ننشر خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد القيامة وشم النسيم    منخفضًا 0.5%.. تراجع أسعار الذهب في مصر للأسبوع الثاني    محافظ أسوان يتابع نسب التنفيذ ب53 مشروعا بقرية وادي الصعايدة بإدفو    تطورات مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة برعاية مصرية.. «تقدم ملحوظ»    وزير الرياضة يُشيد بنتائج اتحاد الهجن بكأس العرب    في أسبوع المرور العربي.. رسالة من الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب    ضبط 22 ألف قرص تامول مخدر تقدر ب2 مليون جنيه في مطروح    عضو ب«النواب»: توعية المواطنين بقانون التصالح خطوة مهمة لسرعة تطبيقه    تسلم 102 ألف طن قمح من المزارعين في المنيا    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بعيد القيامة المجيد    الرئيس السيسي يعزي رئيس مجلس السيادة السوداني في وفاة نجله    رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات بمدينة شرم الشيخ.. اليوم    صراع الهبوط في الدوري المصري .. ثنائي جماهير تحت التهديد    موسم عمرو وردة.. 5 أندية.. 5 دول.. 21 مباراة.. 5 أهداف    «رونالدو» يقود الهجوم.. تشكيل النصر المتوقع أمام الوحدة في الدوري السعودي    ضياء السيد: أزمة محمد صلاح وحسام حسن ستنتهي.. وأؤيد استمراره مع ليفربول (خاص)    "تنسيقية شباب الأحزاب" تهنئ الشعب المصري بعيد القيامة المجيد    محافظ الوادي الجديد يهنئ الأقباط بعيد القيامة المجيد    تفاصيل إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارة شرطة يالدقهلية    تأجيل محاكمة عاملين بتهمة قتل مواطن في الجيزة    كل عضو بسعر بالملايين.. اعترافات تقشعر لها الأبدان للمتهم بذبح طفل شبرا الخيمة    عيد العمال.. مدارس التكنولوجيا التطبيقية طريق الفنيين للعالمية    اليوم.. إعادة فتح البوابة الإلكترونية لتسجيل استمارة الدبلومات الفنية 2024    علي ربيع الأضعف جماهيريًا الجمعة.. تعرف على إيرادات فيلم عالماشي    تقديرًا لدوره الوطني خلال حرب أكتوبر.. «الوطنية للإعلام» تنعى الإعلامي الراحل أحمد أبوالسعود    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    "السياحة" في أسبوع.. مد تحفيز برنامج