قبل فترة، انتشر "هاشتاج" بعنوان "لو كانت أفريقيا مدرسة" علي موقع "تويتر". الهاشتاج تمثلت فكرته، كما هو واضح، في تخيل أن القارة مدرسة وأن دولها هم الطلبة. تابعته مأخوذة بخفة ظل المشاركين فيه، ومندهشة من الصورة الذهنية (النمطية؟) الشائعة عن كل دولة. كان طريفاً معرفة كيف ينظر أبناء قارتنا إلي كينيا مثلاً أو نيجيريا أو أوغندا، غير أن ما لفت نظري بشدة هو نظرتهم إلي مصر. بدا واضحاً أن مصر تظهر - علي الأقل في عيون المشاركين في هذا الهاشتاج - في صورة الطالب المتعالي علي الآخرين، المتنكر لهويته الأفريقية، وغير الراغب في التعارف علي أقرانه من ذوي البشرة السوداء لأن عينيه مصوبتان نحو الغرب! علي الفور، دفعني هذا لتأمل علاقتنا كمصريين بالأدب الأفريقي المتنوع والصاخب: ماذا نعرف عنه؟ وما الذي قرأناه منه؟ وإلي أي درجة نحن علي صلة بتياراته الأحدث؟ كانت الأجوبة مطمئنة في البداية، بدأت بنفسي ورحت أعدد أسماء الكتاب الأفارقة الذين قرأت لهم ولو مجرد نصوص متفرقة. كان العدد لا بأس به، وهناك كُتَّاب شباب، ومن أكثر من دولة. لكن بنظرة مدققة انتبهت إلي أن كل من تعرفت علي كتابتهم وقرأت لهم عرفتهم عبر الغرب كوسيط. يكتبون، في الغالب، بالإنجليزية ونجحوا في الغرب ولولا هذا ما كنت قد سمعت بهم. الخلاصة التي توصلت إليها هي أننا لا نكاد نعرف شيئاً عن الأدب الأفريقي بمعزل عن الغرب كوسيط، وبما أن النماذج التي تحظي بالشهرة والنجاح في أوروبا وأمريكا ليست هي الأفضل بالضرورة، فمؤكد أننا نخسر الكثير بعدم وجود تواصل مباشر بين ثقافتنا وثقافة وآداب دول وسط وجنوب القارة الأفريقية. ينطبق هذا أيضاً، مع بعض الاختلافات، علي شعوب تربطنا بها روابط ثقافية وحضارية بالغة القدم مثلما في حالة تركيا وإيران، فمعظم الأسماء المعاصرة التي نهتم بها في الأدبين التركي والإيراني، وصلتنا لأنها اشتهرت في الغرب أو نالت جائزة عالمية كبري. وتحضرني هنا شكوي الكاتب التركي أورهان باموق، خلال ندوته في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2007، من أن أعماله تُترجم في مصر عن اللغة الإنجليزية لا عن الأصل التركي، ومن اضطراره للتحاور مع حضور ندوته بالإنجليزية لا بالتركية أو العربية رغم وجود إرث حضاري مشترك. م. ع