سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شيخ الأزهر في المؤتمر العالمي للإفتاء:جمود الفتوي وغياب التجديدمنح «المتطرفين» فرصة لاختراق المجتمعات المسلمة المسيحيون يتمتعون بالمواطنة الكاملة في مصر.. والاستعمار الجديد يستغل قضايا الأقليات لتفتيت الدول
طالب الإمام الأكبرد. أحمد الطيب شيخ الأزهر علماء المسلمين باقتحام القضايا التي يحتاج الناس إلي تجديدها والاجتهاد فيها منتقدا إحجام الفقهاء عن الاجتهاد وتهيبهم للتجديد محذرا من أن ذلك سيترك المجتمعات الإسلامية لمن يملأون الفراغ بما يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية. جاء ذلك خلال كلمة شيخ الأزهر بمؤتمر دار الإفتاء المصرية الذي عقد أمس تحت عنوان »التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة» بحضور ممثلي 80 دولة من المفتيين والعلماء والباحثين من جميع قارات العالم. عبر شيخ الأزهر في كلمته عن رفضه لمصطلح »الأقليات» لأنه يكرس للدونية والانعزال وطالب باستبداله بالمواطنة الكاملة مؤكدا أن المسلم البريطاني هو مواطن كامل المواطنة وأن المسيحي المصري هو مواطن كامل المواطنة وليس أقلية، وأشار إلي أن مصطلح الأقلياتِ المسلمة مصطلح وافد علي ثقافتنا الإسلامية تحاشاه الأزهر في كل بياناته ووثائقه وشدد علي أن ترسيخ فقه المواطنة بين المسلمين في أوروبا خطوةٌ ضرورية علي طريق »الاندماج الإيجابي» الذي يحافظ علي الهوية مشيرا إلي أن الاستعمار الجديد يستغل مسألة »الأقليَّات» كرأس حربة في تجزئة الدول وتفتيتها. وعرض شيخ الأزهر لقضية من أهم القضايا التي تحتاج للاجتهاد وهي قضية تعدد الزواج وفوضي الطلاق، مؤكدا أن الجور علي الزوجة وقصد الإضرار بها جريمة كبري وأن تشريعاتُ الزواجِ فُرِضَتْ لمصلحةِ الأسرةِ والمجتمعِ معًا وأن أطفال الشوارعِ ضحايا أُسَرٍ عبثَتْ بها فوضي الزواجِ وفوضي الطلاقِ وأن علماءنا في القرنِ الماضي كانوا أكثرَ شجاعةً مِن علمائنا اليومَ علي اقتحام قضايا وأحكامٍ مَسَّتْ حاجةُ الناسِ إلي تجديدِها والاجتهادِ فيها. مشيرا الي أن العديد من المفتيين بغير علم نجحوا في التفوق علي دور الافتاء في العالم العربي واستطاعوا التحرك والنزولِ إلي الناسِ بدُعاةٍ وداعياتٍ، ودُخولِ البيوتِ في القُري والكُفُورِ، عِلاوةً علي اعتلاءِ بعض المنابرِ، والتحدُّثِ إلي الناسِ بما يُريدون، في الوقتِ الذي ظلَّت فيه فتاوي دُورِ الإفتاءِ، وفتاوي المَجامِعِ ولجانِ البحوثِ الفقهيةِ، فتاوي فرديَّةً راكدة، قاصرةً علي المُستفتي، أو حبيسةَ مُجلَّداتٍ عِلميَّةٍ لا يفيد منها ملايين الجماهير مِن المسلمين. وأضاف شيخ الأزهر أنه لابُدَّ من الاعترافِ بأنَّنا نعيشُ أزمة حقيقية يدفع المسلمون ثمنها غاليًا حيثما كانوا وأينما وجدوا، نتيجة الخوف والاحجام من التعامل مع الشريعة التي نصفها بأنها صالحة لكل زمان ومكان، لتقديم إجابات مناسبة لنوازل وواقعات مستجدة، وأيضًا نتيجة غياب الرؤية المقاصدية التي تشوِّش حتمًا علي النظرة الاجتهادية، وتأخذ الفقيه بعيدًا عن الحادثة التي يبحث في محلها عن الحكم الشرعي المناسب.. وأيضًا نتيجة الفتاوي المعلبةِ والمستوردةِ العابرةِ للدول والأقطار، ولا تراعي أحوال المجتمعات، ضاربة عرض الحائط باختلاف الأعراف والعادات والثقافات واللغات والأجناس، حتي صارت الفتوي الواحدة يُفتي بها للمسلم مهما اختلفت دياره وتنوَّعت أوطانه وتبدَّلت أحواله من حربٍ وسلامٍ وغني وفقر وعلم وجهل، فهل يُعقَل أو يقبل أن يُفتَي للمسلم بفتوي واحدة في النوازل المتشابهة من حيث الشكل والمختلفة من حيث الواقعُ واحتمالاتُ الضرر والمصلحة في القاهرة ونيامي ومقديشو وجاكارتا ونيودلهي وموسكو وباريس وغيرها من الحواضر والبوادي في الشرق والغرب؟!. الحرب الفكرية وأكد د. شوقي علام مفتي الجمهورية أن الحرب الفكرية التي تقودها مصر ضد الإرهاب والتطرف لا تقل ضراوة عن المواجهات الميدانية