الطيران العارض.. والاستعداد لموسم الحج    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    مستشار الرئيس للصحة: مصر في طريقها للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    شم النسيم.. تعرف على أضرار الإفراط في تناول الفسيخ    الكشف على 2078 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» ببني سويف    تفاصيل مشروعات الطرق والمرافق بتوسعات مدينتي سفنكس والشروق    وزير الري: نعمل على توفير حياة كريمة للمواطنين بالصعيد    الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي تُناقش آفاق التعاون مع وكالة تمويل الصادرات البريطانية    الدفاع الأوكرانية: تمكنا من صد عشرات الهجمات الروسية معظمها بالقرب من باخموت وأفديفكا    كوريا الجنوبية: ارتفاع عدد الهاربين للبلاد من الشمال لأكثر من 34 ألفا    الصحة السعودية تؤكد عدم تسجيل إصابات جديدة بالتسمم الغذائي    إندونيسيا: 106 زلازل ضربت إقليم "جاوة الغربية" الشهر الماضي    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    ما حكم الإحتفال بشم النسيم والتنزه في هذا اليوم؟.. «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    إسماعيل يوسف: كهربا أفضل من موديست.. وكولر يحاول استفزازه    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    «أتوبيسات لنقل الركاب».. إيقاف حركة القطارات ببعض محطات مطروح بشكل مؤقت (تفاصيل)    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    عاجل| مصر تكثف أعمال الإسقاط الجوي اليومي للمساعدات الإنسانية والإغاثية على غزة    الصحة توجه نصائح هامة لحماية المواطنين من الممارسات الغذائية الضارة    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    «سببت إزعاج لبعض الناس».. توفيق عكاشة يكشف أسباب ابتعاده عن الإعلام    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    حفل ختام الانشطة بحضور قيادات التعليم ونقابة المعلمين في بني سويف    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل البنات حلوين‮:‬ كتاب ضد مقاييس الجمال‮ ‬ المروَّج لها إعلامياً‮!‬
نشر في أخبار الحوادث يوم 15 - 10 - 2016

