من شأن القرآن الكريم أن يحث علي التقوي وطاعة الله وتنفيذ أحكامه بروح طيبة وقلب سليم، لهذا تكررت الدعوة إلي المحافظة علي الصلاة في القرآن الكريم، فهي أول الأركان وهي الصلة بين المخلوق والخالق والعلاج الروحي لمشاغل الدنيا وفتنتها وملاهيها، وفي وسط زحام الدنيا يجد المؤمن أن الصلاة واحة يتطهر بها بالماء الطهور ويقف بين يدي الله خاشعا خاضعا مكبرا لله راكعا ساجدا متأملا عظمة الله مرتلا لآيات القرآن الكريم، فيخرج من الصلاة وقد تطهرت نفسه وغسل ذنوبه فيزيده ذلك تصميما علي طاعة الله.. لهذا كرر القرآن كثيرا المحافظة علي الصلوات وأدائها في أوقاتها وإتمام ركوعها وسجودها مع حضور القلب والخشوع لله.. ويقول الله سبحانه وتعالي: »قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير» ويقال إن سبب نزول هذه الآية أنه لما فتح رسول الله صلي الله عليه وسلم مكة، وعد أمته بملك فارس والروم، فقال المنافقون واليهود، هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم، هم أعز وأمنع من ذلك، ألم يكف محمداً ملك مكة والمدينة حتي يطمع في ملك فارس والروم؟.. فأنزل الله تعالي هذه الآية، وهي تدل علي أن ربنا سبحانه له السلطان الأعلي والتصرف التام في تدبير الأمور وإقامة ميزان النظام العام في الكائنات، فالله يؤتي الملك لمن يشاء من عباده وينزع الملك ممن يشاء، ولو انحرف الناس عن الطريق السوي الحافظ للملك، وهو سبحانه يعز من يشاء في الدنيا والآخرة ويذل من يشاء بيده الخير كله إنه علي كل شيء قدير، ويقول سبحانه »قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم». ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم »إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال له إني أحب فلانا فأحبه، قال فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال ثم يوضع له القبول في الأرض.. وإذا أبغض الله عبدا دعا جبريل إني أبغض فلانا فأبغضه، قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال فيبغضونه ثم توضع له البغضاء علي الأرض». إن حقيقة الإسلام هي طاعة الله والرسول في جميع الأوامر والنواهي ومن أعرض عن طاعة الله ورسوله فقد أغلق باب الهدي وأعرض عن الإيمان، وهذا يؤدي إلي الكفر والعياذ بالله، أما إذا كان الإعراض عن الإيمان مجرد ترك لما أمر الله به اتباعا لشهواته ويشعر بالذنب لما يفعل، فإن الكفر بالنسبة له كفر للنعمة وعدم قيامه بشكرها، والله لا يحب من عصاه بكفر أو فجور.