مصر تعيش «معركة بين الأمس والغد» ولدينا أشخاص يحاولون إعاقة المسيرة لصالح جهات خارجية شباب «25 يناير» صنعوا عملًا عبقريًا ووجود بعض من يحملون «أجندة خاصة» بينهم لا يبرر وصفهم ب«المتآمرين» على البلاد قال الشاعر الكبير سيد حجاب: إن ثورة «25 يناير» مثلت «بداية حقيقية» لدخول مصر إلى «عصر الحداثة»، إذ أدرك المصري بعدها أنه «حر في وطن حر»، مشيرًا إلى وجود مساع من «أعداء الأمة» لإعادتنا إلى الخلف، مشيرًا إلى ضرورة اعتماد العقل طريقًا لحل مُشكلاتنا المُجتمعية والإنسانية، وأن نجعل من هذا البلد وطنًا مُستنيرًا وعادلًا حتى يكتمل مشوار حداثتنا. وأضاف «حجاب»، في حوار مع «راديو البوابة»: إن مصر تعيش الآن «معركة بين الغد والأمس»، ممثلة في فكر شاب موجود بكثرة لدى شباب الأمة المصرية ومُعظم الشعب المصرى يأمل في أن يكون سيدا في وطن سيد، وفى المُقابل مجموعة أخرى تنتمى لمشروعات خارجية أو لمصالحها الشخصية تسعى لجرنا معها للأمس، مشددًا على أن التقدم لا يعني تكرار تجارب الماضي. ■ بداية.. أين موقع مصر الآن بالنسبة للعالم الحديث؟ - من أيام محمد علي باشا ورفاعة رافع الطهطاوي، ونحن نحلم أن تدخل مصر «عصر الحداثة»، وسعينا المُتكرر كان دائمًا ينكسر في الطريق، فلنا أعداء يقفون ضد سعينا لاستكمال مسيرتنا، بداية من الاستعمار ونهاية ب«الرأسمالية المتوحشة»، التي تسعى في الوقت الراهن للزحف على كل العالم، لتحول كُل الأوطان إلى أسواق، وتحول كُل البشر إلى زبائن لديها. وفى هذا الإطار، أظن أن «25 يناير» هي بداية الدخول الحقيقى ل«عصر الحداثة»، لأن الإنسان المصرى أدرك في «25 يناير» أنه حُر، وهناك الآن مساع مع بعض أعداء الأمة لإعادتنا إلى الخلف. وفى المرحلة المقبلة يجب أن نعتمد العقل طريقًا لحل مُشكلاتنا المُجتمعية والإنسانية، نحن وضعنا أقدامنا على العتبة الحقيقية للحداثة عندما أدركنا أننا أحرار في وطن حُر، وعلينا أن نجعل من هذا البلد وطنًا مُستنيرًا وعادلًا حتى يكتمل مشوار حداثتنا. ■ ما الذي يعيق دخولنا لعصر الحداثة؟ - تكمن العراقيل في العديد من القوى، فعلى المستوى العالمي نجد الرأسمالية المتوحشة التي استطاعت في تسعينيات القرن الماضى أن تُقضى على كُل الدول الوطنية المُستقلة، وعلى المنظومة الاشتراكية، وفى مطلع القرن الحادى والعشرين ظهرت مجموعة من الدول في أمريكا اللاتينية، استطاعت أن تخلق منظومات وطنية وإنتاجية قادرة على أن تقاوم هذه الرأسمالية المتوحشة (دول البريكس). وداخليًا أظن أن لدينا من يُدافعون عن هذه الأفكار داخل مُجتمعنا ويحاولون العودة بنا للوراء، والدائر الآن «عركة» بين الغد والأمس، ممثله في فكر شاب موجود بكثرة لدى شباب الأمة المصرية، وعند مُعظم الشعب المصرى، حيث يأمل في أن يكون سيدا في وطن سيد، وفى المُقابل مجموعة أخرى تنتمى لمشروعات خارجية أو لمصالحها الشخصية تسعى لجرنا معها للأمس أو لما قبل الأمس، كما سعت جماعة «الإخوان» من قبل. مصر «مفيش منها اتنين»، وزى ما وصفها جمال