من مزايا كتُب المقالات المُجمَّعة لكُتّابٍ‮ ‬متعدّدين‮ (‬الأنثولوجِيّات‮) ‬أنّها تقدّمُ‮ ‬وجبةً‮ ‬دسِمةً‮ ‬لِهُواةِ‮ ‬الإحصاء‮! ‬أعني مَن تسلَّطَت عليهِم مِثلي جِنّيّةُ‮ ‬الإحصاء يومًا ما فظَنُّوا أنّهم سيُفنُون أعمارَهم في تقديمِ‮ ‬القرابينِ‮ ‬لها من بُطونِ‮ ‬الكتُب ومِن بينِ‮ ‬سُطورِ‮ ‬صفحةِ‮ ‬العالَم،‮ ‬ثُمّ‮ ‬شُغِلُوا عنها فظلّتْ‮ ‬قابعةً‮ ‬في زاويةٍ‮ ‬مظلِمةٍ‮ ‬من وعيِهم،‮ ‬تنتظرُ‮ ‬قُربانًا مناسبًا لتَظهَرَ‮ ‬إلي النُّور كُلَّ‮ ‬عِدّةِ‮ ‬أعوام‮!‬
‮ ‬لا أمهّدُ‮ ‬بالأرقامِ‮ ‬لدراسةٍ‮ ‬أسلوبيّةٍ‮ ‬مقارِنةٍ‮ ‬كعادةِ‮ ‬الأسلوبيّين،‮ ‬لأني لستُ‮ ‬منهم بحُكم التخصُّص‮. ‬وإنما أمارِسُ‮ ‬لَعِبًا حبيبًا إلي نفسي مع نُصُوصِ‮ ‬هذا الكتاب‮.. ‬
‮ ‬أولُ‮ ‬ما يبدَ‮ ‬هُنا الغِلافُ‮ ‬من تصميم‮ (‬هاني صالح‮) ‬حيثُ‮ ‬يقدّم صورةً‮ ‬فوتوغرافيّةً‮ ‬لأثوابٍ‮ ‬من القماش المنقوش بألوانٍ‮ ‬نسائيّةٍ‮ ‬مبهِجةٍ‮ ‬متراصّةٍ‮ ‬فوقَ‮ ‬بعضِها،‮ ‬فيما يُعَدُّ‮ ‬في رأيي معادلاً‮ ‬بصريًّا مبتَكَرًا لموضوع الكتابِ‮ ‬وعنوانِه‮..‬
‮ ‬يضُمُّ‮ ‬الكتابُ‮ ‬الصادرُ‮ ‬حديثًا عن دار‮ (‬الشروق‮) ‬اثنين وستّين مقالاً‮ ‬لسِتٍّ‮ ‬وعشرين كاتبةً،‮ ‬وكاتبٍ‮ ‬واحدٍ‮ ‬هو‮ (‬لاري نبيل‮).. (‬آية خالِد‮) ‬المحرِّرَة في موقع‮ (‬نُون‮) ‬الذي استضاف كُلَّ‮ ‬هذه المقالات قالت في المقدّمةِ‮ ‬إنّ‮ ‬عنوانَ‮ ‬الكتابِ‮ ‬وُلِدَ‮ ‬في جَلسةٍ‮ ‬استضافها الموقِعُ‮ ‬وتحوَّلَ‮ ‬من مجرّد‮ (‬إفّيه‮) ‬مأخوذٍ‮ ‬مِن أغنيةٍ‮ ‬شهيرةٍ‮ (‬كل البنات بتحبّك‮) ‬ل(حسام حسني‮) ‬إلي شِعارٍ‮ ‬لحَملةٍ‮ ‬قامَت بها كاتباتُ‮ ‬الموقِع للثورةِ‮ ‬علي القوالبِ‮ ‬النمطيّةِ‮ ‬المُعَدَّةِ‮ ‬سلَفًا للجَمالِ‮ ‬في المرأة‮/ ‬البنت‮.. ‬كُتِبَت المقدّمةُ‮ ‬بالعامّيّة،‮ ‬كما كُتِبَ‮ ‬ثلاثةٌ‮ ‬وثلاثون مقالاً‮ ‬بالعامّيّة،‮ ‬وخمسةٌ‮ ‬وعشرون بالفُصحي،‮ ‬وأربعةٌ‮ ‬بمَزجٍ‮ ‬منهما‮.. (‬ريهام سعيد‮) ‬أغزرُ‮ ‬الكاتباتِ‮ ‬إسهامًا بسبعةِ‮ ‬مقالاتٍ‮ ‬منها سِتّةٌ‮ ‬بالعامّيّة وواحدٌ‮ ‬بالمَزج‮.. ‬بعدَها كُلٌّ‮ ‬من‮ (‬حنان الجوهري‮) ‬و(ياسمين عادل‮) ‬بخمسةٍ‮ ‬لكلٍّ‮ ‬منهما‮.. ‬بين مَن جمَعن مقالات الفصحي إلي العامية‮ (‬غادة خليفة‮) ‬و(رانيا منصور‮) ‬وكِلتاهُما