فريق البرازيل الذي تحطمت طائرته وقد كانت صديقة لي وأسرتها في المطار عآئدين إلي مقر عمل زوجها سفيرا في احدي الدول حين حدوث الحوادث فأخذت أولادها وعادت إلي البيت فقلت لها: - وماذا ستفعلين غدا أو بعد غد هل تذهبين إلي آخر الدنيا إلي زوجك بالقطار؟ ان السبيل الوحيد أمامك هو الطائرة. قالت ببساطة أهدا في البلاد وأنسي الحادث ثم أسافر وهكذا تظل الحوادث في أول حدوثها مسيطرة علي مشاعر الناس ويتوقعون حدوثها يوميا. الحب هذه الأيام علي أيامنا منذ سبعين عاما كان الحب بالنظرة والابتسامة وبالكثير المشاورة من الشبابيك وجرس التليفون »يرن ويقفل» »نقوم نبص من الشباك» وأيامها كتبت قصة قصيرة عن شاب كان يقضي الليل واقفا في الشرفة مطلا علي شرفة أبعد وفيها فتاة تقف في الظلام واتضح له بعد ذلك انها لم تكن فتاة وانما كان »أصيص زرع» علي شكل رأس فتاة بشعرها الجميل.. ولم يتضايق حينما اكتشف بل قال الحمدلله تمتعت بالحب لفترة أما هذه الأيام فإن الفتيات مساكين لكي تثبت لفتاها أنها تحبه فلابد أن تتنازل عن اشياء كثيرة وأحيانا عن شرفها!! وألاحظ أن الفتاة هذه الأيام أكثر سذاجة من الفتيان أو لان الفوز بالزوج اصبح صعبا فإن هناك تنازلات كثيرة من الفتيات في سبيل »الستر» والحصول علي زوج ولأن الحالة الاقتصادية كما تعلمون أصبحت »علي المحك» فإن المعاناة في تعارض الحب مع الفوز بالعريس لأنه مازال هناك الشكل الكلاسيكي أي المهر والشبكة والشقة وأدوات الكهرباء حقيقة أنه اصبح من الممكن وجود حلول في التقسيط ويمكن يذوب الحب بين براثن الاقساط المهم ان الازمة الاقتصادية اصبحت تقف للحب بالمرصاد فيذوب الحب تحت أقدام الجنيهات وربما تنتهي كثير من قصص الحب لعدم الامكان.. أحمد الله أنني كنت في عصر الحب فيه كان ببلاش أو بالكثير بالتقسيط. في حديقة الحيوان لم أذهب إلي حديق الحيوان منذ أن كان اولادي صغارا ولكن دائما أشتاق للذهاب إليها وكلما أردت أن أذهب بأحفادي أجد من اصدقائي ما يمنعني من الذهاب فبعضهم يقول لي: لا تتعبي نفسك.. الأقفاص خاوية وحتي الحيوانات الموجودة تنام أو تجلس في أقفاصها خاملة وحتي القرود أصبحت ترمي الجزر والفول السوداني ولا تقبل علي أي شيء. وتعجبت علي أكبر وأجمل حدائق الحيوانات في أفريقيا كلها! كيف تحولت هكذا بعد أن كان بيت الثعابين وحده قبلة الزوار الذين يحبون رؤية كل نادر وأن الدب القطبي كان قبلة الزوار والمياه الدائمة تنزل فوقه لإعطائه الجو الرطب، ولم أغامر بالذهاب بحفيدي حمزة أحمد فؤاد بعد أن أصبح في الثامنة وكثير الاسئلة بتفاصيل اضطررت معها أن أقول له: »انتظر يا حمزة حتي أقرأ جيدا في هذا الموضوع» ولكن وقعت في المحظور فقد قال لي حمزة: تعالي يا ستو نروح جنينة الحيوانات.. أنا عاوز أأكل الفيل والسيد قشطة زي زمان.. فقلت له أصلي مشغولة قال لي: نروح يوم الجمعة! قلت له: أصل الجنينة بتكون زحمة والفرجة في الزحمة لا تساوي شيئا.. ولكن أسقط في يدي بعد أن قال لي: ما كل حتة زحمة في مصر.. والنبي يا ستو نروح الجنينة ووافقت علي أن يتركني أحدد الموعد.. ولم أحدد الموعد بعد أملا أن ينسي حمزة موضوع الذهاب إلي الحديقة. خالد الحديني والقراءة في الغربة زارني الصديق خالد الحديني المنوفي الذي يعمل في سويسرا منذ أعوام والذي يعمل هناك وكأنه سفير فوق العادة لمصر مع عمله، وجاء مشتاقا لكل شيء مع انه لا يبتعد كثيرا ولكن دائما في اشتياق لكل نسمة هواء في مصر. جاءني كعادته مع مجموعة من الثقافات في حقيبته. اخترت لكم منها كتاب »تأويل الجراح» للكاتبة التونسية »خيرة عباسية» وهي كاتبة تكتب للأطفال والكبار وتكتب الشعر الحديث وفي الواقع انني شخصيا أصنف شعرها تصنيفا خاصا بي أطلق عليه »ثقافة الهمس» أو »الوشوشة الشعرية» وتقول في مطلع ديوانها: تحت عنوان تصدير أول للجسد خطاياه وللجسد صلواته أنا هذا الجسد أم أنني الخطايا؟ أم أنني الصلاة؟ لكن لا يحق لنا أن ننكر أن للجسد أجنحة تحلق بالخطايا وبالصلاة أيضا معا تصدير ثان الجسد الذي توجع في الطين ما أدركه الماء وما انغرس فيه الياسمين ثم تقول تحت عنوان »أجنحة الجسد» وعنوان فرعي »الذاكرة» وجهي المصبوغ والأنظمة وتتبعني وصايا أمي عن الجسد اللعين آه أيتها الذاكرة هذا الذي أمامي ليس أمامي والذي ورائي يحجبه الظل ألمي بحجم هذا البلد بحجم هذا الجسد وتحت عنوان وجه كتبت وجهي لا يعرف وجهي ليل توقظه الكلمات والغيم يواري أشجانه في الأعماق كم نسي الآتي موعده؟ ابحث عن بعض في كلي.. وبقايا شعاع بحر ترهقه في الصمت رياح ناديت.. آه كم ناديت سافر كلي في كلي دون جناح أنا شخصيا أصنف شعرها بالتأوهات الشعرية وهي غالبا تصنف في الشعر النسائي في بلادنا فقط حيث النساء دائما في حالة إحباط إما فرادي في الأسرة أو جماعي في المجتمع وقانا الله شر الإحباط الشعري لم يكن هذا يحدث في مصر أبدا.. لم يكن الإنسان المصري يعيش هذه الوحدة العجيبة..! كنا نتآخي في كل أحوالنا سواء الأفراح أو الأحزان! لكن أصبح الآن كل مصري يعيش أفراحه وأحزانه والكل »مش فاضي له» ليس بسبب صعوبة أكل العيش ولكن لصعوبة التجاوب العاطفي الذي كان في المصريين.. كنا حينما نسمع صرخة في بيت نهرع حالا لنري الخبر ونشارك ونساعد وكل منا يشعر أنها مشكلته أما الآن فكلنا متفرجون! هل هذا لاختلاطنا بالغرب؟ ثم اعتقادنا أن التقدم هناك يأتي بعدم المشاركة في البلاء؟ أم أن زحام الحياة سواء أفراحاً أم أتراحا جعلنا لا نشارك أتأمل ما يحدث وأتعجب وأجدني شخصيا لم أعد أقوي علي المشاركة ربما »لضيق الصحة» صحة الجسد أو للوقت الذي يسرقنا فما يصبح الصباح حتي يأتي المساء.. لم نعد نجلس علي مائدة إفطار أو البيض المقلي والمربي والفول أبوزيت ولمون والعيش المقمر الملفوف في فوطة.. أصبح الطعام »لقمة علي الواقف» لتناول الدواء الذي لابد من تناوله بعد الأكل.. لم أجد أحدا لا يتناول الدواء حتي الاطفال أصبحت الكلمات المكررة للأطباء »كرروا الدوا» ونكرر الدواء ولا شفاء لأن الأمراض ليست عاصية ولكن العصيان في داخلنا لرفض هذه الحياة العبثية العجيبة أصبحت أعيش بأثر رجعي للأيام الماضية واشفق علي هذا الجيل الذي لا يستمتع بشيء سوي »النكت» تلك النكت التي أصبح منها الكثير يهدف لتفاهة الحياة بينما كانت الحياة الطيبة هدفاً أول من أهدافنا.. أشعر ان الجيل الجديد يعيش بلا هدف أو ربما فقد الهدف.. وأنا صغيرة طفلة كان هدفي الحصول علي عروسة »أفصل لها فساتين» وتصبح شغلي الشاغل وكنا قد حرمنا من الألعاب فكنا نعمل »قرطاس ورق ونعمل له وجه ونضع له رجلين ونرسم علي قمته وجه ويصبح أراجوز» وقد كونته وعملته لحفيدتي »كاميليا» وفرحت به جدا أكثر من عروستها البلاستك وألعابها الكثيرة الغالية وكلما نسيت تقول »الأجوز يا ستو» حيث لا تستطيع أن تنطق كلمة »الأراجوز» وأمسك الورق وأعمل لها الأراجوز وتسعد به كل السعادة وتظل تلعب به ربما لأنها شاهدت كيف يصنع ولكن باقي لعبها »ع الجاهز» ولا تعلم كيف صنعت وهذه خاصية جديدة لاحظتها في أطفال هذه الأيام فإن حفيدي حمزة كل ألعابه مفككة وزمان لم نكن نفكك الألعاب وإنما نحتفظ بها كما هي ونلعب ويتوارثها أشقاؤنا الصغار. إن هذا الزمن بالنسبة لي عجيب في أحوال الأطفال فهم لا يسعدون باللعب وإنما تصبح بالنسبة لهم شغلانة حتي تصبح »فتافيت». عاوزنا نرجع زي زمان قول للزمان ارجع يازمان وباقي الأغنية للحبيبة وهات لي قلب لا داب ولا حب ولا انجرح ولا داق حرمان رحم الله الست ورحم الله رامي ورحم الله السنباطي والقصبجي ورحم الله الآذان التي لم تعد تسمع أي شيء جميل وأترككم في رعاية باقي الجرايد.