موعد مباراة نانت ضد ستاد رين في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    انطلاق العام الجامعي الجديد.. 3 ملايين طالب يعودون إلى مقاعد الدراسة في الجامعات المصرية    مصطفى عماد يهدي تكريمة في حفل توزيع جوائز دير جيست للمخرج محمد سامي    «دست الأشراف» دون صرف صحى.. ورئيس الشركة بالبحيرة: «ضمن خطة القرى المحرومة»    الاعتراف بفلسطين، جوتيريش يطالب دول العالم بعدم الخوف من رد فعل إسرائيل الانتقامي    بعد تحريض ترامب، تعرض محطة أخبار تابعة لشبكة "إي بي سي" لإطلاق نار (صور)    أول تعليق من أحمد العوضي على فوزه بجائزة "الأفضل" في لبنان (فيديو)    نجوم الفن يشعلون ريد كاربت "دير جيست 2025" بإطلالات مثيرة ومفاجآت لافتة    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    كيف تحصل على 5250 جنيه في الشهر من شهادات البنك الأهلي 2025؟.. اعرف عائد ال300 ألف جنيه    حبس المتهم بسرقة الدراجات النارية بالتجمع الأول    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بمنشأة ناصر    بعد أولى جلسات محاكمتها.. ننشر نص اعترافات قاتلة زوجها وأطفاله الستة بقرية دلجا    ماذا تفعل حال تهشّم زجاج سيارتك؟ خطوات تنقذك على الطريق السريع    أحمد صفوت: «فات الميعاد» كسر التوقعات.. وقضاياه «شائكة»| حوار    الأكاديمية المهنية للمعلمين تعلن تفاصيل إعادة التعيين للحاصلين على مؤهل عالٍ 2025    خبير عسكري| قرار نتنياهو بهدم غزة بالكامل هو رسالة ل«مصر»    حكاية «الوكيل» في «ما تراه ليس كما يبدو».. كواليس صناعة الدم على السوشيال ميديا    د. حسين خالد يكتب: تصنيفات الجامعات مالها وما عليها (1/2)    عوامل شائعة تضعف صحة الرجال في موسم الشتاء    «هيفتكروه من الفرن».. حضري الخبز الشامي في المنزل بمكونات بسيطة (الطريقة بالخطوات)    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة    قبل انطلاق الجولة الخامسة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي    أسعار المستلزمات المدرسية 2025: الكراسات واللانش بوكس الأكثر شراءً    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    مذيع يشعل النار في لسانه على الهواء.. شاهد التفاصيل    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم السبت    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    الشيباني يرفع العلم السوري على سفارة دمشق لدى واشنطن    أشرف زكي يزور الفنان عيد أبو الحمد بعد تعرضه لأزمة قلبية    كارول سماحة عن انتقادات إحيائها حفلات بعد وفاة زوجها: كل شخص يعيش حزنه بطريقته    الدولار يواصل الصعود بعد قرار الاحتياطي الاتحادي.. والإسترليني يتراجع    ترامب يعلق على انتهاك مزعوم لمجال إستونيا الجوى من قبل مقاتلات روسية    رسميًا.. تامر مصطفى مديرًا فنيًا للاتحاد السكندري    الدفاع المدني بغزة: 450 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة    ترامب يعلن إجراء محادثات مع أفغانستان لاستعادة السيطرة على قاعدة باجرام الجوية    شوقي حامد يكتب: استقبال وزاري    مؤتمر إنزاجي: هذا سبب التعادل مع أهلي جدة.. وعلينا التعلم من المباراة    مدرب دجلة: لا نعترف بالنتائج اللحظية.. وسنبذل مجهودا مضاعفا    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض في الأسواق اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    انطلاقة قوية ومنظمة وعام دراسي جديد منضبط بمدارس الفيوم 2026    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    «اللي الجماهير قالبه عليه».. رضا عبدالعال يتغزل في أداء نجم الأهلي    طابور صباح وأنشطة طلابية في الشارع، سور متحرك ينهي معاناة 38 سنة بمدارس