ماذا يعني خطاب التنازل الذي أعلنه الدكتور محمد البرادعي عن كونه مرشحا محتملا لرئاسة الجمهورية؟!.. هل هي مناورة سياسية في هذا التوقيت بالذات - قبل الاحتفال بمرور عام علي ثورة 25 يناير.. أو استكمال الثورة بثورة أخري - علي حد زعم بعض الائتلافات السياسية؟!.. هل قصد من خطاب التنازل هذا أن يتحول الاحتفال بمرور عام علي الثورة الي أشبه بالبيعة عندما يبايع الشباب الدكتور البرادعي في ميدان التحرير وبالتبعية تتحول كل ميادين مصر الي ما يشبه الثورة من أجل عدول البرادعي عن تنازله كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية وبالتالي ستكون الخطوة التالية التي يخطوها الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية هي تراجعه عن الانسحاب نزولا علي رغبة الثوار.. بل شعب مصر بأكمله! دون شك لقد أحدث هذا التنازل دويا بين المثقفين والسياسيين واهتمت به القنوات الفضائية في برامج التوك شو وانقسم ضيوف هذه البرامج حول انسحاب البرادعي من سباق المنافسة علي منصب الرئيس، فريق يراها خسارة كبيرة لمصر في هذا التوقيت - خاصة أن أصحاب هذا الرأي يرون أن البرادعي هو المحرك الأول للثورة والتغيير في مصر.. وفريق آخر أبدي تحفظه رافضا التعليق بزعم أن صاحب الأمر لم يبد أسبابه في خطاب التنازل وبالتالي لا يوجد ما يدعو الي تحليل هذه الخطوة من باب اذا عرف السبب بطل العجب! تقديري أن الدكتور البرادعي - مع كل الاحترام له كقيمة وطنية لا أحد ينكر دوره في معركة التغيير التي أ طاحت بمبارك ونظامه الفاسد - لن أقول أنه فقد شعبيته في الشارع المصري بل هو بالفعل لا يمثل السواد الأعظم من المصريين الذين يرون في البرادعي رجل بعيد كل البعد عن مشاكل مصر ممثلة في أحيائها الشعبية والعشوائية في الوقت الذي يجد فيه كل من عمرو موسي وحمدين صباحي وأيمن نور والعوا.. وحتي الفريق أحمد شفيق كل الترحيب من المصريين البسطاء.. لماذا؟!.. لأن كل هؤلاء ارتبطوا بمشاكل الوطن ومتاعب المصريين الحياتية ولم ينفصلوا يوما عن المجتمع.. أو انشغلوا بمحاضرة ثمنها مئات الدولارات خارج مصر أو دعوات دولية يسافرون اليها في قارات الدنيا الخمس مثلما يفعل البرادعي الذي يعيش في الخارج أكثر من الاقامة في وطنه مصر!.. حتي ميدان التحريروليست مغالاة ان قلنا أن كل الثوار سواء من أصحاب الائتلافات السياسية التي يصل عددها الي أكثر من 200 ائتلاف أو من خارجها لن يكونوا علي قلب رجل واحد فيما يتعلق بانسحاب الدكتور محمد البرادعي من سباق الترشيح لرئاسة الجمهورية.. مؤكد سنجد من يرفع اللافتات تطالب بعودته الي دائرة الضوء والمنافسة.. ومؤكد أيضا من لا يعنيه هذا الأمر.. بل ربما يري أصحاب هذا الفريق ان الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية غير جدير بحكم المصريين وأقصي ما يمكن أن يشغله هو أن يكون وزيرا لخارجية مصر! افتراض أخير ربما غاب عنا ونحن نتساءل: ماذا يعني خطاب التنازل هذا الذي أعلنه الدكتور البرادعي دون أن يوضح أسبابه؟!.. ربما كان الرجل أبعد نظرا منا وهو يستشرف المستقبل بأن عمر مجلس الشعب والشوري ورئيس الجمهورية المنتخب قصير ونجد أنفسنا أمام ظرف تاريخي وقانوني استثنائي بإعادة الانتخابات التشريعية وانتخاب رئيس جديد وهنا تكون قد صدقت نبوءة الرجل الذي طالما بح صوته بضرورة وضع الدستور أولا قبل اجراء الانتخابات التشريعية وبالتالي ستأتي له الرئاسة علي طبق من ذهب! علي أي حال اذا كان انسحاب البرادعي هو من باب المناورة السياسية فأقول له: ان مصر باقية وان الزمن كفيل بفضح هذه المناورة وأصحابها مهما طال الوقت.. أما اذا كان انسحابه بسبب موقف سياسي احتفظ الرجل به - خوفا من فتنة تحدث بين أبناء الوطن الواحد.. فتحية له علي موقفه النبيل الذي لم نعرفه حتي الآن! يبقي سؤال أوجهه الي المواطن المصري الدكتور محمد البرادعي: أليس من حق الشعب أن يعرف لماذا انسحبت من سباق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية؟!