حمدان في كتابه «عبقرية المكان»، فمصر هي أول إبداع إنسانى في التاريخ، مصر اخترعت الضمير، وفكرة المسئولية الفردية عن الأعمال، وكان قبلها قوانين حمورابي، زى ما قال بريستد: «أنا سيد وحضرتك سيدة مالكة عبيد، عبدك خرق عين عبد من عندي، فأنا من حقى أخرق عين عبد من عندك»، وهنا كانت العدالة ذات طابع طبقي، وليست العدالة الحقيقية، وفى مصر الإنسان مسئول عما يفعل. مصر هي التي اخترعت الإنسانية، حيث كان أول تجمع إنسانى في التاريخ بشكل دولة مركزية كان في مصر والصين وبلاد الرافدين، وتأسست ثلاث حضارات، أعظمها كانت الحضارة المصرية، حيث إن المصريين هم أول من قدموا للعالم شكل الحياة وشكل المدينة وشكل القرية. ■ ماذا نحتاج حتى ننطلق نحو بناء وطن راقٍ ومُتقدم؟ - الأول علينا أن نُدرك قيمة ما لدينا، وأن نعمل لحسابنا وللإنسانية، وحتى ندرك هذا فنحن بحاجه لمنظُومة تعليم أخرى مختلفة عن المنظومة المنحطة المتهاوية، فنهضة مصر تحققت عندما أعاد محمد على النظر في منهجية التعليم والخريطة الزراعية، ونحن بحاجة لإعادة النظر في المنظومتين، فالعملية التعليمة الآن ليس لها هدف سوى منح الشهادات. ليس مطلوبًا أن نُكرر الماضى فالتاريخ لا يُكرر نفسه، التكرار الأول درامي، والتكرار الثانى كوميدي، نحن فقط نحتاج إلى تغيير العقل المصرى ليكون متسقا مع العصر الحديث، لنتحرر من هذه الخُرفات، فالتعليم هو مفتاح التقدم لهذه الأمة، والتراخى في إصلاح التعليم استمرار لفساد الماضي، نحن نتمسك بحضارة ال7000 سنة من منطلق أن «القرعة بتتباهى بشعر بنت أختها»، لذلك نحن لم نفعل شيئا حتى الآن لكى نكمل مسيرة حضارتنا الحديثة. ■ إذا انتقلنا لجانب آخر.. في فترة الأربعينيات والخمسينيات انضم سيد حجاب لحزب الفتاة وجماعة الإخوان.. حدثنا عن هذه التجربة؟ - من الصعب ادعاء الحكمة بأثر رجعي، أنا من جيل الستينيات المولود في وقت الحرب العالمية، ونحن جميعًا لم نكن راضين على الأنظمة التي خرجنا فيها، وكان لدينا حلم الاستقلال التام أو الموت الزؤام، ولم يكن أمامنا حينها سوى «مصر الفتاة» أو «الإخوان»، لكن بعد فترة اقتنعت أن أقصى ما يمكن أن تفعله هذه الجماعات هي خلق فاشية مُستبدة. وفترة وجودى لم تكن كبيرة، حيث إنها كانت ما بين عامى 48 و54، ولكن في شبابى كنت أرى أنهم سكة خلاص مُجتمعي. ■ لماذا فشلت جماعة الإخوان في الحكم؟ - الإخوان بتركيبتهم خلقوا عالما افتراضيا لا يتطابق مع الواقع، حيث إن الجماعة تأسست على فكرة الخلافة، رغم أنها سقطت قبل وقت ليس ببعيد على تأسيس الحركة، كما أنهم اختاروا اسم الإخوان المسلمون، ومن سواهم ليس معهم، كما أنهم اختزلوا القرآن الكريم في آية واحدة وهي: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، وكذلك شعار السيفين، وذلك على عكس الشباب الذي خرج في يناير، حيث إنهم خرجوا من الافتراضي لخلق ما يتواكب مع واقعهم. ■ كيف ترى شباب «25 يناير»؟ - الشباب عملوا عملًا عبقريًا، ويمكن أن يكون قد انتسب إليهم من يحمل أجندة خاصة، لكن لا يجوز الإساءة لهم ولا صفهم بالمتآمرين، حيث إنهم استطاعوا أن يكسبوا ثقة المجتمع المصرى من خلال شعارهم (عيش - حرية – عدالة اجتماعية – كرامة إنسانية)، نجحوا في التعبير عن واقع المصريين، الشباب اندمجوا في ثورات الإنسانية الكبري، حيث إن كل الثورات كانت تقوم بها طلائع ذات طبيعة أيدولوجية أو حزبية، لكن ما حدث في يناير تجاوز كل الأيدولوجيات والتنظيمات، ولكن إذا طال غيابهم يمكن أن ندفع ثمنها كبيرًا. ■ إذا تحدثنا على الصعيد الشخصي.. علشان تكتب تتر مسلسل لازم تقرأ المسلسل؟ - في الأول كنت أقرأ المُسلسل بالكامل وأقترح مواقع الغُنى على المُخرج والمؤلف، وتعلمت من الدراما الإغريقية كيف يطور العمل الدرامي دون إيقافه، ففى الدراما الإغريقية يقول المؤلف في البداية ماذا ينوى أن يفعل، وفى النهاية يحكى الفكرة التي قدمها، وفى الوسط يدخل تطويرًا على العمل. كتبت العديد من التترات في الستينيات، وقام بتلحينها عمار الشريعي، وأبرزها بالنسبة لى كان (بابا عبده – والأيام)، ومسلسل الأيام رغم عظمة مؤلفه إلا أنى حذفت منه نحو أربع حلقات وأضفت ما يقرب على خمس حلقات. ■ كيف قدم أحمد زكي الأيام؟ - عندما كان يحدث ما يعيق أحمد زكي عن أداء مشهد مُعين، كان بيطلب من يحيى العلمي أنه ينزل بالأغنية التي تسبق المشهد، فكان يركبه شيطان التمثيل، «زكي» كان بيعمل جهد كبير جدًا، وعاشر المكفوفين أصدقاء عمار الشريعي. ■ أقرب تتر لقلب سيد حجاب؟ - كل تتر كتبته كنت بتصور أنى داخل على امتحان، وكان عندى إحساس إن مش هعرف أكتبه تاني بعد ما أنتهى منه، وبعد وقت معين بيكون لدى القدرة على النظرة النقدية لأعمالي، ووقتها دايمًا كُنت بقول يا ريتني. ■ هل كتبت التتر مرتين؟ - كتبت تتر ليلى مرتين، ولحنه عمار الشريعي، في ليلة تصدير المسلسل للبلدان العربية، استدعانا ممدوح الليثى، وطلب أننا نهدى وكأننا داخلين على حرب، وكانت كلمات تتر الأغنية قبل التعديل هي «وحدوه.. واحد ملوش تانى اعبدوه.. في وطن واحد جدودنا وحدوه.. لو انفرط عقد العيلة تبقى الحياة شيلة تقيلة.. بغنى واضحك من غير سبب.. وانتى السبب يا موريانا العجب.. إزاى يا سمرة يا حُرة طالنا العطب.. وصابنا جهل أبو جهل.. وأبو لهب.. أسراب جراد صحراوى.. جاى من الفلا... على وطنا الطيب المُبتلى.. هنسيب وطنا الجنة.. يصبح فلا.. فلكُنا إن ما قمنا هيلا بيلا.. تتعدل الميلا». ■ حدثنا عن أغنية حبيبتي من ضفايرها؟ - كان نفسنا نغنى للوطن بشكل مُختلف، وكنت شايف وحابب تجربة لبنان، جزء كبير من اللى عمل مجد لبنان هم مُبدعو لبنان من شعراء المهجر إلى الرحبانية، وكان بيعجبنى غُناهم غير المباشر للوطن، وكتبتها ولحنها عمار الشريعي، وقعدت الأغنية في دُرج مكتبى إلى أن جاء فيلم كتيبة الإعدام بعدها بنحو 7 أو 8 سنين. ■ هل يمكن أن نشاهد فوازير جديدة لسيد حجاب؟ - لدى فوازير كتبتها لشريهان، وهى موجودة الآن في مكتبي، واسمها «ستات ستات»، لكن للأسف أن ما كُتب لشريهان لا يمكن أن يؤديه إلا شريهان.