مثلما كانت سيطرة تنظيم داعش علي مدينة الموصل عام 2014 نقطة تحول في تاريخه، الان تمثل معركة استعادة الموصل التي بدات منذ اسبوعين بداية لمرحلة جديدة، لكنها في الوقت نفسه قد تؤجج المزيد من الصراعات الطائفية التي يصعب تجنبها. ورغم ان معركة تحرير الموصل ثاني أكبر المدن العراقية تم الاستعداد لها قبل اشهر وانطلقت بمشاركة 45 ألف من قوات الحكومة العراقية مدعومين بقوات الحشد الشعبي الشيعية إلي جانب قوات البيشمركة الكردية وإسناد جوي امريكي. الا ان الحلفاء الذين يديرون حملة الهجوم علي الموصل يخشون بعضهم البعض مثل خوف كل منهم من داعش- كما تري صحيفة وول ستريت جورنال- فالحكومة العراقية التي تتمتع بعلاقة جيدة بالأكراد غاضبة من تركيا بسبب توسيع دورها من التدريب إلي المشاركة الكاملة في القتال كما أن بغداد تعتبر وجود أنقرة إهانة لها.. والأكراد كما ان الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الإيرانيون ارتكبت بالفعل أخطاء وأولها مشاركة المليشيات الشيعية التي تقوم بدور الوكيل لإيران في العراق رغم أن هذه المليشيات تتعامل مع السنة كافة باعتبارهم أعضاء في داعش وتقوم بتعذيب المدنيين وحرق القري السنية. وفي الوقت نفسه فلا توجد خطة واضحة للوضع السياسي بعد استعادة المدينة كما ان إن هناك تحديات لاحقة بشأن من سيحكم المدينة متعددة الأعراق والطوائف علي الاخص مع وجود مخاوف من وقوع جرائم طائفية وموجات تهجير ديمغرافي. صراعات بين الحلفاء كما ان هناك مخاوف من صراعات سياسية وعسكرية حادة بين حلفاء استعادة الموصل فور انتهاء المعارك.. احد ابرز الخلافات تكمن في المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد من جهة وبين الشيعة والسنة من جهة أخري.. خاصة إن مليشيات الحشد الشعبي الشيعية حاولت دخول مناطق العرب السنة في الموصل أو مدينة تلعفر ذات الأغلبية التركمانية المنقسمة بين السنة والشيعة.. في الوقت الذي تحذر فيه تركيا من تسليم الموصل للحشد الشعبي في ظل وجود نوايا لدي الحشد لارتكاب جرائم حرب في المناطق المحررة بالموصل.. حيث يعمل تنظيم داعش حاليا علي الانسحاب من مناطق غير مهمة إستراتيجيا له للوقيعة بين أطراف تعمل علي إسقاط سيطرته العسكرية علي الأرض. الكارثة الحقيقية كما يراها بعض المراقبين هي ان الامريكيين يعملون دون خطة في العراق علي خلاف ما كانوا عليه عند احتلالهم لها عام 2003 وهي قضية خطيرة لن تتوقف عند استهداف العراق بل تستهدف تفتيت المنطقة بأسرها. كارثة إنسانية وفي الوقت نفسه تظهر في الأفق كارثة إنسانية قد يتعرض لها المدنيون في المدينة تتمثل في خطر سقوط المدنيين كضحايا نتيجة تبادل أطلاق النار بين الجانبين واستخدام داعش للسكان كدروع بشرية.. كما حذرت الأممالمتحدة من أن عملية تحرير الموصل من سيطرة داعش قد ينجم عنها اكبر عملية نزوح خلال السنوات الأخيرة. وتحذر منظمات المجتمع المدني من أن مليونا أو أكثر من سكان الموصل قد ينزحون عن ديارهم وتوقعت أن يصبح 700 ألف شخص في حاجة للمأوي والغذاء والماء والخدمات الطبية في الأسابيع الأولي من العملية وهو وضع لاتستطيع الوكالات الانسانية التعامل معه بسبب النقص الكبير في التمويل. ويؤكد موقع ميدل إيست آي البريطاني إن المعركة الحقيقية لمدينة الموصل سوف تبدأ عندما تصمت المدافع حيث سيتضح وقتها ما إذا بقيت الموصل مدينة ذات أغلبية سنية فقد استعرض الموقع مظاهر التعذيب الذي تعرض له أهالي المناطق السنية التي استعاد الجيش وميليشيات الحشد السيطرة عليها من داعش والتي تشمل القتل علي الهوية حسب شهادات مقدمة لمنظمة العفو الدولية. فضلا عن الكارثة البيئية المتوقعة نتيجة قيام داعش باشعال النيران في آبار البترول. ورغم ان كل التوقعات تشير إلي ان معركة الموصل قد تستمر أشهرا وستكون أكثر صعوبة من معركتي الرمادي والفلوجة، حيث تقوم القوات العراقية بالزحف علي الارض بعد تمهيد ودعم من المقاتلات الأمريكية الا ان أكبر التحديات بعد استعادة الموصل من سيطرة تنظيم داعش هو ضمان عدم سقوطها مرة أخري في قبضة التنظيم. وتري صحيفة واشنطن بوست أن التكلفة البشرية لاستعادة الموصل ستكون عالية للغاية رغم وعود المسؤولين العراقيين بتقليل عدد القوات التي ستدخل المدينة واستبعاد المليشيات الطائفية وحث المواطنين علي البقاء بمنازلهم.