بالجبهات العسكرية وأنه يجب أن يدرك العالم أن مصر تقدم ثمنًا باهظًا لمحاربتها الإرهاب حيث يلقي خيرة شبابها الشهادة علي يد أهل الغدر والفجور.. وما جري منذ أيام قلائل بسيناء ليس خافيًا علي العالم،ورغم هذا فسوف تنتصر الإرادة المصرية والعربية والإسلامية علي المؤامرات والأجندات الراغبة في إشاعة الفوضي في العالم.. مشيرا الي أن المؤتمر الذي تنظمه دار الافتاء من بين دلائل هذا النصر الفكري علي قوي الشر والظلام. وأضاف أن الشعوب العربية والإسلامية- وفي مقدمتها مصر- اتخذت قرارها الحاسم الذي لا رجعة فيه بعدم مهادنة هذه الأفكار المدمرة المتطرفة، وخطت خطوات واسعة في محاصرة الفكر التكفيري والتخريبي، مؤكدا أن الإرهاب يريد الخراب، والشعوب تريد التعمير والبناء، والإرهاب يريد الفناء والدمار، والشعوب تريد الحياة والأمل، الإرهاب يريد الفوضي وعدم الاستقرار، والشعوب تريد الأمن والأمان والخير، والإرهاب يريد الشر والفساد والله لا يصلح عمل المفسدين. وأشار د.شوقي علام إلي أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تعمل علي إيجاد منظومة علمية وتأهيلية للقيادات المسلمة في العالم يكون من شأنها تجديد منظومة الفتاوي التي يستعين بها المسلم علي العيش في وطنه وزمانه، كما ترسخ عنده قيم الوسطية والتعايش، وتعمل أيضًا الأمانة العامة علي تأصيل الرباط بين الأئمة والدعاة وبين العلماء الثقات والمؤسسات الإسلامية الكبري في العالم الإسلامي وعلي رأسها الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية،وأنه بناءً علي ذلك وضعت الأمانة خريطة محاور المؤتمر وورش عمله، والتي بُنيت علي دراسة ورصد لواقع الأقليات المسلمة وبحث تحدياتها المستقبلية للوقوف علي قضاياها الحالية والمستقبلية ودعمها علي بينة واستنارة علمية يتجلي فيها فقه الأولويات، ويتجلي فيها التركيز علي الخروج من مجرد الرصد إلي المعالجة وتقديم الحلول، بل تقديم المبادرات الإفتائية التي تمثل عنصرًا مهمًّا من عناصر حل مشكلات الأقليات والتي علي رأسها الخروج من مأزق الإسلاموفوبيا. وقدم المفتي الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي لرعايته المؤتمر الذي يأتي استجابة للمبادرة التي أطلقها الرئيس بضرورة تجديد الخطاب الديني، وعلي دعمه الكبير لدار الإفتاء المصرية وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. تجديد الخطاب الديني من جانبه أكد المستشار حسام عبد الرحيم وزير العدل أن تجديد الخطاب الديني ليس بالعمل العشوائي أو الارتجالي، إنما هو عمل مبني علي برامج فكرية شاملة ومتكاملة، يأتي بعد أهداف وخطط وأساليب واستراتيجيات ومتطلبات مادية وبشرية، تشمل مؤسسات المجتمع كافة وهورسالة سامية تحملها المؤسسة الدينية علي عاتقها وتقوم بها علي خير قيام فمصرنا تستمد قُوَّتَها وصلابَتَها من قُوَّةِ وصلابَةِ مؤسساتِهَا العريقةِ الضاربةِ بِجُذورِهَا في عُمْقِ التاريخ مشيرا إلي أن الأزهرُ الشريفُ ودارُ الإفتاءِ المصريَّةُ، من هذه المؤسساتِ التي تقومُ بِدَوْرٍ كبيرٍ في الدفاعِ عن الهُويَّةِ الإسلاميةِ الوسطيَّةِ، ونشرِ الخطابِ الدينيِّ المُستَنير في العالم، ودفعِ قاطرةِ الأوطانِ نحوَ الاستقرارِ والتنمية. وقال إن العالم كله يواجه حالة غير مسبوقة من التوتر والاضطراب والتحديات الكبري تمثَّلَتْ أخطر هذه التحديات في بُروزِ تياراتٍ تتَبنَّي فِكرًا متطرفًا يُعادِي الأُممَ والشعوب، وقد بُنِيَ هذا الفكرُ علي مجموعةٍ من الآراءِ والفتاوَي الشاذَّةِ البعيدةِ عنِ المنهجِ الإسلاميِّ السَّمْح . وتحدث في الجلسة الافتتاحية د. مصطفي سيرتش مفتي البوسنة الهرسك باسم الجاليات المسلمة حيث خطف الأسماع بحديثه عن الأزهر مؤكدا فضله الكبير علي المسلمين في شبه جزيرة البلقان وأنه انقذهم روحيا وقال: »الأزهر لم يصنع لنا نحن العجم فقط فالأزهر عرب العرب واستعرب العجم وهو منارة الامة الإسلامية.