سوق ورا البلد ..« كُل وبرق لي » !

جمبري و «شخرم» طازة.. البيع بالشروة.. والسعر مريح للجيوب التعبانة

عندما تشتري سمك البحر من الأسواق علي أنه طازج وتستدل علي ذلك بالعلامات المعروفة مثل بريق عينيه وحمار خياشيمه، لا تعلم أنه قضي مدة ما بين ثلاثة إلي خمسة أيام تحت الثلج المجروش في ثلاجات مراكب الصيد قبل أن تصل إليك لأنها تقضي أياما في البحر لتعود إليك حصيلتها من الأسماك.. ولكن إذا أردت أن تتناول أسماك بحر، لم يمر علي صيدها سوي ساعات قليلة، فتوجه إلي » القزق القديم »‬ خلف قرية الحجاج، فهناك يمكنك أن تشتري أسماكا وقشريات طازجة خرجت من البحر إلي يديك لم يلمسها الثلج.. تطل تلك المنطقة علي المدخل الجنوبي لقناة السويس، وكانت في الماضي ورشة لإصلاح اليخوت، ونقطة لانطلاقها، وكذلك انطلاق فلايك الأوب بورت واللنشات الصغيرة التي تخرج في رحلات الصيد بخليج السويس، وغاطس القناة، وتنطلق الفلايك في الصباح وحتي عصر كل يوم، ثم تعود فجرا محملة بالخير.. مع دقات السادسة صباحا يبدأ المواطنون في التدفق علي السوق، من مختلف أحياء السويس، حرصا علي شراء الأسماك الطازجة وبأسعار مخفضة عن مثيلتها من الأسماك بحلقة السمك، وكان كمال مكي من بين الذين توجهوا صباحا لشراء الأسماك، ويشير إلي أن القزق القديم، أو كما يطلق عليه السوايسة »‬ ورا البلد »‬ من أقدم الأماكن لبيع الأسماك الشعبية، كالشخرم والحفارة و»‬النقط »‬ والبطيطة، وهي أسماك يتم صيدها بغزل وشباك الكركبة، بجانب تواجد أنواع أخري من الأسماك كبيرة الحجم التي يتم صيدها بالسنار.. ويقول مكي إن مساحة السوق لا تتجاوز 500 متر، علي شاطئ البحر أو مرسي القزق، يعرض الصيادين بضائعهم من الأسماك الطازجة، والتي تراهم ينقلونها من المراكب في طاولات صغيرة لتقديمها للمواطنين، ومع تلك الأسماك يتوافر السبيط، والجمبري والكابوريا والتي يعرفها السوايسة ب »‬أبو جلامبو »‬
بينما وقف مصطفي حساني، مدرس لشراء طاولة سمك حفارة، وحصل عليها بعد الاتفاق مع البائع علي سعرها، وفقا لتقديره ورزقه علي الله في وزنها، فالسوق لا يعرف الميزان، وإنما البيع علي الطريقة القديمة، يعرض الباعة طاولة السمك علي الزبائن بالسعر الذي يراه مناسبا، وبعد الفصال تتم صفقة البيع بالاتفاق ويحدد سعر كل طاولة نوع وحجم السمك..ويشير حساني إلي أن الطاولة الصغيرة تحتوي ما بين 6 و8 كيلوات سمك، وفي الغالب لا يقل وزنها عن 7 كيلوات، وتكون أسماكا طازجة صيد نفس اليوم، ومازالت تحتفظ بملح ماء البحر وتفوح منها رائحة اليود التي لم يذهب عنها لا بتأثير الوقت أو بسبب الثلج، كما يحرص صغار بائعي الأسماك علي شراء بضاعتهم من ذلك المكان.. ويقول حساني إن سعر الأسماك أقل بكثير من الخارج، فقد اشتري طاولة حارت بسعر 200 جنيه، متوسط وزنها 7 كيلوات، بينما يصل سعر الحارت في حلقة السمك بسوق الأنصاري ما بين 35 و40 جنيها، ويستطيع البائع أن يضع بضع سمكات غير طازجة في كل بيعة ليتخلص منها قبل أن تفسد لديه.