الدنيا في هذا المكان غير الدنيا.. دموع وأحزان وقلوب موجوعة ولون أسود تتشح به النساء وانكسار في عيون الرجال والشباب والأطفال في أغلب قري الفيوم بعد حادث الفرافرة المؤلم وقد راح ضحيته 22 من أبناء هذه القري علي طريق الواحات البحرية اثر تصادم سيارة ميكروباص مع سيارة نصف نقل بالكيلو 70 حيث تقاطرت سيارات الاسعاف وفرضت أجهزة الأمن كردونا في محيط الحادث.. مسرح الحادث تحول إلي مكان شؤم شهد اللحظات الأخيرة في حياة 22 من الفقراء والبسطاء الذين كانوا في طريق عودتهم من الفرافرة حيث يعملون لكسب قوت يومهم إلي الفيوم حيث كانت نواياهم قضاء اجازة عيد الأضحي مع ذويهم دون أن يشعر أحد منهم أنها رحلة النهاية بلا وداع فلم يلحقوا بأهاليهم ولم يستقبلهم الأهل إلا وهم جثث! مسرح الحادث صار أيضا مليئا بباقي الضحايا التي تحولت إلي ذكريات! »الأخبار» كانت هناك في القري الحزينة.. التقينا مع أهالي الضحايا.. حكايات الأهالي عمن فقدوهم تزيد القلوب وجعا لأن الضحايا كانوا يتحملون الشقاء ويعيشون في ظروف صعبة بين العقارب والثعابين للانفاق علي متطلبات حياتهم.. جامعيون يريدون ادخار مصروفات الدراسة وأصحاب عائلات يوفرون لقمة العيش الحلال.. وشاء القدر أن يكتب لهم جميعا كلمة النهاية عند الكيلو 70 بطريق الواحات البحرية. قري الجلابة وبهنس الجديدة وبني صالح والدالي وأمين بالفيوم اتشحت بالسواد حزنًا علي مصرع 22 من أبنائهم. ففي قري ينقصها كافة الخدمات الأساسية يعيش أسر الضحايا في طرق ترابية وعرة ونقص في كافة الخدمات.. لم يكن الحادث بالغريب عليهم بعدما راح 9 من أبناء قرية الجلابة منذ 5 سنوات في حادث حريق أسطوانة غاز منزلية ولم تستطع سيارة الإسعاف وقتها الدخول للقرية بسبب طريقها الترابي الضيق وماتوا جميعًا ضحية الإهمال. ضحايا حادث الفرافرة ذهبوا جميعًا للعمل وتركو قراهم بسبب الفقر الذي يعيشون فيه هم وأسرهم، وقامت بعض الأسر بأرسال أطفالهم الذين لم تكتمل أعمارهم 14 عامًا للعمل بسبب الفقر والظروف المعيشية الصعبة. يقول وجيه محمد إبراهيم والد الضحية إسلام 18 سنة أن نجله ذهب للعمل بدافع الإنفاق علي نفسه خاصة وأن ظروفي المادية صعبة للغاية حيث إنني أعمل مؤذن مسجد وظروفنا المعيشية صعبة ولدي 4 أبناء جميعهم في مراحل عمرية مختلفة، ويتابع والدموع تنهمر من عينيه لو كنت أعرف أن نجلي »سيذهب بدون عودة ما كنت فكرت في أن يتركنا لحظة». ويتابع محمود محمد عبدالتواب والد الطفل عبدالرحمن 14 سنة أن لديه 4 أولاد وأن الدافع وراء سفر نجلي الفقر الذي نحيا فيه، ويذهب للعمل منذ أن كان عمره 10 سنوات ليساعدني علي متطلبات المعيشة، حيث أنني لا أعمل ومريض بالروماتزم ولا أقوي علي السير علي قدمي ويساعدني طفلي الذي راح ضحية الحادث، مطالبًا بضروة عودة جثمانه ليقوم بدفنه. يقول جمعة حسن علي أن نجله أحمد 17 سنة الذي لقي مصرعه في الحادث كان يساعده في توفير نفقات المعيشة وأنه ذهب للعمل في مزارع الزيتون في الفرافرة بالواحات البحرية مع العشرات من أبناء القرية بسبب الفقر والحاجة، ويتابع