كان الدكتور عاطف العراقي أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة صديقاً عزيزاً.. عاش الرجل حياته متفرغاً للفلسفة ولم يتزوج.. وكان آخر كتاب أهداه لي كتاب الفلسفة العربية والطريق إلي المستقبل. كان شديد الإعجاب بابن رشد.. أو بمعني أدق كان شديد الإعجاب باعتداد هذا الفيلسوف الكبير بالعقل.. لأن العقل هو مفتاح التقدم والحضارة والازدهار وان التخلف هو البعد عن هذا المنهج الذي يقضي إلي التطرف والتمزق والإرهاب. وما جلست معه يوماً إلا كان حديثه ينصب علي هذا الفيلسوف العظيم الذي كانت فلسفته الكشاف الأمامي الذي أضاء لأوروبا طريقها نحو التحرر من ظلام العصور الوسطي، وانطلاقها بالعلم حتي وصلت إلي ما وصلت إليه الآن من اكتشافات علمية مذهلة، أفضت بنا إلي عصر الذرة والإلكترون وغزو الفضاء. وكان يري أن هناك علاقة بين الفلسفة والسياسة فالإنسان حيوان سياسي عند بعض الفلاسفة ونجد هذه العلاقة طوال تاريخ الفلسفة من الماضي السحيق حتي الآن. تجد هذا في العديد من محاورات أفلاطون وخاصة محاورة الجمهورية ومحاورة القوانين، وفي كتاب السياسة عند أرسطو والسياسة عنده تعد داخلة في القسم العملي من الفلسفة. ونجد هذه العلاقة عند العديد من مفكري العرب، من بينهم إخوان الصفا وكانت لهم نزعتهم الشيعية، كما نجدها عند الفارابي في آراء أهل المدينة المفاضلة، وعند ابن سينا أيضاً، كما نجدها عند ابن باجة في محاولة تصور مدينة فاضلة، وعند ابن رشد في فكره السياسي، ونجد ذلك أيضاً في فكر الخوارج وفكر الشيعة، بل توجد جوانب سياسية عند العديد من الصوفية والذين عبروا عن التصوف الفلسفي. نجد ذلك أيضاً في العصر الحديث عند أمثال توماس هوبز وجون لوك وفولتير وبرتراند راسل. ويلخص ما توصل إليه في كتابه عن الفلسفة العربية والطريق إلي المستقبل، إلي أن العقل والعقل أولاً وأخيراً، انما يمثل الطريق الذهبي الذي يجب أن يعتز به العرب، إذا أرادوا أن يصبح الحال غير الحال. ويري أن الجانب الإنساني كان مهتماً به في كتابات فلاسفة المشرق العربي والمغرب العربي. كما توصل إلي القول بأننا نستطيع التفرقة بين طريق مغلق ومسدود نجده عند الغزالي الذي هاجم الفلسفة والفلاسفة هجوماً عنيفاً وخاصة في كتابه »تهافت الفلاسفة». وطريق مفتوح علي كل التيارات نجده عند الفارابي في المشرق العربي، وعند ابن رشد في المغرب العربي. كما يري أنه توصل إلي ضرورة الاعتزاز بالنقد وخاصة النقد الفلسفي، ودليلنا علي ذلك أن النقد يجعل الفيلسوف يقف علي قمة عصره، كما وجدنا ذلك عند أرسطو قبل الميلاد.. وعند ابن رشد في الفكر العربي، وعند القديس توما الإكويني في الفلسفة الغربية في العصور الوسطي. وأذكر أنني سألته يوماً عما يقصده بالتنوير الذي كان ينادي به في كتبه ومقالاته، يومها قال لي ما ملخصه: ما أقصده بالتنوير أنه يقوم علي محاولة تجديد الفكر العربي، والتجديد يعني عدم الوقوف عند التراث لمجرد انه تراث، فمشكلات اليوم غير مشكلات الماضي، ولا يصح أن أقف عند حلول السابقين للمشكلات التي قاموا ببحثها، لأن المنهج قد تغير والمشكلات أيضاً قد تغيرت. وكان يري أن رموز