عن الغرفة رقم " 53 " التي كانت مكتبا له كتب احمد رجب يقول : - " قضيت نصف عمري في الغرفة رقم 53، أول من اتخذها مكتباً هو توفيق الحكيم، كنت أحملق في أجواء الغرفة 53 وأتساءل: كيف لم أحظ من هذه الغرفة بإشعاعات الفكر والفن التي تركها توفيق الحكيم.. فأفكر مثله وأبدع مثله؟ وتبين لي أن السبب أنني غيرت موضع مكتبي من حيث كان يجلس توفيق الحكيم ونقلته إلي حيث كان مربط حمار الحكيم " ! داخل هذه الغرفة كانت تولد لدي احمد رجب كل يوم فكرة يستنبط منها سطور " نص كلمة "، وقد شهدت هذه الغرفة الاجتماع اليومي الذي كان يجمعه بمصطفي حسين، ففي هذه الغرفة تمت ولادة الشخصيات الكاريكاتيرية التي ابتكرها احمد رجب واستنطقها بكلماته وجسد ملامحها وحركاتها وبث فيها الحياة علي الورق رفيق دربه مصطفي حسين، ومن أبرزها المنافق "عباس العرسة " في الحكومة والسياسية، و" عبد الروتين" رمز البيروقراطية، و"عبده مشتاق" المنتظر دائما لأي منصب بأي ثمن، في هذه الغرفة ولدت حوارات المليونير " عزيزبيه " المنعزل عن المجتمع مع " الكحيت " المدعي، والفاسد السياسي "كمبورة "، البرلماني الجاهل الغبي " جنجح "، رسم احمد رجب ملامح شخصية " عباس العرسة " كرمز للنفاق الذي يراه أحمد رجب أكبر أعداء الإنسان فيقول عن هذه الشخصية: - " لوكانت الحيوانات في حدائق الحيوان تنافق الإداريين فيها لقرأنا في حركة الترقيات أن القرد رقي إلي نمر، والنمر إلي أسد، والأرنب إلي ذئب! ". ومن اشهر الشخصيات التي ولدت وتجسدت علي الورق بريشة مصطفي حسين في الغرفة 53 شخصية " هنداوي " فلاح كفر الهنادوة الذي يعبر عن الشخصية المصرية الصامتة المسحوقة الصابرة، لكن في سكوتها بلاغة، أراد بها أن يعبر عن الفلاح المطحون وعما يدور في ذهنه وما يثارمن تساؤلات في المجتمع، فيظهر بطاقيته الشهيرة المائلة علي صلعة لامعة وبلسان لاهث وعيون ذكية يجلس أمام المسئولين لينقل لهم ما يحدث في كفر الهنادوة وكأنه يحكي لهم مشاكل مصر، وعندما أراد احمد رجب أن يعبر عما طرأ من تغييرات بالشارع في عصر الانفتاح ابتكر شخصية حضرة صاحب الحصانة "كمبورة بيه " الذي يجسد الأثرياء الذين كانوا يحسبون علي الصعاليك قبل عصرالانفتاح، مما أثر بالسلب علي منظومة الأخلاق والقيم في المجتمع، فالبلهاء هم الذين مكنوه من أن يتحول من مجرم صعلوك إلي مجرم وجيه ذي جاه وسلطان، وعندما اراد ان يترجم حالات التطلع الطبقي ولدت بالغرفة 53 شخصية " الكحيت " الذي يرتدي ثوباً به ثقوب، بينما يحمل بين أصابعه سيجارته باعتزازوكأنه ملياردير،فهو شخصية سلبية لا يبذل أي جهد في اتجاه تحقيق تطلعاته، وعلي مكتب احمد رجب بالغرفة 53 ولدت شخصية "مطرب الأخبار" التي تجسد تدهور ما وصل اليه حال الغناء، وولدت ايضا شخصية "عبده مشتاق" التي تجسد حال الذين يحلمون بتقلد منصب وزاري في كل شائعة تغيير وزاري، وكل هذه الشخوص كانت تتحاور يوميا مع احمد رجب بين جنبات الغرفة 53 ! ملحق " كنوز "