إلزام الحكومة أن تحدد الموقف بصراحة: هل نحن مجبرون علي التعويم مقابل القرض أم كلها ألاعيب لتجار العملة الحرب الممنهجة والضغط منقطع النظير علي الدولة ممثلة في البنك المركزي لتعويم الجنيه أو بالأدق تشييعه إلي مثواه الأخير لابد أن تتخذ الدولة ممثلة في أعلي سلطة موقفًا حازمًا ضد تجار العملة والمضاربين الذين يقودون هذه الأيام حملة شرسة ضد العملة الوطنية. هذه الحرب أو الحملة لا يخطئها أحد ومعالمها واضحة للجميع بإطلاق شائعات بأن التعويم قادم لا محالة بل يستخدمون مسئولين وخبراء ومؤسسات تدعي أنها مؤسسات تقييم لإطلاق تقارير لا أنزل الله بها من سلطان تؤكد ان التعويم قادم بل تحدد نسبته بما يتراوح بين 30 إلي35 % بما يعني أن الدولار الأخضر المنهزم في بلاده ولا يشتري سوي مشط كبريت إلي ما يفوق ال 13 جنيها. الدولة مطالبة بأن تتعامل بسرعة وبحسم وشفافية مع هذا الملف الشائك الذي من شأنه أن يشعل الأسعار بعدما اشتعلت قبل وبعد قانون ضريبة القيمة المضافة.. أما الحسم فيكون بسرعة نفي هذه الشائعات أو تأكيدها وتوضيح أسبابها والأمر الثاني تشكيل لجنة من خبراء اقتصاد بحق وحقيقي وليس من المدعين وبعضهم لم يحصل سوي علي دبلوم تجارة بتحديد القيمة العادلة للدولار التي لا شك أنها لا تتجاوز العشرة جنيهات.. والأمر الأكثر أهمية أن تلزم الحكومة بعض وزرائها المفلوتين في التصريحات حول الجنيه وسعر الصرف فهي ليست مهمتهم بل هي مهمة البنك المركزي بالتنسيق مع الحكومة ككل وليس وزيرا بعينه لدرجة أن يصرح وزير بأنه »يتمني تعويم الجنيه». أري الحملة علي الجنيه شرسة هذه المرة بهدف تغريقه وليس تعويمه فهناك من يدفع البعض لمثل هذه التوقعات لغرض ما في نفس يعقوب فمنهم من يحاول بكل قوة وعنف وتحد وإصرار علي هدم الدولة واقتصادها وهناك من ينجرف لهذا التيار عن سوء فهم وبينهما من يحارب لصالح تجار العملة والمضاربين الذين لا شك سيربحون بالمليارات نظير اكتنازهم للدولار وحجبه عن السوق ولك ان تتخيل كم الأرباح التي سيحققها هؤلاء من تخفيض قيمة الجنيه مرة واحدة بما يقارب الخمسة جنيهات. وهناك فريق آخر يسوق مقولة أن تعويم الجنيه قادم لامحالة باعتباره أحد شروط صندوق النقد الدولي نظير القرض المقرر لمصر بنحو 12 مليار دولار علي 3 سنوات. وهنا يجب بل إلزام الحكومة أن تحدد الموقف بصراحة: هل نحن مجبرون علي التعويم مقابل القرض أم كلها ألاعيب لتجار العملة يستخدمون فيها كافة الأسلحة المشروعة وغير المشروعة. في ظل نقص موارد النقد الأجنبي مع تراجع السياحة بفعل أزماتها المتكررة وتراجع تحويلات المصريين في الخارج بسبب انتشار تجار العملة في مواقع تجمعات المصريين في الخارج وعلي مواقع النت للمضاربة علي الجنيه وكذلك تراجع الصادرات أو بالأدق عدم زيادتها بالقدر المطلوب أو بما يتناسب مع قدرتنا كدولة وعلاقاتنا مع التكتلات الاقتصادية الكبيرة خاصة الإفريقية، بجانب استقرار الاحتياطي النقدي للبلاد عند 16 مليار دولار فقط بعدما كان 36 مليار دولار قبل يناير 2011.. يظل تفكيرنا في تعويم الجنيه حرثا في البحر ووأدا دون رحمة للجنيه. قبل أن نتحدث عن تعويم الجنيه أو بالأدق تخفيض عملتنا الوطنية وجعلها في الحضيض علينا أن ننظر لدول مجاورة ظلت عملتها قوية لسنوات طويلة.. وأذكر قبل سنوات عندما كنت أعمل في الخليج أن كان الدولار يعادل 3،76 ريال سعودي وهي نفس القيمة التي عليها الآن ولن ينقص هللة واحدة. علينا التفكير في طرق لزياد الإنتاج وهي السبيل الوحيد لتقوية عملتنا الوطنية والعمل بأفكار مبتكرة لزيادة مواردنا من النقد الاجنبي والأهم من ذلك تقليل مدفوعاتنا بالدولار سواء في شكل استيراد سلع كمالية ترفيهية لن نموت إذا امتنعنا عنها والعمل لاستعادة السياحة وهي الدجاجة التي تبيض دولارات وكذلك التفكير في طرق لزيادة الصادرات. علينا قبل أن نطلق رصاصة الرحمة علي الجنيه المظلوم والصابر صبر أيوب أن ندرك جيدا أن العملة مثل العلم تماما علينا الحفاظ عليها واللعب بها جريمة لا تغتفر وعلينا أن نقف بقوة تجاه تجار العملة ومن يقف وراءهم في محاولات مستميتة أولا لهدم اقتصاد البلاد وثانيا النيل من ثقة الشعب في قيادته. إننا في حرب ضروس وشاملة ضد الإرهاب الظاهر منه أو المستتر وعلينا تطبيق اقتصاد الحرب علي كل من يتجرأ بالمضاربة علي العملة.