شاعرة‮.. ‬ل‮(‬غادة‮) ‬مقالٌ‮ ‬بالفصحي من أصل ثلاثة مقالات،‮ ‬ول(رانيا‮) ‬واحدٌ‮ ‬من أصل اثنين‮.. ‬مقالُ‮ (‬غادة‮) ‬الفصيح‮ (‬في ممرّاتِ‮ ‬الجَمال‮) ‬يُشبهُ‮ ‬شِعرَها جِدًّا‮: ‬فِقراتٌ‮ ‬مُرقَّمَةٌ‮ ‬قافِزَةٌ‮ ‬بين أحداثٍ‮ ‬تقعُ‮ ‬في أماكنَ‮ ‬مختلِفةٍ‮ ‬يربِطُ‮ ‬بينَها هاجِسُ‮ ‬اكتشافِ‮ ‬الذّاتِ،‮ ‬وهُنا تحديدًا من زاويةِ‮ ‬الأنوثةِ‮ ‬وعلاقتِها بالجَمال‮.. ‬كذلك جاءَ‮ ‬مقالُ‮ (‬رانيا‮) ‬الفصيح‮ (‬أربعةُ‮ ‬أشياءَ‮ ‬تتنفّسُ‮ ‬بها المرأةُ‮ ‬وتَذبُلُ‮ ‬دُونَها‮) ‬فِقراتٍ‮ ‬مُرَقَّمَةً‮ ‬تتناولُ‮ ‬كلٌّ‮ ‬منها‮ (‬شيئًا‮) ‬من المُشارِ‮ ‬إليها في العنوان،‮ ‬والقصيدة‮/ ‬المقال يُخاطِبُ‮ ‬الرَّجُل‮/ ‬الحَبيبَ‮ ‬بشكلٍ‮ ‬لا لَبسَ‮ ‬فيه،‮ ‬وهو ما يُحيلُ‮ ‬قارئَ‮ ‬المَقالِ‮ ‬فورًا إلي شِعر‮ (‬رانيا‮) ‬المنشورِ‮ ‬في‮ ‬غير هذا الكتاب‮..‬
‮ ‬كما استُقِيَ‮ ‬عنوانُ‮ ‬الكتابِ‮ ‬من أغنيةٍ،‮ ‬جاءت المُدخَلاتُ‮ ‬الثقافيّةُ‮ ‬للكاتباتِ‮ ‬مِن أفلامٍ‮ ‬وأغانٍ‮ ‬وأعمالٍ‮ ‬أدبيّةٍ‮ - ‬واضحةً‮ ‬تمامًا في كثيرٍ‮ ‬من المقالاتِ‮ ‬بِتَرَدُّدِ‮ ‬إشارتِهِنّ‮ ‬إليها‮.. ‬مثلاً‮ (‬رنا حسين‮) ‬أشارت إلي فيلم‮ (‬المرايا‮) ‬و‮(‬غادة خليفة‮) ‬إلي‮ (‬أنا حُرَّة‮) ‬و(ساندرا سليمان‮) ‬إلي‮ (‬فتاة المصنع‮) ‬و(حنان الجوهري‮) ‬إلي‮ (‬صايع بحر‮) ‬لفظًا و(هستيريا‮) ‬بشكلٍ‮ ‬ضمنيٍّ‮ ‬حين تماهَت مع‮ (‬عبلة كامل‮) ‬في دور‮ (‬وِداد‮) ‬في ذلك الفيلم حيثُ‮ ‬قالَت‮: "‬أنا ممكن ولا آكُل ولا أشرب ولا أنام بس الراجل اللي أحبه يطبطب عليّ‮ ‬وكِدَهُوَّنْ،‮ ‬ويقول لي سلامة رِجلِك من الوقفة يا وداد‮"‬،‮ ‬وقارنَت‮ (‬ياسمين عادل‮) ‬بين فيلمَي‮ (‬تيمور وشفيقة‮) ‬و(الباب المفتوح‮) ‬من حيثُ‮ ‬موقفُ‮ ‬الرَّجُلِ‮ ‬من المرأةِ‮ ‬في كِلَيهِما‮.‬
‮ ‬أمّا علي صعيد الأغاني،‮ ‬فقد أشارَت‮ (‬سمر طاهر‮) ‬إلي‮ (‬قوم اقف‮) ‬ل(بهاء سلطان‮)‬،‮ ‬وضمنيًّا إلي‮ (‬عينك‮) ‬ل(شيرين عبد الوهاب‮) ‬حين تماهَت مع السَّطر‮ (‬عينك علي اللي رايحة واللي جاية‮)‬،‮ ‬وأشارَت‮ (‬إسراء مقيدم‮) ‬إلي‮ (‬الزهور زي الستات‮) ‬ل(محمد فوزي‮)‬،‮ ‬و(دينا فرَج‮) ‬إلي‮ ‬Shower لBecky G،‮ ‬و(ساندرا سليمان‮) ‬إلي فرقة‮ (‬محيي الدين بن عربي‮) ‬وغنائها أبياتَ‮ (‬رابعة العدوية‮) ‬الشهيرة في الحُبّ‮ ‬الإلهي،‮ ‬و(ريهام سعيد‮) ‬إلي فريق‮ ‬Spice Girls،‮ ‬و(ياسمين يوسف‮) ‬إلي‮ (‬بلد البنات‮) ‬لمحمد منير‮.. ‬
