رغم تعالي الأصوات حول التحذير من ازمة المياه التي تواجهها مصر.. فإننا ما زلنا عاجزين عن استثمار واستخدام الخير الذي يبعث به إلينا المولي عز وجل متمثلا في هذه السيول الغزيرة التي تهطل علي أرض سيناء خاصة المناطق الواقعة في جنوبها الي جانب مدن وقري محافظة البحر الاحمر وكذلك بعض مدن الصعيد. يحدث هذا وللاسف في الوقت الذي تشكو فيه مساحات هائلة من أراضي سيناءوالبحر الاحمر من الجدب نتيجة نقص وشح المياه. ليس من وصف لهذا العجز الذي ما زلنا في حالة استسلام له سوي انه »خيبة بالويبة» كما يقولون بالمثل الشعبي. ان ما سمعناه وقرأناه من تصريحات علي مدي الشهور الماضية أوهمتنا بأن هذه المشكلة الزمنية قد تم حلها وهو الامر الذي تكذبه المشاهد التي تابعناها جميعا وتسببت في سقوط ضحايا في هذه المناطق المنكوبة. هذه السقطات غير المبررة شاهدتها وشاهدها معي الاف الشباب المشاركين في المؤتمر الاول للشباب بشرم الشيخ. من المؤكد ان رد الفعل علي هذه المشاهدات يزيد من أزمة عدم الثقة في اداء الحكومة. لم يقتصر الامر علي اهدار المياه الغالية وإنما شمل عدم اخذ الحيطة في حماية المرافق العامة من هذه الموجة من السيول. حدث ذلك رغم ان مواسم ومواعيد حدوث هذه الظاهرة الطبيعية المتكررة علي مدي سنين معروفة ومسجلة لدي كل الاجهزة المعنية. كان من نتيجة ذلك اننا عشنا هذه الازمة في الفنادق والشوارع وحتي في بعض اجزاء قصر المؤتمرات. ان تداعياتها شملت ايضا وللاسف اتصالات التليفون الارضي نظرا لان انظمة السنترالات الحديثة تعتمد في تشغيلها علي الكهرباء التي تم قطعها احترازيا. ان ما يحدث كل عام مع ازمة السيول يؤكد اننا ما زلنا اسري للممارسات والسلوكيات القائمة علي الوعود والتصريحات الفشنك. انها ما زالت تقوم علي اساس الشعار السائد منذ عهود طويلة الذي يقول »وستعمل حكومتي علي تنفيذ وانجاز كذا وكذا» لتمر الشهور والسنون دون ان يتم شيء. انها وللاسف تعتمد علي تواصل هذا القصور وعلي استشراء داء النسيان الذي تعاني منه اجهزة الدولة وقطاعات كبيرة من الشعب. يبدو ان المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء قد استوعب حالة القصور والاهمال وعدم المبالاة التي كانت قد حدثت ابان احداث أمطار الاسكندرية. هذا الامر دعاه الي سرعة القيام بعقد الاجتماعات لتدارك الحالة في المحافظات والمدن التي داهمتها السيول واصدار التعليمات بسرعة مواجهة التداعيات. لم يقتصر تحركه علي هذه الخطوة المتأخرة وانما شمل ايضا زيارة مدينة سفاجا بالبحر الاحمر تجنبا للنقد الذي تعرض له لوقوفه متفرجا علي غرق الاسكندرية. انه وفي اطار الصراحة والوضوح الذي لمسناه وحاز رضانا وإعجابنا وتقديرنا في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ اتمني ان توافينا اجهزة الدولة المعنية وعلي رأسها وزارة الري بالتوضيحات اللازمة التي تلقي الضوء علي ما حدث ويحدث. عليها ايضا ان تقول لنا ما هي خططها للمستقبل لمنع تكرار هذه الكوارث. اعتقد انه ليس من وسيلة فاعلة في التصدي لهذه الازمات سوي الحزم والحسم والمحاسبة والعقاب الفوري لكل من يثبت تقصيره.