رحب خبراء الاقتصاد بقرار محافظ البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه وأكدوا أنه إجراء يتسق مع الواقع ولكن يجب أن يستتبعه اجراءات أخري لتحقيق الفائدة القصوي من هذا الاجراء، والخبراء حذروا أيضا من الاثار الجانبية للقرار وأخطرها ارتفاع أسعار السلع الاساسية وإن كانت أسعار أغلب السلع ارتفعت بالفعل تأثرا بالارتفاعات السابقة في سعر الدولار بالسوق السوداء إلا أن أسعار السلع التموينية والأدوية والمواد البترولية كانت بمنأي عن هذه الزيادات ومهددة بموجة من الارتفاع نتيجية ارتفاع تكلفة الاستيراد. قال د. مصطفي السعيد وزير الاقتصاد الأسبق أن القرار جاء متفقا مع الواقع ولكنه غير كافِ لأنه طالما استمر السوق الحر موجودا وموردا رئيسيا لتوفير الدولار للمستوردين ستبقي الازمة ولن نري نهاية للدائرة المفرغة التي يلاحق فيها البنك المركزي الاسعار بالسوق الموازي، وقال إن الإجراء المكمل الذي أعلنه البنك المركزي برفع سعر الفائدة علي الايداع بالجنيه المصري إجراء جيد ويساهم في تشجيع حائزي الدولار علي استبداله بالجنيه للاستفادة من سعر الفائدة المرتفع. وقال إن الحل في وجهة نظره أن يتم الاستيراد بالجنيه المصري علي أن يقوم البنك المركزي بتوفير التدبيرات الدولارية اللازمة والقضاء علي سيطرة الصرافة علي سوق الاستيراد، وقال إذا فشل البنك المركزي في الوفاء بالطلبات علي الدولار للسوق سيعاود الدولار الارتفاع من جديد بالسوق الموازي وقال إن الحكومة علي الاجل الطويل مطالبة بزيادة الانتاج ومضاعفة الصادرات وتنشيط السياحة باعتبارها أهم الموارد الدولارية للدولة، وعن الآثار الجانبية للقرار قال إن تكلفة استيراد السلع التموينية والأدوية والمواد البترولية سترتفع علي الخزانة العامة للدولة وبالتالي سيزداد عجز الموازنة العامة للدولة مالم تتخذ إجراءات سواء بخفض الدعم أو رفع أسعار هذه السلع. إجراءات إصلاحية أما الدكتور سلطان ابو علي وزير الاقتصاد الأسبق فيري ان الأزمة الاقتصادية تحتاج حزمة من الإجراءات الإصلاحية والاكتفاء بالتعامل مع سعر الصرف وحده لن يؤتي ثمارا طيبة وسلبياته ستكون أكثر من إيجابياته، أضاف أنه كان من الافضل اتخاذ إجراءات إصلاحية أخري قبل قرار تعويم الجنيه وأهم هذه الإجراءات علاج العجز من خلال زيادة الإيرادات وخفض النفقات وإصلاح السياسة النقدية، وقال إن إصلاح السياسة النقدية يتم من خلال رفع سعر الفائدة علي الإيداع بالجنيه بزيادة نقطتين مئويتين عن نسبة التضخم وتشجيع البنوك التجارية علي تمويل الشركات والمصانع المتعثرة وإنشاء مشروعات جديدة بما يساهم في زيادة الصادرات، وقال بعد هذه الإجراءات يتم تقييم الموقف وبناء عليه يتم تحرير سعر الصرف أو خفض قيمة الجنيه وفقا لما تقتضيه الأحوال. قال إن الأثر السلبي لقرار تحرير السعر يتمثل في زيادة معدلات التضخم ورفع الاسعار محذرا من فشل التحرير في توحيد سعر الصرف أو أن يكون توحيدا وقتيا ترتفع بعده أسعار الدولار في السوق السوداء من جديد لان المشكلة الرئيسية تكمن في قدرة الدولة علي توفير الاعتمادات الدولارية المطلوبة. الدكتور سمير رضوان وزير المالية الأسبق رحب بالقرار ووصفه بالصائب إلا أنه يعتب علي الدولة التاخر في إتخاذه، وقال إن ما حدث أمس من البنك المركزي هو تحرير مدار وليس تحريرا مطلقا كما يتصور البعض، وقال إن البنك المركزي