‮ ‬علي صعيد الإشاراتِ‮ ‬الأدبيةِ،‮ ‬أشارت‮ (‬ساندرا‮) ‬كذلك إلي قصيدةٍ‮ ‬ل(إبراهيم البجلاتي‮)‬،‮ ‬و(مي فتحي‮) ‬إلي‮ (‬تنسي كأنكَ‮ ‬لم تَكُنْ‮) ‬ل(محمود درويش‮)‬،‮ ‬و(حنان الجوهري‮) ‬إلي رواية‮ (‬شنغهاي بيبي‮) ‬ل(ويهوي چو‮) ‬والمجموعة القصصية‮ (‬وارقص‮) ‬ل(سهير صبري‮)‬،‮ ‬و(رزان محمود‮) ‬إلي رواية‮ (‬الباب المفتوح‮) ‬ل(لطيفة الزيات‮)..‬
‮ ‬وأخيرًا،‮ ‬امتازت‮ (‬حنان الجوهري‮) ‬بالإشارة إلي أحد إعلانات اللبن البودرة في مقالها‮ (‬مش عايزة هدية عيد أُم يا فريدة‮)!‬
‮ ‬وفي الحقيقة لم يأتِ‮ ‬تفاعلُ‮ ‬الكاتباتِ‮ ‬مع هذه المُدخَلاتِ‮ ‬دائمًا متعلّقًا بمسألة جَمال المرأةِ‮ ‬إيجابًا وسَلبا‮.. ‬وهذا ببساطةٍ‮ ‬لأنّ‮ ‬هُمومَ‮ ‬هذه المقالاتِ‮ ‬تراوحَت بين الالتزام بهذا المِحوَر إلي أقصي حَدٍّ‮ ‬كما في مقالاتِ‮ (‬رزان محمود‮) ‬الثلاثةِ‮ ‬التي صُدِّرَ‮ ‬بها الكتابُ،‮ ‬والابتعادِ‮ ‬عنه إلي آفاقٍ‮ ‬مختلفةٍ‮ ‬قد تتعلّقُ‮ ‬بمسألة الرّضا عن العالَم والتصالُح مع القدَر كما في‮ (‬سونار وسخّان‮ ‬40‮ ‬لتر‮) ‬ل(ريهام‮)‬،‮ ‬أو العلاقة بالله كما في‮ (‬وشكوتُ‮ ‬للهِ‮ ‬أنَّ‮ ‬التُّرابَ‮ ‬يُحزِنُني‮) ‬ل(دينا فرَج‮).. ‬
‮ ‬وإجمالاً‮ ‬فقد تراوحَت المقالاتُ‮ ‬بين الهَمّ‮ ‬النِّسويِّ‮ ‬الصِّرف‮ (‬وهو ما يستحوذُ‮ ‬علي مُعظَم المقالات‮) ‬والخروجِ‮ ‬منه إلي الإنسانيِّ‮ ‬العامّ‮.. ‬في‮ (‬إنّهنّ‮ ‬حتمًا لا يتنفّسنَ‮ ‬هُناكَ‮) ‬تتأمّل‮ (‬دينا فرَج‮) ‬ما تسمّيه‮ (‬ميكانو الطوب الأحمر‮) ‬في إشارةٍ‮ ‬إلي العماراتِ‮ ‬المتراصّةِ‮ ‬علي جانبَي الطريق الدائريّ‮ ‬غيرَ‮ ‬حافِلَةٍ‮ ‬بحقوقِ‮ ‬قاطنيها في أقلّ‮ ‬القليلِ‮ ‬من مساحةِ‮ ‬الخصوصيّة أو أقلّ‮ ‬القليل من الجَمال‮.. ‬تُصَدّرُ‮ ‬لنا همًّا إنسانيًّا حين تتأمّلُ‮ ‬معاناةَ‮ ‬هؤلاء القاطنين مع محيطِهم الإسمنتيّ،‮ ‬لكنّ‮ ‬التفاصيلَ‮ ‬دائمًا تتعلّقُ‮ ‬بامرأةٍ‮ ‬ما،‮ ‬ولا تَخرُجُ‮ ‬إلي حيّز الرِّجال إلاّ‮ ‬في سياقِ‮ ‬طفولةٍ‮ ‬تلعبُ‮ ‬الكُرَةَ‮ ‬أو زوجَين يقلقان من تنصُّتِ‮ ‬الجيرانِ‮ ‬إلي علاقتِهما الحميمة،‮ ‬فيَظهَرُ‮ ‬أنَّ‮ ‬هَمَّ‮ ‬المَقالِ‮ ‬نِسوِيٌّ‮ ‬بالأساسِ‮ ‬وإن اختبأَ‮ ‬خلفَ‮ ‬رحابةِ‮ ‬الإنسانيّ‮.. ‬