التنوير كثيرة: فالكواكبي في سوريا ومالك بن نبي في الجزائر، ورفاعة الطهطاوي ومحمد عبده ومحمد حسين هيكل وأحمد لطفي السيد، وعباس العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم وزكي نجيب محمود وسلامة موسي في مصر. وأخيراً.. فإن هذا الكتاب الذي يتحدث عن مستقبل الفلسفة وأثرها في تقدم بلادنا العربية كتاب في غاية الأهمية، لأنه يبرز أن التقدم مرتهن بالعقل النقدي، ولا تقدم في ظل الخرافات والأساطير والأوهام والبعد عن المنهج العلمي. سكان الفضاء من يقرأ الكتب العلمية التي تتحدث عن الكون الذي نعيش فيه سوف يجد نفسه حائراً أمام عظمة هذا الكون الذي تقدر فيه المسافات بآلاف السنين الضوئية!. وآخر كتاب قرأته كتاب »شوية علم من فضلك» الصادر عن مكتبة الأسرة من تأليف الدكاترة السيد نصر الدين السيد، ومحمد زكي عويس، وأحمد عبدالله السماحي، وفتح الله الشيخ. وأقرأ فيه أن علماء الفيزياء الفلكية يؤمنون بأن 99٫97٪ من جميع المواد في الكون قد تواجدت فجأة في أقل من جزء من الثانية!!. هذه اللحظة تعرف بحادثة خلق الانفجار العظيم وان جميع المجرات لا يمكن أن تعود مرة أخري إلي مركز نشأتها الافتراضي، وبناء علي ذلك تعتبر لحظة الانفجار العظيم هي نقطة بداية الكون، وجميع المواد والطاقة وخلق كون الفراغ والزمن!. ويدعم العالم هذه النظرية التي وضع فروضها عالم الرياضيات الروسي »الكسندر فريدمان» عام 1922 حيث تنبأ بتمدد الكون، وبعد ثماني سنوات أثبت العالم الانجليزي »أدوين هابل» صحة هذا التنبؤ بواسطة الحيود الضوئي في المدي الطيفي للضوء الأحمر. بعد ذلك دعم العالمان الإنجليزيان هوكنج دبنروز عام 1968 فكرة تمدد الكون من خلال نظريات الإنفرادية. هذه النظريات أدت من خلال انعكاس الزمن إلي اختزال الكون عند نقطة البداية عند الزمن في الماضي السحيق، ولعل هذه اللحظة كان الكون غير متواجد.. إلي آخر ما كتب العلماء في هذا الصدد. ولم أقرأ فيما كتب العلماء شيئاً عن أن هناك سكانا في هذا الكون غيرنا.. يعيشون في بقعة ما من هذا الكون الفسيح الذي لا يكاد يتخيل اتساعه عقل بشري. دارت هذه الخواطر في ذهني.. وقد قرأت أخيراً في »المصري اليوم» مقالين للدكتور وسيم السيسي، وهو عالم متبحر في الطب والتاريخ الفرعوني، انه يتحدث في مقالة بعنوان »من هنا كانت مؤامرة الصحف» عن مريضة تدعي شيريل فيربزر في مستشفي أونبروك في كمبردج.. كانت مريضة، وكان معها شاهد إثبات وهي فاليري الجالسة بجانبها، وأنها تحدثت عن رؤيتها للأطباق الطائرة!. ويتحدث الدكتور السيسي عن ظاهرة الأطباق الطائرة عبر التاريخ.. منذ أيام مصر الفرعونية إلي اليوم ويروي قصصاً عنها، وأن المسئولين في الغرب يعرفون ذلك، وأن السبب في صمتهم يرجع كما يقول فيكتور مارشيت في كتاب »تيموثي جود» سري للغاية ص 360: مجرد اعتراف الحكومات بأن هناك كائنات من الفضاء الخارجي بعقليات وتكنولوجيا متقدمة عنا يجعل »التركيبات السياسية» القانونية، الدينية، الاقتصادية والاجتماعية كلها لا تصبح لها معني في عقل الجمهور، وبالتالي تتآكل تركيبة القوة التي تحكم الحكومات بها العالم.. ومن هنا كانت مؤامرة الصمت.