سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. كوه بوه كون وزير التجارة والصناعة بسنغافورة: الابتكار والتعليم مدي الحياة الخطة الذكية للقضاء علي البطالة مصر قادرة علي تخطي الصعاب ولا مخاوف من الاستثمار بها ... القارة السمراء محطتنا القادمة للمنافسة العالمية
التجارة وسط عالم غير مستقر إقتصاديا قد تسقط دولا وحكومات إذا لم تستطع البقاء وسط منافسة تزداد شراسة كل يوم.وفي ظل تعلق العيون بتلك المؤشرات التي تتحرك صعودا وهبوطا كي ندرك أنه لا شيء آمن ولا شيء دائم. كما اندثرت صناعات لم تقو علي المنافسة في سوق مفتوحة البقاء فيها للجودة التي تقدم بأفضل الأسعار. في دولة سنغافورة الذكية المنافسة لها شكل آخر فالدولة تمتلك صناعاتها الفريدة التي تسعي لتسويقها في العالم ، والسوق السنغافوري يشجع علي الاستثمار لما يحمله المجتمع من تنوع ثقافي وعرقي جعل البلاد أشبه بالسوق الحرة التي تجد فيها منتجات من كل مكان.. وفي محاولة مني لإستخلاص بعض من الأفكار والحلول التي قد تساعد الاقتصاد المصري في كبوته كان لقائي مع دكتور كوه بوه كون وزير التنمية المحلية والتجارة والصناعة السنغافوري ضمن الدورة التاسعة لبرنامج صحفي الشرق الأوسط »الذي عقد في سنغافورة ، وكان الوزير» يستعد للقدوم إلي مصر ضمن الوفد المرافق للرئيس السنغافوري توني تان في زيارته التاريخية لمصر احتفالا بمرور نصف قرن في تاريخ العلاقات بين البلدين. وكما هو الحال مع كل المسئولين السنغافوريين الذين التقيت بهم كان الحوار مع الدكتور كوه ثريا وملهما في كثير من الأحيان ولكني كنت أحاول إيجاد العلاقة بين كون أغلب الوزراء في الحكومة من الأطباء وتحولوا اليوم لوزراء ناجحين رغم أنهم يعملون في وزارات تبعد عن شهاداتهم العلمية. في إطار احتفال مصر وسنغافورة بنصف قرن من العلاقات وزيارتكم لمصر ما هو حجم استثمارات سنغافورة في مصر؟ وهل هناك مخاوف لديكم من الاستثمار في المنطقة في ظل الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط؟ - يوجد شركات سنغافورية كثيرة في مصر ونحن نسعي جاهدين نحو مزيد من الإستثمارات في السوق المحلية وشركاتنا مهتمة بهذا الأمر.. ومن أحدث الاستثمارات ما يتم حاليا بين مصر وسنغافورة بخصوص تنمية محور قناة السويس، ومنطقة قناة السويس مهمة بالنسبة لحركة التجارة العالمية. ومن أهم المجالات التي تسعي سنغافورة للإستثمار فيها في مصر هي النقل البحري وتطوير الموانئ حيث افتتحت الشركة السنغافورية باسيفيك انترناشيونال أول مرفق للإمداد والتموين في مصر والشرق الأوسط في منطقة العين السخنة وذلك تمهيدا لمزيد من التعاون في المستقبل. فنحن مهتمون بالتوسع عبر البحار.وتقدر استثمارات الشركة وحدها ب 30 مليون دولار. وهي فرصة ذهبية للشركات الناشئة في اقتحام السوق عبر استثمارات من هذا النوع حيث تبحث دائما عن اقتحام أسواق جديدة حول العالم. نحن نؤمن بأن منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا من أهم المناطق التي لها تأثير في الاقتصاد العالمي ونسعي لجلب المزيد من الشركات السنغافورية للمنطقة. وبالنسبة للصراعات في المنطقة فنحن ننظر لكثير من الدول بحثا عن زيادة حجم الإستثمار وزيادة التعاون التجاري والإقتصادي والاستثمار بصفة عامة يبحث عن شيئين : السلام والاستقرار وهما أهم عاملين تبحث عنهما الشركات من أجل إستثمار ناجح. وكل شركة تبحث عن الأنسب لها كما تفعل كل الشركات حول العالم. ولا مخاوف لدينا من الاستثمار في مصر فالوضع مستقر.