‮ ‬علي عكسِ‮ ‬هذا النموذجِ‮ ‬جاءَ‮ ‬مقالُ‮ (‬رضوي أسامة‮) ‬الموسومُ‮ (‬لماذا لا يُشبِهُ‮ ‬العالَمُ‮ ‬أصدقاءَ‮ ‬أبي؟‮)‬،‮ ‬حيثُ‮ ‬تَخرُجُ‮ ‬من خبرةِ‮ ‬طفولتِها الخاصّةِ‮ ‬إلي تأمُّلٍ‮ ‬يتعلّقُ‮ ‬بمعاملَة الأطفالِ‮ ‬إجمالاً‮- ‬ذكورًا وإناثًا دون تفرقةٍ‮- ‬وإسهامِ‮ ‬البالغين في تكوين صورتِهم الذِّهنيّةِ‮ ‬عن أنفسِهم‮..‬
‮ ‬نعودُ‮ ‬إلي المحورِ‮ ‬الأساسيِّ‮ ‬للكِتابِ،‮ ‬فنكتشفُ‮ ‬أنّ‮ ‬للمراحلِ‮ ‬العُمريّةِ‮ ‬المختلِفةِ‮ ‬في حياةِ‮ ‬المرأةِ‮ ‬أنصِبَةً‮ ‬محدّدةً‮ ‬من دفاعِ‮ ‬هذه المقالاتِ‮ ‬عنِ‮ ‬عالَمِيّةِ‮ ‬جَمالِ‮ ‬المرأة‮.. ‬فَ(انتبهوا،‮ ‬إنهم يسرقون طفولةَ‮ ‬أبنائنا‮) ‬ل(هدي الرافعي‮) ‬و(أنا جميلة يا تيتة‮) ‬ل(رَزان‮) ‬مثلاً‮ ‬يتعلّقانِ‮ ‬بأنَّ‮ (‬كُلّ‮ ‬الطِّفلات حلوين‮)‬،‮ ‬و(سيبيها تشيل شنبها‮) ‬ل(سارة عابدين‮) ‬يتعلّقُ‮ ‬بأنّ‮ (‬كل المراهقات حلوين‮) ‬مع تركيزِه علي مسألةِ‮ ‬الاتّساقِ‮ ‬في تربيةِ‮ ‬الأبناء،‮ ‬بينما‮ (‬مناخيرِك المنفوشة تدُلّ‮ ‬علي أنوثة طاغية‮) ‬ل(ياسمين عادل‮) ‬ذ والذي تتناصّ‮ ‬في عنوانِه مع جُملة‮ (‬فؤاد المهندس‮) ‬الشهيرة في‮ (‬مطاردة‮ ‬غرامية‮) ‬ذ يتعلّقُ‮ ‬بأنّ‮ (‬كُلّ‮ ‬الحوامل حِلوين‮).. ‬وأخيرًا نجدُ‮ (‬موت فاتن وحياة صباح‮) ‬ل(سمَر طاهِر‮) ‬يؤكّدُ‮ ‬ضمنيًّا علي أنَّ‮ (‬كُلّ‮ ‬المُسِنّات جميلات‮) ‬ومِن حقِّهِنّ‮ ‬أن يمارِسن الحياةَ‮ ‬كما يحلو لهُنّ‮..‬
‮ ‬التيّارُ‮ ‬العامّ‮ ‬للمقالاتِ‮ ‬هو ضربُ‮ ‬عرضِ‮ ‬الحائطِ‮ ‬بمقاييس الجَمال المُرَوَّجِ‮ ‬لها إعلاميًّا لصالِحِ‮ ‬أنماطٍ‮ ‬جسديّةٍ‮ ‬أُخرَي،‮ ‬ويبلغُ‮ ‬هذا ذِروتَه في مقالاتٍ‮ ‬مثل‮ (‬فتيات إفريقيا الجميلات الممتلئات‮) ‬لِ(رَزان‮) ‬و(أصل أنا مش عاملة ريچيم‮) ‬ل(إنچي إبراهيم‮) ‬حيثُ‮ ‬يزدري المقالان النمطَ‮ ‬الجسديّ‮ ‬الشائعَ‮ ‬وصفُهُ‮ ‬ب(الصحّيّ‮) ‬أو‮ (‬اللائق طبّيًّا‮) ‬بكلّ‮ ‬تفاصيلِه،‮ ‬فيما يمكن وصفُهُ‮ ‬بالإرشاد الصّحّيّ‮ ‬المقلوب‮! ‬هي موعظةٌ‮ ‬طبيّةٌ‮ ‬خاطئةٌ‮ (‬سياسيًّا‮) ‬كما يقولُ‮ ‬الأمريكيّون‮ ‬politically incorrect!