ورورة ببنها (صور)    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    قرار عاجل من النيابة ضد أبطال فيديو سكب السولار على الخبز بالشرقية    ترامب يعلن إتمام صفقة تيك توك مع الصين رغم الجدل داخل واشنطن    القرنفل مضاد طبيعي للالتهابات ومسكن للآلام    ديتوكس كامل للجسم، 6 طرق للتخلص من السموم    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً قبل الاقتصادي    سيف زاهر: جون إدوار يطالب مسئولى الزمالك بتوفير مستحقات اللاعبين قبل مواجهة الأهلى    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    مخرج «ڤوي ڤوي ڤوي»: الفيلم انطلق من فكرة الهجرة الغير شرعية    تراجع كبير في سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



72‮ ‬ساعة عفو‮:‬تنوع الأدوات والانتصار للمضمون‮!‬
نشر في أخبار الحوادث يوم 05 - 11 - 2016

وليد علاء الدين من المبدعين القلائل الذين لا تستطيع أن تصنفهم تصنيفا واحداً‮ ‬أوتدرجهم تحت مظلة تواحدة وتظل مرتاحا لحسن صنيعك؛ فهو شاعر رائق اللغة،‮ ‬قاص بارع،‮ ‬وصحافي متمرس،‮ ‬مدير تحرير خبير بشئون العمل الصحفي‮ ‬،‮ ‬باحث متمكن من خبايا التراث وله مؤلف روائي أقل ما يقال عنه أنه خلاب،‮ ‬بجانب مقالاته العديدة تفي مجالات تالنقد توأدب الرحلات والشأن الاجتماعي والسياسي العام هذا الي جانب ابداعه المسرحي المتنوع‮. ‬
وقد برهن علي صدق موهبته ونضارة أدواته العديد من الجوائز المختلفة التي نالها تباعا مثل جائزة الشارقة للإبداع العربي عن مسرحيته‮ "‬العصفور‮". ‬وجائزة أدب الحرب المصرية للقصة القصيرة عن قصة‮ (‬عرنوس يُصلب من جديد‮). ‬وجائزة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات‮ (‬غانم‮ ‬غباش‮) ‬للقصة القصيرة وأخيرا جائزة ساويرس في المسرح التي نالها في مطلع‮ ‬2016‮ ‬عن مسرحية‮ "‬72‮ ‬ساعة‮" ‬عفو‮. ‬ليظهر بشكل واضح اننا أمام كاتب قادر دائما علي المفاجئة وإثارة الدهشة ليس فقط بتنوع المضامين وتطور اللغة ولكن من خلال ادوات مختلفةت مما يضيف دائما لتجربته ويجعلها اكثر عمقا وثراء‮.‬
وإن اتخذنا‮ ‬غزارة الانتاج وتعدد الادوات والعلاقات الخفية بين النصوص المختلفة التي ينتجها وليد علاء الدين تمدخلا لقراءة النص الذي بين يدينا لوجدنا الكثير‮.‬
فالنص المسرحي‮ " ‬72‮ ‬ساعة عفو‮" ‬هو احدث اصدارت وليد علاء الدين عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ويضم بين طياته ثلاث مسرحيات قصيرة معنونة وإن كان العمل ككل يحمل عنوان إحداها والتي اختارها الكاتب لتقديم مجموعته‮.‬
ففي النص الأول‮ "‬صورة يوسف‮ " ‬يميل الكاتب لأسلوب مسرحي قريب الي الميلودارما في كثير من أجزائه من خلال بطل النص الذي يقبع تفي‮ ‬غرفته تالمظلمة يجتر أحزانه والتي تتجسد أمامه وتصارعه توتحاور ويستبدل في كثير من أجزاء النص السينوغرافيا التقليدية للمسرح بشاشة عرض سينمائي لتعبر عن الشخصيات التي جالت في خيال البطل وأثرت في تكوينه وشكلت هويته وهي هوية ممزقة ممسوخة حائرة تئن بشدة من تعقيدات المجتمع وتعالج تتقضية الهوية الدينية والتطرف الفكري وهوس التقييم والتصنيف الذي يعاني منه المجتمع من المنظور الاوسعت ويرصد العديد من السلبيات التي يعاني منها المجتمع كالوساطة والفساد وتجمد الخطاب الديني من خلال شخصية البطل الذي شاءت الأقدار أن يولد لأم قبطية وأب مسلم وبرغم حالة السلام والمحبة التي‮ ‬غمرت بيت الأسرة الصغيرة فان ضراوة المجتمع كان لها النصيب الاكبر في الفتك به توتحويل حياته الي جحيم مستعر وإن كان يحق لي أن أذكر فان‮ " ‬يوسف‮ " ‬بطل المسرحية قد استثمره وليد علاء الدين بذكاء شديد في عمل روائي اخر ما زال قيد الطبع‮. ‬وقد تميزت المسرحية بمعالجة نفسية دقيقة ورسم يتسم