"عزيز بك الأليت" و"الكحيت"، "كمبورة"، و"عبده مشتاق"، و"فلاح كفر الهنادوه"، و"مطرب الأخبار"، و"علي الكوماندا"، و"عباس العرسة"، و" عبد الروتين "، و" قاسم السماوي"،و" عبده العايق "،و" جنجح "المتميز بالطاقية التي تشبه قبة مجلس الشعب،والمطربة المزعجة "عريضة مجانص"، و" الكابتن اوزو " لاعب الكرة الذي يستنزف صحته في السهر، و" عبده اللومانجي " خريج السجون وغيرهم من الشخصيات الرئيسية والثانوية، التي ابتكرها العملاق الراحل أحمد رجب من الواقع المصري الذي يراه بطريقة كاريكاتورية ويقرأ شخصياته بشكل كوميدي، وجسدها بريشته المتميزة توأم روحه الفنان الراحل مصطفى حسين الذي سبقه إلي الرفيق الأعلى، ولم يمض على فراقهما أكثر من 29 يوما. وكأن أحمد رجب رفض أن يستكمل الحياة بدون نصفه الآخر الذي كان يجسد أفكاره وكلماته بالريشة الساخرة علي صفحات الأخبار صباح كل يوم، فتضحك مصر من قلبها على هذه الشخصيات التي تحمل رسائل وانتقادات حادة وساخرة لكل المسئولين في الدولة، وللناس أنفسهم الذين عراهم أحمد رجب وتوأمه مصطفي حسين بالكلمة والرسم وفضحا سلوكهم المعوج المرفوض في الكثير من المواقف. بدأت الرحلة المشتركة بين العبقري أحمد رجب والساخر بالريشة مصطفى حسين باقتراح من علي أمين ومصطفى أمين عام 1974 لرسم كاريكاتير يومي لجريدة " الأخبار"، واستمر التعاون بينهما في خلق الشخصيات السابق ذكرها التي أضحكت المصريين والعرب في كل أنحاء الوطن العربي، وأصبحت شخصيات معروفة يتبادل الناس عباراتها الشهيرة في حوارهم اليومي، وحقق الاثنان نجاحا جماهيريا كبيرا رفع من توزيع جريدة " الأخبار " إلى أن حدث خلاف بينهما عام 2002، وانقطعت الاتصالات بينهما حتى عام 2009. فشلت كافة محاولات الصلح بينهما وإعادتهما معا في عمل مشترك مرة أخرى إلى أن حل المرض برفيق ضربه الفنان مصطفى حسين فلم يتوان أحمد رجب عن الذهاب لزيارته بالمستشفى وعادت العلاقات بينهما من جديد ليبدعا معا على صفحات جريدة " الأخبار "، و" أخبار اليوم "، رحلا معا بفارق أيام وستبقي الشخصيات الكاريكاتورية الساخرة التي خرجت من أعماقهما للناس حزينة تودع صاحبيها، وتذرف عليهما الدموع لأنها شخصيات موجودة بالفعل في واقعنا المعاش واستطاع أحمد رجب أن يلتقطها بحسه الكوميدي وفلسفته في النقد والضحك، ونحن أيضا سوف نفتقد أحمد رجب ومصطفى حسين مع تلك الشخصيات التي يعتز بها قراء " الأخبار ". فلاح كفر الهنادوة فكر الكاتب أحمد رجب في شخصية تجسد المواطن المصري وتتحدث بلسانه وتجسدت تلك الشخصية في"فلاح كفر الهناودة"، شخصية استمدها أحمد رجب من فلاح بسيط رآه في موقف الأتوبيس، وتخيله وهو يقف أمام رئيس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو قد يصل لرئيس الجمهورية بثقة يستمدها من بساطته المتمثلة في ملابس الفلاح وطاقيته، لينقل رأي المواطن المصري بكلمات عفوية تجاه أهم القضايا في الدولة، ولم ينس أحمد رجب عادة الشعب المصري الذي يمثله "هنداوي" بأن ينسب الكلام دائما لآخرين حتى لا يضر نفسه ويتحدث بحرية، حيث كان يوجه بعض اتهامات للمسؤولين على لسان "الواد ابن ابو سليم" أبو لسان زالف. عبده مشتاق وعندما فكر الكاتب الكبير أحمد رجب في ابتكار شخصية تتحدث عن النهم في السلطة، ابتكر شخصية "عبده مشتاق" الذي يحلم بالمنصب، أي منصب، يجلس دائما بجانب الهاتف ينتظر الخبر المرتقب حصوله علي كرسي الوزارة، يتابع كل أخبار التعديل الوزاري بحالة من التفاؤل، لكنه في كل مرة يصاب بالصدمة لأن هاتفه لم يرن ولم يحصل علي المنصب المرتقب ليظل دائما " عبده مشتاق "، وقد أصبحت الجملة الأخيرة متداولة بين الناس عندما تعمقت شخصية عبده مشتاق للتعبير عن كل وصولي انتهازي يرغب في السلطة. مطرب الأخبار من المعروف عن الكاتب أحمد رجب عشقه للموسيقى، كان يحلم منذ الصغر بأن يجيد العزف على آلة الكمان لكنه فشل، ونصحه مدرس الموسيقى بأن يبحث لنفسه عن مهنة أخرى غير العزف، لكن أحمد رجب الذي يتمتع بأذن موسيقية جعلته يرتبط بصداقة قوية مع العديد من المطربين والمطربات دفعته لابتكار شخصية " مطرب الأخبار " للتنديد بأصحاب الأصوات الرديئة في عالم الغناء الذين انتشروا علي الساحة الفنية، ويرجع استمرارهم لمحسنات الصوت، و" مطرب الأخبار" الذي لم يهتم بآراء من حوله بما فيهم والده وصمم على الغناء، كانت التحية المعتادة له "الضرب" لدرجة انه عاد متعجبا ذات يوم من حفل غني فيه دون أن يتعرض للضرب. عباس العرسة لم يغفل أيضا أحمد رجب شخصية المنافق، الذي يتقرب دائما للمدير أو صاحب السلطة ويظل يمدح فيه ومن خلفه يصفه بأبشع الصفات، فابتكر شخصية "عباس العرسة" محددا بدقة أساليبه في التقرب من المدير عندما يهتم بنفس اهتمامات مديره، يشجع نفس الفريق الذي يحبه، ويسمع نفس الموسيقي التي يسمعها، وقد تحول معه الأمر إلى "داء" تعود عليه باستمرار، كما وصفه أحمد رجب انه لا يستطيع أن يقدم نقدا بطريقة مباشرة، بل يحوي النقد بطريقة ملتوية وغير مباشرة وما يوافق هوي من يترأسه. الكحيت والأليت شخصيتان متناقضتان في الشكل والمستوى الاجتماعي، احدهما في غاية الأناقة وشعره مرتب والأخر ملابسه في حالة يرثي لها، وشعره مجعد، يشتركان فقط في "المنظرة"، "أليت" بيه يتفاخر دائما بثرائه الفاحش أما "الكحيت" يتباهي بما ليس لديه ويدعي الثراء وهو لا يجد قوت يومه لعائلته التي تعاني من الفقر المدقع، "الحكيت" شخصية تجسد السلبية، الكلام بدون فعل، يعيش حياته في أحلام اليقظة دون التفكير في تغيير الواقع. والله ولي التوفيق " الكومندا " شخصية حقيقية في الواقع المصري، لاحظ أحمد رجب أنها تقوم بمهمة محددة،في إقناع الشعب المصري بقرارات الحكومة والتعاطف معها عن طريق مبررات يقدمها للجمهور من خلال حوار إعلامي يجيب على تساؤلات الشعب، ودائما كان ينهي "الكوماندا" كلامه بجمله "و الله ولي التوفيق" فكانت بمثابة تنويم الشعب مغناطيسيا، بالإضافة إلى حرص أحمد رجب ومصطفي حسين على أن يظهر "الكوماندا" وهو يسير على خطوط محددة له من قبل المسؤولين لا يخرج عن نطاقها أبدا. كمبورة بك لم يترك أحمد رجب الشخصيات الانتهازية التي تقدم نفسها للناس لكي يتم انتخابها لعضوية البرلمان، وهي في حقيقة الأمر شخصيات تتاجر بأحلام الناس مقابل تحقيق مصالحها الشخصية وليذهب الناس إلي الجحيم، فأبتكر الساخر الكبير أحمد رجب شخصية " كمبورة " المتلون الذي يخدع البسطاء بملبسه وكلماته المعسولة وبمجرد وصوله للمجلس يكشف عن شخصيته المتحولة المتلونة فيصبح " كمبورة بك " الذي يحتمي في " الحصانة " البرلمانية التي يحقق من ورائها المنافع والمصالح الشخصية بعيدا عن آلام وطلبات من انتخبوه، وقد ادخل "كمبوره" ألفاظ ومصطلحات لغوية غريبة علي أعضاء مجلس الشعب المحترمين مثل "الأرنب" و"الأستك" و"التمساحة"، ورافقت شخصية " كمبورة " شخصية أخرى ابتكرها أحمد رجب بحسه الكوميدي السياسي شخصية "عبعزيز"، المثقف الذي يعد له الدعاية الانتخابية وينسق له الكلمات التي سوف يلقيها على أهل دائرته. رحم الله عبقري السخرية والضحك الذي أمتع الناس لما يقرب من نصف قرن بكلماته وشخصياته التي عبر بها عن رؤيته للواقع المصري المعاش في فترات تاريخية متلاحقة.