أخيرًا يمكنُ‮ ‬بَسطُ‮ ‬المقالاتِ‮ ‬علي مُنحنيً‮ ‬بيانيٍّ‮ ‬مِحورَاهُ‮ ‬هما‮ (‬نقدُ‮ ‬الجَسَد‮) ‬و(نَقدُ‮ ‬الرُّوح‮).. ‬بالطبعِ‮ ‬لا تخلو مقالاتُ‮ ‬نقدِ‮ ‬الجسَد من إشاراتٍ‮ ‬إلي الرّوح،‮ ‬والعكسُ‮ ‬صحيحٌ،‮ ‬ولا يمكن ألاّ‮ ‬يكونَ‮ ‬الأمرُ‮ ‬كذلك في الحقيقة‮.. ‬ما أسلفناهُ‮ ‬من أمثِلةٍ‮ ‬يُرَكِّزُ‮ ‬معظمُه علي‮ (‬نقد الجسَد‮) ‬بالفِعل،‮ ‬وإن كنتُ‮ ‬أري واجبًا أن أُنَوِّهَ‮ ‬ببعض المقالاتِ‮ ‬التي عبَّرَت في جَمالٍ‮ ‬استثنائيٍّ‮ ‬عن صداقةِ‮ ‬الكاتبةِ‮ ‬وجَسَدِها‮.. ‬ربّما أهمُّها المقالُ‮ ‬الافتتاحيُّ‮ ‬ل(رَزان‮) (‬أنا جميلة يا تيتة‮) ‬في فقرةٍ‮ ‬تبدأُ‮ "‬جسَدي‮.. ‬هنا قلبٌ‮ ‬تحمَّلَني حتي في أيامٍ‮ ‬صعبة‮" ‬وتنتهي‮ "‬هنا شَعرٌ‮ ‬يَحتاجُ‮ ‬القليلَ‮ ‬من الرِّعاية‮"‬،‮ ‬ومعَه‮ (‬رسالة إلي جسمي‮) ‬ل(مَيّ‮ ‬فتحي‮) ‬باكتنازِهِ‮ ‬بتفاصيلَ‮ ‬دقيقةٍ‮ ‬في تطوُّرِ‮ ‬وعي الكاتبةِ‮ ‬بجسدِها وصولاً‮ ‬إلي مرحلة عمليّة‮ (‬تدبيس المَعِدَة‮) ‬وما بعدَها‮.. ‬وثالثُهُما‮ (‬سِرُّ‮ ‬العلاقة الحميمة‮) ‬ل(ياسمين عادل‮) ‬حيثُ‮ ‬اقتحَمَت مُحَرَّمَ‮ ‬الجِنسِ‮ ‬محاولةً‮ ‬تقديمَ‮ ‬فهمٍ‮ ‬مُغايرٍ‮ ‬لطبيعةِ‮ ‬العلاقة،‮ ‬يُعبّرُ‮ ‬عن جزءٍ‮ ‬منهُ‮ ‬قولُها‮ (‬يا بَختُه اللي فيوزاتُه تبقي راكبة علي فيوزات جوزُه‮)! ‬وهو قولٌ‮ -‬علي خِفّةِ‮ ‬دمِهِ‮- ‬يذكِّرُني شخصيًّا بشَرح أستاذِنا أستاذِ‮ ‬أمراضِ‮ ‬الذُّكورةِ‮ ‬بقصرِ‮ ‬العيني الدكتور‮ (‬أشرف فايز‮) ‬للحديث النبويّ‮ "‬خيرُ‮ ‬متاعِ‮ ‬الدنيا المرأةُ‮ ‬الصالِحة‮" ‬حيثُ‮ ‬يري أنّ‮ ‬المقصودَ‮ "‬صالحةٌ‮ ‬لهذا الزوجِ‮ ‬تحديدًا،‮ ‬كالقُفلِ‮ ‬والمفتاح،‮ ‬وليس صلاحَ‮ ‬الصلاةِ‮ ‬والصومِ‮ ‬والعبادات رغمَ‮ ‬أهميتِها‮".‬
