منتهي الحكمة.. كان هو تصرف الرئيس السيسي في التقاط خيط الحوار مع شباب مصر الرائع بكل أطيافه.. الشباب المستوعب لما يواجهه من تحديات غير مسبوقة.. يشعر وسطها أحيانا بالاغتراب، وأحيانا أخري بضرورة اختراق الحواجز والقفز للنتائج، مهما كلفه ذلك من عناد أو اتخاذ قرار صعب ! هل يخطئ الشباب إذا اختار طريقه المختلف عن مسار خطة الطريق التي رسمها له الكبار؟ بالطبع لا.. ذلك أنه يملك بما منحه عصره وعمره، مهارات وخبرات جديدة قد لا ندركها نحن الكبار، خاصة في عصر الانفجار المعلوماتي في وسائل الاتصال الاجتماعي، والتنافسية المدمرة في وسائل الميديا.. إذا أين تكمن مشكلة الشباب في مصر؟ الحقيقة أنها تتلخص في انقطاع التواصل بينهم وبين الكبار، فالكبار قد أدركوا بحكمتهم الناضجة أن عليهم الانسحاب من مهاترات مع الأبناء قد تفقدهم مكانتهم الإنسانية لديهم، وأحيانا قد تنال من كرامتهم، فآثروا الصمت.. أما الشباب، فقد اتخذوا قرار الغضب ضد كل ما يمثل سلطة أسرية أو مجتمعية أو سياسية.. واستبدلوا الأهل بأجهزة »الكمبيوتر واللاب توب والموبايل» وغيرها، وخلقوا مجتمعا افتراضيا يضمن لهم فرصة استبعاد الكبار واستحضار الشخوص والأقوال والأفعال والصور والأفلام والأغاني التي يريدونها.. ومنحوا آذانهم وقلوبهم وعقولهم لمن لا يعرفونهم ولم يختبروهم في الحياة الواقعية، وتخلوا عن العلاقات الإنسانية المجتمعية التي كانت تمنحهم الحب والدفء والحكمة والعطاء والأخلاق والقيم الراقية، والأهم النصح الحاني! من هنا بدأت المشكلة والحل.. فالشباب الذكي وضع قدمه علي أرض الواقع فانطلق واشتبك في معارك الحياة والعمل والحب والزواج وتكوين أسرته، ومستقبله الباهر وأحلامه. أما البعض الآخر فقد تشوهت أفكاره وتاهت عن ذهنه الحقائق، وعاش في حالة ثورة وهمية ضد الواقع، فثار ضد كل شخص وقضية ورؤية وموقف، وحبس ذاته بين حوائط الأجهزة الافتراضية، وربما انضم إلي مسارات ضد القانون! لقد شهدت المرحلة الحالية من تاريخ المصريين تغيرات في النفوس والأخلاقيات والقيم نتج عنها كثير من الانقسامات الحادة، أخطرها انقسام بعض الشباب عن الوطن، والدولة، والأسر، حتي لقد انقسم الشباب ذاته علي نفسه! من هنا كانت شجاعة الرئيس في محاولته لاستعادة الشباب لحضن الوطن، وفي كسر جدار الشك بينهم وبين مجتمعهم، وفي خلق حوار صادق معهم.. حوار يتسم بالشفافية والرغبة في الالتقاء علي رؤية لصالح مصر تتجاوز وتقبل كل تفاصيل الخلافات والاختلافات.. لقد ألقي الرئيس الكرة في ملعب الشباب علي مرأي من كل الشهود من أهل مصر، في المؤتمر القومي الأول للشباب، وحملّهم مسئولية المشاركة في قيادة الوطن، شرط أن يكونوا جديرين بتحمل أمانة القيادة. مسك الكلام.. من حِكم سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: » أضْرِبْ بعْضَ الرّأْيِ بِبَعْضٍ يَتَوَلَّدْ مِنْهُ الصَّوَابُ.»