في مباراة كرة القدم التي جمعت بين الشقيقتين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية في التصفيات المؤهلة لكأس العالم في روسيا 2018.. كان الشعب المصري يشجع الفريقين.. كأنما كان يشجع فريق بلاده.. فالدولتان والشعبان لهما في قلب كل مصري مكانة كبيرة.. وحب عظيم.. بعيدا عن كل المواقف السياسية. الحب يجمع.. والسياسة تفرق.. والخلط بينهما يخلق حالات من التوتر.. وإذا دخلت السياسة من الباب.. خرج الحب من الشباك.. وإذا خرج الحب طار العقل.. وزل اللسان.. وظهرت الشروخ في العلاقات. أتحدث عن القرار الشفهي الذي أبلغت به شركة أرامكو السعودية هيئة البترول المصرية بوقف مد مصر بشحنة البترول السعودي طبقا للاتفاق الموقع بينهما في إبريل الماضي.. وهو الاتفاق الذي لم تؤكده أو تنفيه الحكومتان حتي الآن. يقضي الاتفاق بتقديم السعودية تسهيلات ائتمانية بقيمة 20مليار دولار وتوريد 700ألف طن سنويا من المنتجات البترولية لمدة 5سنوات .. وبالتالي فإن السعودية تتعامل بموجب هذه الاتفاقية مع مصر علي أنها صفقة تجارية بالدرجة الأولي، وليس مساعدات تمنحها أو توقفها وقتما ماشاءت ، والجدير بالذكرأنه تم توقيعها ضمن حزمة اتفاقيات وقعت بين مصر والسعودية في مارس 2016، بلغت قيمتها 25 مليار دولار والتي كان من بينها توقيع اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين وعودة جزيرتي صنافير وتيران إلي السعودية؛ كل هذه الاتفاقيات بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك سلمان خادم الحرمين الشريفين. ورغم أن القرار قد صدر في مطلع الشهر.. إلا أن المحللين قد ربطوا بينه وبين موقف مصر من الأزمة السورية والذي يختلف بعض الشئ مع الموقف السعودي.. وهو ما يعلمه الجميع.. فالدولتان بلا شك حريصتان علي سوريا الحبيبة وعلي شعبها العربي الشقيق.. ولكن الخلاف يجيء من الموقف الملتبس علي الأرض في سوريا.. وما يتعرض له الشعب السوري من تدخلات خارجية ودخول جماعات متطرفة ممولة ومسلحة من الخارج وعنف من تلك الجماعات يقابله عنف من النظام الحاكم في سوريا.. وهو ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا وهروب الملايين الي دول عديدة. خلق هذا الموقف الملتبس ما يشبه الحرب الأهلية أو هي كذلك فعلا.. تباينت مع الحالة مواقف القوي الدولية.. الولاياتالمتحدة ومعظم أوروبا تدعم من تسميهم بالمعارضة وتسلحها وتضرب الجيش الوطني.. وروسيا والصين تدعم الجيش الوطني وتضرب مواقع داعش وجبهة النصرة المتطرفة.. وهو ما نعتبره حربا عالمية بالوكالة.. الضحية هي سوريا وشعبها ووحدة أراضيها. الموقف المصري واضح.. يحكمها فيه ما ذاقته من نار الجماعات المتطرفة التي تحمل شعار الدولة الإسلامية اسما لا فعلا.. وهو ماتراه مصر خطرا كبيرا علي دول المنطقة وشعوبها ووحدة أراضيها.. ويحقق هدف الدول الكبري في تقسيم المنطقة لمصلحة عدوها الأكبر والأزلي إسرائيل. الموقف المصري الذي وصفه السفير السعودي بالأمم المتحدة ب» المؤلم ».. هو أنها وافقت علي مشروعين لحل الأزمة قدمتهما كل من فرنساوروسيا.. والكل كان يعلم أن المشروعين لن يحصلا علي موافقة مجلس الأمن.. ولكن الموافقة كانت علي أي قرار يحقق الهدف وهو وقف نزيف الدماء وإخماد نار الحرب.. والعودة الي طاولة المفاوضات وحل الأزمة دبلوماسيا وليس عسكريا. ومن يتأمل المشروعين.. يجدهما متفقين علي ضرورة وقف إطلاق النار من كل الأطراف خاصة في حلب الجميلة التي تشهد دمارا محققا.. والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية للشعب السوري.. ولكن المشروع الروسي يطالب بإخراج قوات جبهة النصرة التي غيرت اسمها الي » جبهة فتح الشام ».. وهي مصنفة كتنظيم ارهابي وفصلها عن المعارضة » المعتدلة ». وأرجو ألا تري الشقيقة السعودية في الموقف المصري » مؤلما ».. وألا تتخذ موقفا أشد ألما..فنحن حريصون علي الشقيقة سوريا التي عشنا ومازلنا نعيش معها كدولة واحدة.. وعلي شعبها الذي عشنا ومازلنا نعيش معه كشعب واحد.