وهناك وفد من رجال الأعمال الذين سيجلسون مع نظرائهم المصريين من أجل التحاور ومناقشة ما يحتاجه السوق المصري وما يمكننا تقديمه. ولكن هل يقلقكم وضع الاقتصاد المصري؟ وهل نحتاج لطبيب كي يعالج مشكلاتنا الإقتصادية؟ - أعتقد أن مصر قادمة بقوة رغم كل شيء. فمصر دولة ثرية بالموارد: الأرض والموارد البشرية لذلك لا يفتر اهتمامنا بالاستثمار فيها. وكل الدول تمر بفترات عصيبة في تاريخها وعثرات وقد مر علينا أوقات عصيبة أيضا. وأعتقد أن دولة في حجم مصر قادرة علي تخطي هذه الصعاب. أما وأن مصر تحتاج طبيبا بالإشارة لطبيعة تخصصي وعملي الحالي كوزير للتجارة فالأمر ليس مختلفا كما تظنين. هذه أحد المكونات الفريدة لدولة سنغافورة وقد ساعدني تخصصي في النظر للقضايا بطريقة مختلفة ولكن الثابت أن هناك مشاكل وعليك تشخيصها بدقة لإيجاد العلاج المناسب. وهذا ما أفعله أستمع للشركات وأصحاب المصانع وأضع إستراتيجية وخطة ثم نقيس النتائج ، فإذا كانت ناجحة نستمر وإذا وجدنا أنها غير مناسبة نستبدلها فورا بعلاج آخر. وما حجم استثماراتكم في دول الخليج العربي؟ - بلغ إجمالي قيمة التجارة مع الشرق الاوسط 32.3 مليار دولار في عام 2015، استحوذت دول الخليج علي النصيب الأكبر منها بقيمة 29.3 مليار دولار. وهي أرقام تدل علي حجم العلاقات بين سنغافورة ودول الخليج العربي وتأتي علي رأس القائمة دولة الامارات العربية المتحدة وحجم التجارة معها 13.1 مليار دولار، والمملكة العربية السعودية 8.8 مليار دولار ثم قطر 3.8 مليار دولار. وبعد توقيع سنغافورة ودول مجلس التعاون الخليجي علي اتفاقية التجارة الحرة عام 2013 وحجم التجارة في نمو دائم. والمستقبل يحمل المزيد من التعاون في مجال الصناعات التحويلية التي تركز عليها سنغافورة في الفترة القادمة ولها سوق متنامي في المنطقة. ومن آخر الاتفاقيات التي وقعتها سنغافورة كان عقد شركة ساتس التي تدير خدمات مطار شنغاي بسنغافورة مع السعودية لبناء مرافق الشحن في مطار الملك فهد الدولي بإستثمارات تصل ل 108 ملايين دولار سنغافوري. تحدثت عن اهتمام سنغافورة بالاستثمار في أفريقيا في الفترة القادمة فما سر هذا الاهتمام بالقارة السمراء؟ - عندما تابعنا المؤشرات والأرقام الأخيرة لحجم استثماراتنا في العالم وجدنا أن سنغافورة قدمت لدول العالم إستثمارات بقيمة 884 مليار دولار . حصلت الصين علي نسبة 15%، يليها دول الاتحاد الاوروبي بنسبة 13% والولايات المتحدة بنسبة 10 % وكانت نتيجة لافتة أن نجد نصيب القارة الأفريقية من استثمارتنا لم يتجاوز 1%. وقد بدأنا هذا العام بإرسال مستثمرين لأوغندا وتنزانيا. وأفريقيا قارة تشهد كثيرا من الأزمات والتحولات السياسية وكثير من الدول لديها تخوف من الإنفتاح وتخشي الدخول في مضمار المنافسة وربما يكون ذلك أحد أسباب بطء الاستثمار السنغافوري في أفريقيا. ورغم ذلك نبحث عن أسواق جديدة والقارة السمراء محطتنا القادمة للمنافسة العالمية.. لذلك ابرمنا اتفاقيات مع رواندا وجنوب أفريقيا ولشركاتنا مكاتب في أكرا وغانا وجوهانسبرغ. ومن أبرز المجالات التي تحتاجها أفريقيا هي تكنولوجيا المياه التي برعت فيها سنغافورة لسد احتياجات سنغافورة من مياه الشرب وتحتاجها أفريقيا أيضا لسد عجز المياه في جنوب الصحراء الأفريقية. من أكبر الإنجازات التي تتحدثون عنها التوقيع علي إتفاقية التجارة الحرة في الوقت الذي تتحفظ فيه كثير من الدول علي الإتفاقية خوفا من المنافسة والتأثير السلبي علي الصناعات المحلية..