يقول الله تعالي »آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» إن ديننا يأمرنا بأن نؤمن بكل الشرائع السماوية التي نزلت من عند ربنا.. وتعديل بعض الأحكام والشرائع السماوية المتأخرة للمتقدمة ليس نقصاً لهذه الشرائع وإنما لأنها كانت تناسب الوقت الذي نزلت فيه. ويشرح العلماء هذا بضرب مثل لثلاثة من الأطباء جاء أحدهم لعلاج طفل حديث الولادة وفي الطور الأول من حياته مقتصر غذاؤه علي اللبن وجاء الطبيب الثاني للطفل في مرحلته الثانية بعد أن كبر قليلاً فقرر له طعاماً لينا وطعاماً نشوياً خفيفاً وجاء الطبيب بعد أن كبر الطفل وأصبح شاباً فأمر له بغذاء كامل. ولا ريب أن هذا اعتراف بأن كل طبيب منهم كان موفقاً في علاج الحالة، وهكذا الشرائع السماوية كلها صدق وعدل في جملتها وتفصيلها. وكلها يصدق بعضها بعضاً وقال صلي الله عليه وسلم »مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتاً فأحسنه وجمله إلا موضع لبنة فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين» ويقول الله سبحانه وتعالي: »آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير».. هذه الآيات ضمن ختام سورة البقرة أطول سورة في القرآن في هذه السورة فرض الله الصلاة والزكاة والصيام والحج والطلاق والجهاد وقصص الأنبياء والربا والدين، وأكد الله أن المؤمنون يؤمنون بالملائكة وطهارتهم عن المعاصي ويؤمنون برسله كما يؤمنون بكتبه التي أنزلها علي رسله وأنهم لا يفرقون بين أحد من رسله بل يؤمنون بهم جميعاً، وقالوا سمعنا وأطعنا أي سمعنا لرسلنا سماع تدبر وفهم وأطعنا ما فيه من الأوامر والنواهي طاعة وانقياداً، ثم قالوا غفرانك ربنا أي اغفر لنا وإليك المصير أي الرجوع بالموت والبعث إليك وحدك لا إلي غيرك وأن يكون الحساب والثواب والعقاب يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من آتي الله بقلب سليم. دعاء أسأل الله أن يعطيكم أطيب ما في الدنيا »محبة الله»، وأن يريكم أحسن ما في الجنة »رؤية الله» ، وأن ينفعكم بأنفع الكتب »كتاب الله»، وأن يجمعكم بأبر الخلق »رسول الله» صلي الله عليه وآله وسلم .. اللهم في هذا الصباح اجعل لنا نصيبا في كل خير تقسمه، وفي كل نور تنشره، وفي كل رزق تبسطه، وفي كل ضر تكشفه، وفي كل بلاء ترفعه، اللهم كما ايقظت أعيننا من المنام ايقظ قلوبنا من الغفلات، وكما أنرت الكون بنور الصباح أنر حياتنا بنور الهداية، آمين.