اتخذ قرارا صائبا عندما استكمل قرار تعويم الجنيه بقرار رفع سعر الفائدة علي الإيداع بالجنيه علي الرغم من أنه يسبب زيادة عبء خدمة الدين العام إلا أنه مشجع للمستثمر خاصة أن سعر الفائدة المحدد ب 15.5% غير موجود في أي دولة في العالم. وقال إن أهم القرارات التي يجب ان تبادر الدولة بتنفيذها بعد إقدامها علي تحرير سعر الصرف أن تنهي إجراءات التوقيع علي قرض صندوق النقد الدولي لإنه المورد الوحيد في الوقت الحالي لضخ سيولة من الدولار بالسوق المصري وفي حال ضخ قيمة الشريحة الاولي المقدره ب 3 مليارات دولار في السوق ستكون بمثابة الضربة القاضية للسوق السوداء، كما اكد علي ضرورة تفعيل قانون مكافحة الاحتكار خاصة أن أغلب السلع الغذائية والاستراتيجية محتكرة بالفعل. آثار جانبية قال إن قرار التعويم علاج للإقتصاد المريض وأي علاج له آثار جانبية يجب التعامل معها بحكمة وفي أسرع وقت موضحا أن اهم هذه الاثار ارتفاع نسبة التضخم خاصة أن مصر تستورد اغلب احتياجاتها حتي إن جزءا كبيرا من مكونات الصادرات المصرية خامات مستوردة وقال إن أول من يتأثر بالتضخم الفقراء والطبقة المتوسطة وطالب بضرورة التوسع في برامج الحماية الاجتماعية لحماية هذه الطبقات والاهتمام برفع معدلات التشغيل، كما طالب بضرورة قيام الدولة بإرسال رسائل طمأنه للمستثمرين مقرونة بخطوات لتنفيذها خاصة ان السوق يتحرك علي مثل هذه الرسائل مؤكدا أن الحل لأزمة الإقتصاد المصري في إتجاه الدولة لإدارة إقتصاد مفتوح. من جانبه أثني د. فخري الفقي مستشار صندوق النقد الدولي سابقا علي القرار ووصفه بالخطوة المهمة في اتجاه التصحيح ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري كما انه خطوة مهمة للحصول علي قرض صندوق النقد الدولي الذي سيساهم في خفض عجز الموازنة وإعطاء رسالة إيجابية للعالم عن قوة الإقتصاد المصري وكفاءة ادارته، وقال إن قرار رفع سعر الفائدة علي الإيداع بالجنيه كان قرارا تكميليا مهما من البنك المركزي ويؤكد أن الإجراءات تتم بشكل مدروس.. أضاف ان قرار تحرير سعر الصرف يعني ان الجنيه أصبح له سعر واحد وهو ما يعد عنصر جذب للاستثمارات الاجنبية والمحلية علي حد سواء لإن وجود فارق كبير بين سعر الدولار الرسمي وفي السوق الموازي يكبد المستثمر خسائر كبيرة. خسائر المضاربين أكد أن المضاربين علي الدولار تكبدوا خسائر كبيرة خلال الساعات ال 48 ساعة الماضية وسيتكبدون مزيداً من الخسائر خلال الأيام القليلة المقبلة نظرا لاتجاه البنوك التجارية لإصدار شهادات إيداع بالجنيه المصري بسعر فائدة مرتفع لتفوق مكاسب الإدخار بالجنيه تلك التي تتحقق من المضاربة علي الدولار. وقال إن قرار رفع سعر الفائدة علي الإيداع بالجنيه سيساهم في تغيير ثقافة المواطن المصري للإدخار بدلا من الانفاق وهو ما سياسهم خلال المدي المتوسط في خفض معدل التضخم لأن كثرة الإنفاق تزيد معدلات السيولة بالسوق وهو أهم عوامل زيادة التضخم.. قال إن الدولة عليها زيادة دعم المواطن علي البطاقة التموينية خاصة أن تكلفة استيراد السلع التموينية سترتفع حيث إن الدولة كانت تستوردها بالسعر الرسمي للدولار وليس بسعر السوق السوداء كما هو الحال مع باقي السلع التي تأثرت أسعارها كثيرا بالمضاربات علي الدولار خلال الايام الماضية ويفترض أن تتراجع أسعارها بالقيمة المساوية للتراجع في سعر الدولار بعد تحرير سعر الصرف.