لم يحظ شاعر عامية قط بالاهتمام و الحفاوة التي حظي بها الشاعر بيرم التونسي، حتي أُعتبر بحق أميرا لشعراء العامية بشهادة كل الشعراء الذين جاءوا من بعده مثل فؤاد حداد ، صلاح جاهين ، و عبدالرحمن الأبنودي.. بداية حياته كانت في الاسكندرية الملهمة ، حيث ارتبط من الصغر بصداقة الشيخ سيد درويش ، و كان لبيرم نفسية فنان حقيقي تجتذب الصور من حوله و تتمثلها و تخرجها شعرا و زجلا فيه آيات للسائلين . بداية بيرم التونسي الزجلية كانت كينبوع تفجر مرة واحدة بدون مقدمات و كان السبب أزمة مادية طاحنة مر بها حيث اشتري بميراثه من ابيه بيتا في حي الانفوشي و استغل باقي الارث في تجارة السمن ، حتي فوجيء بالمجلس البلدي بالاسكندرية يطلب منه مبلغا كبيرا جدا كعوائد علي البيت لم يكن يعلم عنها شيئا و يحجز علي البيت ، فينفجر نبع الشعر فورا بقصيدة المجلس البلدي : يابائع الفجل بالمليم واحدةً كم للعيال وكم للمجلس البلدي كأن أمي بلَّ الله تربتهاأوصت فقالت: أخوك المجلس البلدي أخشى الزواج فإنْ يوم الزفاف أتى يبغي عروسي صديقي المجلس البلدي أو ربما وهب الرحمن لي ولداً في بطنها يدعيه المجلس البلدي ثم تتوالى ابداعات بيرم بعد ذلك حتى يضطر للرحيل عن الوطن ، فيذوق مرارة النفي تارة الى تونس ، و تارة اخرى الى فرنسا ، و بعد العودة الى مصر ، وبعد عدة محاولات لاصدار مجلات كثيرا ما تعرضت للمصادرة و الاغلاق ، استطاعت اخبار اليوم ان تقتنص هذه الماسة الثمينة ، ففي العام 1950 كان البحث جاريا عن اقلام قوية و مشهورة لتدعم دار اخبار اليوم في المواجهة الساخنة مع الجرائد الاخرى ، في ذلك الوقت كان بيرم التونسي يحصل على اجر بين ثلاثة جنيهات و خمسة جنيهات عن القصيدة الواحدة لكن أخبار اليوم عرضت على بيرم عشرة جنيهات عن القصيدة الواحدة ، و يتم الاتفاق بالفعل لينشر بيرم ازجاله بالصفحة الاخيرة من اخبار اليوم و قد كانت اولى قصائده في الاخبار بعنوان فوضى. أخبار اليوم - مارس 1950