‮ ‬أمّا‮ (‬نقدُ‮ ‬الرُّوح‮) ‬فرُبّما أبرزُ‮ ‬أمثِلَتِه مقالُ‮ (‬كاميليا حسين‮) (‬أخطر ستّ‮ ‬قابلتها‮) ‬الذي تعكفُ‮ ‬فيه علي تأمُّلِ‮ ‬الشعور بالذَّنب و(عُقدةِ‮ ‬النقصِ،‮ ‬كما كان يَحلو لألفريد آدلر أن يُسَمِّيَها‮). ‬تقول في نهايته‮: "‬باصطاد كل الكلام السلبي اللي باسمعه من الناس وأغزِل منّه لعنة أعلّقها في رقبتي عشان ما اخطّيش خطوة‮" ‬معبِّرَةً‮ ‬عن أزمةٍ‮ ‬وجوديّةٍ‮ ‬حادّةٍ‮ ‬تسكنُ‮ ‬وَعيَها،‮ ‬ولا نُعَقِّدُ‮ ‬الأمورَ‮ ‬إذا قُلنا إنّ‮ ‬موضوعَ‮ ‬هذا المقال‮/ ‬التّدوينة هو‮ (‬نَقدُ‮ ‬نقدِ‮ ‬الذّات‮)! ‬
‮ ‬كذلك مقال‮ (‬امتي بقي هاحِسّ‮ ‬بالرّاحة‮) ‬ل(مَيّ‮ ‬فتحي‮) ‬يعبّرُ‮ ‬عن قلقٍ‮ ‬وجوديٍّ‮ ‬أصيلٍ‮ ‬إزاءَ‮ ‬كُلِّ‮ ‬مظاهرِ‮ ‬الحياةِ،‮ ‬ولا يبدو منه مَخرَجٌ‮ ‬لدي الكاتبةِ‮ ‬إلاّ‮ ‬النسيانُ‮.. ‬أن تَنسَي وتُنسَي،‮ ‬متماهيةً‮ ‬مع العذراءِ‮ (‬مَريَم‮) ‬في أزمتِها الوجوديّة كما عبَّرَت عنها الآيةُ‮ ‬القرآنيّة‮ "‬يا لَيتَني مِتُّ‮ ‬قبلَ‮ ‬هذا وكنتُ‮ ‬نَسيًا مَنسِيّا‮"..‬
‮ ‬انتهاءً،‮ ‬هذا الكتابُ‮ ‬فرصةٌ‮ ‬للإطلالِ‮ ‬علي فكرِ‮ ‬وإبداعِ‮ ‬مجموعةٍ‮ ‬من الكاتباتِ‮ ‬المصريات الشابّات،‮ ‬والوقوفِ‮ ‬علي طبيعةِ‮ ‬موقفهنّ‮ ‬من أبرزِ‮ ‬القضايا النسويّةِ‮ ‬قاطبةً،‮ ‬وهي بالتأكيدِ‮ ‬قضيّةُ‮ ‬ماهِيّة الأنوثةِ‮ ‬بحدّ‮ ‬ذاتِها،‮ ‬وكيفَ‮ ‬صاغتها الممارسةُ‮ ‬البشريّةُ‮ ‬المجتمعيّة،‮ ‬وكيفَ‮ ‬يطمَحنَ‮ ‬إلي تغييرِها‮.. ‬لا نجدُ‮ ‬ثورةً‮ ‬جِذريّةً‮ ‬في الحقيقةِ‮ ‬في ثنايا الكتابِ‮ ‬علي الوجودِ‮ ‬أو علي التصوُّر الدينيّ‮ ‬عن دور المرأة،‮ ‬رغم الإشاراتِ‮ ‬المتناثِرةِ‮ ‬عن الضيقِ‮ ‬بقولبةِ‮ ‬الأنثي بواعزٍ‮ ‬من نُصوصِ‮ ‬الدِّين‮.. ‬بل نجدُ‮ (‬نهلة النمر‮) ‬في‮ (‬بنت مسترجلة في مجتمع محتاج‮ ‬يسترجل‮) ‬تقولُ‮: "‬المرأة زي القارورة اللي هي الزجاجة في رقّتها،‮ ‬لكن كمان من خصائص الزجاج إذا انكسر أنه‮ ‬يكون حادًّا وجارحًا‮"‬،‮ ‬وهو ما‮ ‬يَشِي برِضًا تامٍّ‮ ‬عن الوصفِ‮ ‬النبويّ‮ ‬الشهير للمرأة،‮ ‬وإن كان‮ ‬يقدّمُ‮ ‬تفصيلةً‮ ‬جديدةً‮ ‬فإنّها لا تَخرُجُ‮ ‬عن أن تكون اجتهادًا جديدًا في فهم النّصّ،‮ ‬بعد التسليمِ‮ ‬بصحّتِه‮..‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.