وربما يكون لدينا نفس الهاجس.. فما هي الأسباب التي أدت لنجاح سنغافورة في منافسة الدول العظمي؟ - سنغافورة من أولي الدول التي تبنت أفكار العولمة وأدركت اهمية التوقيع علي الاتفاقية مع الدول الكبري ودول جنوب آسيا ذات التاريخ الطويل في التجارة والصناعة. والأمر تطلب أن يتم تدريب الشركات السنغافورية كي تتمكن من المنافسة وهذا شيء تقعله الحكومة بإستمرار لأن السوق يتغير وحاجات الناس كذلك.. ليس هذا فقط بل ساعدنا العمال عبر ما يسمي بخرائط صناعة التحول لمواجهة طوفان التكتولوجيا القادم ومواكبة ما يحدث في السوق العالمي وطورنا كل المصانع وفقا لذلك وقدمنا حلولا حضارية لكل شئ ووفرنا خدمات لوجيستية وكل هذا خلق وظائف جديدة فانخفضت نسبة البطالة بل لم يعد لدينا بطالة وشركاتنا تحقق نجاحا مذهلا حول العالم وكذلك تفعل الشركات الأجنبية التي تستثمر في سنغافورة. من أهم الإنجازات التي تحسب لسنغافورة نجاحها في القضاء علي مشكلة البطالة التي تؤرق كثيرا من الدول التي عجزت عن تقديم حل لهذه المشكلة المزمنة..فكيف نجحتم في تشغيل كل الشباب؟ - الموضوع ببساطة نظام متكامل تتبناه الدولة يبدأ من التعليم فنحن لا نقدم شهادات ومؤهلات لمجالات لا نحتاجها ، بل نوزع الطلاب علي مدارس وجامعات ومعاهد مختلفة وفقا لقدراتهم والكل يتخرج ويعرف أين سيذهب للعمل؟ ثانيا: نحن لا نتوقف عن دراسة التغيرات العالمية التي تحدث كما ذكرت وهذا يجعلنا نطور باستمرار من طبيعة العمل الذي نوفره هنا وايضا نستمر في إعادة تأهيل العمال والموظفين في كل القطاعات لمواكبة تلك التغيرات فدراسة المتطلبات التي يحتاجها المستهلك طوال الوقت وتحديد نوع الخدمة ولمن ستقدم ؟ تجعلنا قادرين باستمرار علي المنافسة، إذن اعادة التأهيل شيء مهم. هذا ينقلنا لموضوع آخر مهم وهو الصناعة..فكيف نجحت سنغافورة في ملف الصناعة بينما اندثرت صناعات في دول صناعية كثيرة؟ - سنغافورة تعتمد علي اربعة محاور أساسية للتطوير الدائم والمستمر ل23 صناعة محلية منها صناعة الإلكترونيات والطاقة والصناعات الغذائية وخدمات النقل البحري والجوي وغيرها. أولها: الابتكار بالاعتماد علي التكنولوجيا لعمل مشاريع جديدة وبناء قدرات لتطوير منتجاتنا وعلامتنا التجارية. ثانيا: العالمية وهو القدرة علي المنافسة عالميا بمنتجاتنا ودخول السوق العالمي من خلال تفوقنا الرقمي. ثالثا: الإنتاجية وفيها يتم التحول لتحقيق أعلي معايير الجودة والإستفادة من التجارب الناجحة للآخرين.وأخيرا الوظائف والمهارات فنهتم بتنمية وتطوير القوي العاملة الموجودة ونعلمهم باستمرار المهارات المطلوبة ليواكبوا التحول الذي نحدثه في قطاعات كثيرة والذي يعتمد علي الابتكار ونعتمد علي ما يسمي بالتعليم طوال الحياة لتحقيق الاستفادة القصوي من القوي العاملة.