فجأة تحركت المياه الراكدة علي جبهات القتال في شرق ليبيا، وتمكن الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، من تحرير محاور ومناطق استراتيجية بمدينة بنغازي، بعد ما كانت لأشهر طويلة تحت سيطرة ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش". العمليات العسكرية في بنغازي تقرب الجيش الوطني من حسم المعارك وتغير بعض المواقف السياسية والدبلوماسية لأطراف طالما نظرت بعداء، أو بعدم رضا إلي استمرار المشير حفتر في منصبه كقائد عام للجيش الوطني. وحققت قوات الجيش الليبي، علي مدي الأيام الماضية، تقدمًا ملحوظًا خلال العمليات العسكرية بالمحور الغربي لمدينة بنغازي، وأعلنت سيطرتها علي منطقة القوارشة بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلي تنظيم "داعش" والتشكيلات المسلحة المتحالفة معه. وقال الناطق باسم القوات الخاصة العقيد ميلود الزوي في تصريحات صحفية، إن منطقة القوارشة "بالكامل تحت سيطرة الجيش الليبي"، بعد معارك شرسة مع التنظيمات الإرهابية. في تصريحات خاصة لآخر ساعة عبر الهاتف، أوضح العقيد أحمد عمر باني، سكرتير عام وزارة الدفاع ببنغازي، الأهمية الاستراتيجية للانتصارات الأخيرة للجيش الليبي قائلاً:"الفصل بين القنفودة والقوارشة جغرافياً أسقط القوارشة لأن خطوط إمدادها انتهت وأصبحت محاصرة بالكامل.. لا ماء ولا كهرباء ولا إمدادات عسكرية.. وبالتالي لا حل إلا الموت.. هم طلبوا ذلك والجيش لبي طلبهم عن طيب خاطر"، وتابع باني:" القوارشة هي المدخل الغربي لبنغازي.. سقوطها إضافة جديدة للجيش استراتيجيا ومعنوياً..قنفودة الآن في مرمي النيران من جميع الاتجاهات ومن خلفها البحر.. أصبحت أوصال داعش مقطعة الآن والقضاء عليهم قضاءً مبرماً مسألة وقت". وعن المحطة القادمة للجيش الليبي، قال باني:" بنغازي لم تتحرر بالكامل ولكننا أسقطنا أهم وأعتي حصونهم.. فما بالك بالبقايات اللا صالحات"، سألته هل ستتجهون إلي درنة، حيث معقل أنصار الشريعة، كما تشيع العديد من التقارير الصحفية، فأجاب: " ليس بعد.. مازال لدينا الكثير من العمل لننجزه في بنغازي". الغريب في الأمر هو حالة الغزل الذي ظهر جليًا في تصريحات المسئولين الغربيين، وكذلك المبعوث الأممي مارتن كوبلر الذي قال في تغريدة له علي موقع تويتر إن »الجيش الوطني الليبي يتكبد خسائر مؤلمة في الأرواح في سبيل محاربة الإرهاب في بنغازي محققًا تقدمًا مهمًا"، معتبرًا أن القضاء علي الإرهاب لمصلحة جميع الليبيين، أما المبعوث الأمريكي، جوناثان ويينر، فقال إن جنود الجيش الوطني الليبي يقدمون ما وصفه بتضحيات صعبة، مشيرًا إلي تقارير تحدثت عن سقوط ما بين 60 قتيلاً وجريحًا في معارك مكافحة الإرهاب في بنغازي. أما السفير البريطاني بيتر ميليت فقال إن "الجيش الوطني الليبي يحرر ضاحية القوارشة في بنغازي من داعش وأنصار الشريعة"، مقدمًا في تغريدة عبر "تويتر" أيضًا تعازيه لأسر شهداء الجيش الذين ضحوا من أجل ليبيا. وتعد هذه ربما المرة الأولي التي يصف فيها المبعوثون الثلاثة قوات حفتر ب"الجيش الوطني الليبي"، كما أنها سابقة أولي أيضًا بحديثهم عن "تضحيات الجيش ونضاله لتحرير البلاد من قبضة الإرهاب"، وهنا يعلق العقيد باني مرة أخري لآخر ساعة، قائلاً:" القوي علي الأرض هو من يحكم، ونحن الأقوي، لذا سيتعاملون معنا مجبرين". أما علي الصعيد الميداني فتمكنت قوات الجيش الليبي من تفجير شاحنة مفخخة يقودها انتحاري قبيل وصولها إلي تجمع للقوات البرية قرب الحظيرة الجمركية، وأكد آمر غرفة عمليات الكرامة، العميد عبدالسلام الحاسي، أن قوات الجيش سيطرت علي منطقة القوارشة بالكامل، وعلي الجزء الأيمن لمنطقة بوصنيب الواقعة ما بين القوارشة وقنفودة. وفي السياق نفسه أكد الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي، العقيد أحمد المسماري، أن جميع العائلات والعمالة التي كانت محاصرة في قنفودة لم تصب بأي أذي، مضيفًا أن 13 سودانيًا من العمالة المحاصرة بقنفودة تمكنوا من الهرب نحو مواقع الجيش. وشدد المسماري علي أنه سيتم قريبًا إعلان تحرير كامل المنطقة الغربية من بنغازي، مؤكدًا أن العمليات العسكرية بالمدينة لن تتوقف حتي يتم اجتثاث الإرهاب منها، مضيفًا: »سيسجل التاريخ أن القوات المسلحة الليبية هي أول من أعلنت الحرب علي الإرهاب في منطقة حوض البحر المتوسط»، وقال المسماري إن "قوات الجيش الليبي حررت منطقة القوارشة وقواتنا وجدت خمس عشرة جثة تابعة للمجموعات الإرهابية". وأكد الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي، أن قوات الجيش سوف تتقدم نحو مدينة درنة "بعد إكمال المساعي الحميدة وعلي الإرهابيين تذكر عملية البرق الخاطف".