بالفهم الشديد للشخصيات ودوافعها وطبيعة الصراع فيما بينها كمشهد حبيبة يوسف التي تزوجت من رجل ثري مكتنز الجسد يهتز لحمه في ليلة الدخلة وهي تحاول فقط أن تخرج رأسها من بين طياته كل ثلاثة هزات لتلتقط أنفاسها أو مشهد الرجل الملتحي في المصعد تالذي عنفه علي اهتمامه بالموسيقي وأدواتها وإن كانت تلك المشاهد قد تميزت بالاقتصاد في الكلمات والتوتر الشديد في الايقاع النفسي وقد ظهر هذا بشدة من خلال الشخصيتين المحوريتين جورج ومنذر اللذين يبدوان للوهلة الأولي مختلفين جذريا تفي كل شئ فكلاهما علي طرف النقيض دينا وفكريا ولكنهما كما ساق الكاتب ببراعة هما شخصيتان متطابقتان فيتالهوس شديدا الخبث محشوة بالرغبة في فرض السيطرة قادرة علي التآمر متشابهة الدوافع.ت وقد اتضح هذا جليا في حركة الشخصيات المتطابقة علي المسرح في كثير من الأحيان ولكن في اتجاه معاكس ونوعية الاضاءة التي ركزت عليهم ولكن يظل دائما عاصما ليوسف من الفتنة رغبته الشديدة في العلم واعتصامه بأوراقه وقلمه الذي لم يفارقه طوال أحداث المسرحية‮.‬
والمسرحية الثانية في المجموعة هي مسرحية‮ " ‬72‮ ‬ساعة عفو‮ " ‬ويمكنني أن أطلق عليها مسرحية الأسطورة محلية الصنع أو مسرحية الحكاية الشعبية المحلية التي تنطلق كالنار في الهشيم فتستقر في الوجدان الشعبي المحلي والعالمي فقد اعتمد الكاتب في هذا النص علي صنع حدث تخيلي يعتمد علي فرضية لا يمكن أبدا حدوثها علي أرض الواقع وهي إسقاط التهمة عن جرائم القتل في مملكة مجهولة المكان والزمان لمدة‮ ‬72‮ ‬ساعة،‮ ‬وأثر ذلك علي المجتمع الذي يحكمه قانون صارم وعرف شديد التصلب وعادات اجتماعية راسخة‮. ‬ويستعرض الكاتب تفاعل طبقات المجتمع وتحولاتها في مواجهة تلك الفترة بدء من حالة الانتقاد الشديد تحولا بشكل تدريجيا للقبول بل والتخطيط لجرائم قتل،‮ ‬خيل لهم تأنها قد تحول واقعهم للأفضل أو تخلصهم من بعض مشاكلهم،‮ ‬بل وطال الأمر حتي حاكم البلاد السلطوي المتسلط الذي أصبح يخشي علي نفسه من القتل من أقرب الأقربين لسلطته‮. ‬والمسرحية تقليدية جدا في أسلوب السرد ورسم الحركة والإضاءة والمشاهد،‮ ‬بما يتماشي مع رؤيتها في صناعة الصورة الاسطورية فالفكرة هي البطل والأشخاص هم وقود الحدث الذي يعمل علي استمراره وتناميه‮.‬
والمسرحية الثالثة‮ "‬البحث عن العصفور‮" ‬تقع في منطقة إبداعية وفكرية مختلفة عن صورة يوسف و‮"‬72‮ ‬ساعة عفو‮" ‬فهي مسرحية تميل بشدة للتجريب وكسر حاجز التوقع والرمزي الشديدة التي تتسم ببساطة التناول وعمق الفكرة من خلال شابين علي مسرح يجلسان علي اطرافة ويتحاوران بشكل‮ ‬غرائبي ويكسر تلك الحالة الحوارية مرور رجل وفتاة يعبران المسرح لرسم حالات وعلاقات مختلفة بين الرجل والفتاة تارة وبين الشابين والرجل تارة اخري وبين الشابين والفتاة تارة اخري ليبدو كأن الشابين كلا منهم انعكاس للآخر والرجل والفتاة كل منهم انعكاسا للآخر في مناقشة لقضايا الحياة الموت والوجود حيث إن أبسط الأسئلة وأوضحت المسلمات محل شك وخلاف كما ورد السؤال علي لسان الرجل‮ "‬هل تطير العصافير‮" ‬ولم يصل الجميع لأي إجابة حاسمة في هذا الشان طوال العمل توالنص يحيلنا برؤية عربية معاصرة للعمل الرائع في انتظار جودو لصمويل بكيت من حيث الشكلت وإن كان يختلف عنه جذريا في التناول والطرح والمضمون‮.‬
وفي المجمل فإن تنوع أدوات الكاتبت قد ظهرت جليا في نصوصه المسرحية التي تنتمي لمدارس مختلفة في الكتابة كما ينتمي هو لأدوات مختلفة في التعبير عما يجول بخاطره وفي النهاية يبدو أن خيط الابداع الخاص بوليد صلاح الدين مشددا بشدة من خلال موهبته المتفردة التي تنتصر في النهاية للمضمون والقيمة الجمالية علي حساب الشكل والتصنيف‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.