والدموع تنهمر من عينيه أن أخر حديث دار بينه وبين نجله منذ يومين كان يطمئن عليه ويوصيه بأن يحرص علي نفسه خاصة وأنه يعمل في مزارع بمناطق جبلية ويتعرضون لجميع المخاطر بسبب سوء المعيشة في هذه المزارع وتواجد العقارب والثعابين بكثرة.. وطالب المسئولين بسرعة إنهاء اجراءات استخراج تصاريح الدفن حتي يتمكنوا من دفن أقاربهم وذويهم.. وأشار أحمد مجدي محمد والذي نجا من الموت بطريق الصدفة بعدما طلب منه شقيقه سيد 18 سنة الذي توفي في الحادث العودة معه في نفس السيارة التي وقع بها الحادث وأسفرت عن مصرع 22 شابا، مؤكدًا أنه في أخر الكلمات بينهما طلب منه أن يحافظ علي نفسه وأشقائه، لافتا إلي أنه كان يستقل سيارة ميكروباص أخري خلف التي انقلبت في الحادث وشاهد مستقلي السيارة وهم جثث ملقاة علي جانبي الطريق كان من بينهم شقيقه سيد.. وأضاف أنه أصيب بحالة إغماء فور مشاهدة جثة شقيقه وأبناء قريته ملقاة علي جوانب الطريق ، مشيرًا إلي أنهم اضطروا للذهاب للعمل في مزارع جبلية بالواحات وسط العقارب والثعابين من أجل البحث عن لقمة عيشهم وتوفير نفقات حياتهم اليومية. من جانبه قرر المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم صرف إعانة عاجلة قدرها 10 آلاف جنيه لأسرة كل متوفي بالإضافة إلي توفير سيارات إسعاف لنقل الجثامين إلي قراهم من أجل مواراة جثامينهم التراب. وأضاف أنه أجري اتصالا باللواء محمود عشماوي محافظ الوادي الجديد لتسيير وتسهيل استخراج تصاريح الدفن وشهادات الوفاة.من ناحية اخري الغي محافظ الوادي الجديد اللواء محمود عشماوي الاحتفالية المقرر تنفيذها أمس الاربعاء بقاعة المؤتمرات بديوان عام المحافظة لتكريم اوائل الشهادات العامة والاكتفاء بتكريمهم بمكتبه ومنحهم شهادات التقدير وميدالية المحافظة حدادا علي مصرع 22 عاملا والذين لقوا مصرعهم اثر تصادم الميكروباص الذي كان يقلهم من الفرافرة إلي القاهرة والذي وقع مساء أمس الثلاثاء. وكلف المحافظ رئيس مدينة الفرافرة اللواء محمد العدوي بانهاء كافة الاجراءات القانونية وتسليم الجثث لذويهم بعد انتهاء اجراءات النيابة. كان الحادث أسفر عن مصرع 22 شخصا بينهم 12 جثة تم نقلها إلي مستشفي الفرافرة المركزي بالوادي الجديد وهم: »أحمد سليمان حامد - القصر بمركز الداخلة، رجب سليمان أبو الحسن، مقيم قرية أبومنقار بالفرافرة، عبده محمد رجب - 20 سنة، محمود رمضان علي يوسف 20 سنة، أحمد محمد بسنت، 20 سنة، جمعة محمد السيد، 18 سنة، محسن عبدالله أحمد علي، 45 سنة، إسلام وجيه محمود ابراهيم، 20 سنة، أنور السيد عبده 20 سنة، أحمد عيد الجريء 20 سنة، عبده مطلع محمد 18 سنة، محمود مطلع محمد، 21 سنة وجمعيهم من محافظة الفيوم».. كما توفي 10 أشخاص آخرون وتم نقلهم إلي مستشفي الواحات المركزي وهم »عصام رمضان فهمي سائق السيارة الميكروباص، محمود خيري ابراهيم 23 سنة، حسن محمد رجب، 22 سنة، بركات محمد توفيق، 20 سنة، محمد قرني السيد، 20 سنة، عبده محمود امبابي 20 سنة، سيد مجدي زيدان 22 سنة وجثتان اثنتان مجهولا الهوية».