استطاعت الباحثة مني ابراهيم نصير المدرس المساعد بقسم الاراضي بكلية الزراعة جامعة عين شمس أن تتخذ من مخاوف البعض من استخدام مادة السيلينيوم في مجال الزراعة نقطة انطلاق لها في عمل دءوب ودراسة مستفيضة توّجتها بتجارب علمية بددت هذه المخاوف التي ترفض استخدام هذه المادة في التربة لأنها في حال زيادة معدلها قد تتحول إلي مادة سامة.. وانطلقت تجارب الباحثة عن حل لهذه المشكلة فتوصلت إلي طريقة لاستخدام مادة السيلينيوم في النبات فقط وليس في التربة الزراعية وتوصلت إلي نتائج مبهرة.. تعالوا بنا نتعرف علي فوائد هذه المادة ونتائج ابحاث الباحثة الشابة وطموحاتها في الحوار التالي.. في البداية نود التعرف علي السيلينيوم؟ -السيلينيوم (Selenium) هو عنصر كيميائي رقمه الذري 34 ورمزه الكيميائي Se، وهو أحد مضادات الأكسدة المهمة والحيوية للجسم وهو عنصر طبيعي معدني من العناصر التي تتوزع علي نطاق واسع في الطبيعة في معظم الصخور والتربة. ويلعب دورا مهما في مجال صحة الانسان والحيوان وهناك في الاونة الاخيرة اهتمام متزايد من الباحثين لفهم دورة السيلينيوم والطرق المختلفة للاستفادة منه في مجال صحة الانسان والحيوان. فوائد كثيرة وما هي فوائده بالنسبة للانسان؟ - للسيلينيوم فوائد كثيرة جدا بالنسبة للانسان ومنها علي سبيل المثال لا الحصر أنه يعمل علي تثبيط (تقليل) أكسدة الدهون، وهو بذلك يحمي جهاز المناعة عن طريق منع تكون الشقوق (الشوارد - الجزيئات) الحرة التي يمكن أن تسبب تلفا وآثارا مدمرة بالجسم. ومن فوائد السيلينيوم بالنسبة للانسان أنه يعمل بالتعاون مع فيتامين E للمساعدة علي إنتاج الأجسام المضادة والمساعدة في المحافظة علي سلامة القلب والكبد.ورغم أن الجسم يحتاجه بكميات ضئيلة الا انه ضروري لأداء البنكرياس لوظائفه ولمرونة الأنسجة. وعند إضافته إلي فيتامينE والزنك، فإنه قد يخفف حالة تضخم البروستاتا.. كما يعمل السيلينيوم علي تقليل علامات الشيخوخة المبكرة، وتعزيز صحة الشعر، وتوازن الهرمونات الخاصة بالانسان، كما يوجد ارتباط قوي بين نقص عنصر السيلينيوم والإصابة بالسرطان وأمراض القلب. وما اعراض نقص السيلينيوم بالجسم؟ -تشمل أعراض نقص السيلينيوم بالجسم: التهاب المفاصل وتقصف الأظافر ورائحة غير طبيعية للنفس كرائحة الثوم، واضطرابات بالمعدة والأمعاء، وسقوط الشعر، والتهيج، وتدهور الكبد والكلي، والإحساس بطعم معدني بالفم، وشحوب الجلد وظهور طفح جلدي، واصفرار الجلد.. كما أن هذا النقص يكون مصحوبا بالإعياء وضعف النمو وارتفاع مستويات الكوليسترول والإصابة بالعدوي وتدهور الكبد والبنكرياس والإصابة بالعقم. أطعمة غنية وما الاغذية التي تمد الجسم بهذه المادة المفيدة؟ وما الجرعة الموصي بها؟ -يوجد العديد من الاطعمة الغنية بمادة السيلينيوم التي تمد الجسم بهذه المادة المفيدة، منها اللحوم والحبوب، والمكسرات وخميرة البيرة والبروكلي والأرز الكامل والدجاج ومنتجات الألبان والثوم والبصل والكبد والعسل الأسود وسمك السلمون والتونة والأغذية البحرية والخضراوات وجنين القمح والحبوب الكاملة. ومن الأعشاب المحتوية علي السيلينيوم: الشطة والبابونج وبذور الشمر والحلبة والثوم والجنسنج والبقدونس والنعناع وغيرها.. أما الجرعة الموصي بها ففي المعتاد 50 إلي 200 ميكروجرام في اليوم للشخص البالغ. ننتقل من علاقة السيلينيوم بصحة الانسان إلي مجال أبحاثك الزراعية.. لماذا اخترتِ السيلينيوم؟ -الحقيقة أنني عندما اطلعت علي الدور الفعال للسيلينيوم في حياة الانسان توقعت ان يكون له دور فعال مع النبات ومن هنا كانت نقطة الانطلاق في أبحاثي حول تأثير مادة السيلينيوم علي جودة النبات وحمايته من الامراض فبدأت البحث إلي ان توصلت إلي ان السيلينيوم نظرا لما له من دور فعال كمضاد للاكسدة فهو يساعد النبات علي تحمل ظروف الاجهاد المختلفة مثل الاجهاد المائي او الملحي وهناك عدد من الابحاث قد تناولت هذا الموضوع واثبتت مدي كفاءة السيلينيوم في مساعدة النبات علي تخطي ظروف الاجهاد ومقاومتها، ولكن المشكلة هنا في مصر أنه دائما ما يوجد خوف وقلق من استخدام السيلينيوم واضافته لاراضينا الزراعية رغم ان مصر تعتبر من المناطق الفقيرة في نسبة السيلينيوم في التربة وهناك الكثير ممن يرون عدم اضافته للارض حتي لا نلوثها به.. وفي الواقع أن هذه المخاوف يمكن تنطلق من أن ظروف أو خصائص العنصر الكيميائية قد تجعله من العناصر السامة اذا ما استخدم بشكل مفرط، ومن هنا جاءت أبحاثي لطمأنة هذه المخاوف حيث إننا نحاول الحصول علي افضل النتائج من خلال التعامل مع هذا العنصر في حدوده الآمنة التي لا تسبب اي اضرار للتربة أو للنبات. معادلة صعبة وكيف يمكنك تحقيق هذه المعادلة الصعبة والرد علي أصحاب هذا الرأي؟ -من خلال أبحاثي علي عنصر السيلينيوم توصلت إلي أنه يمكن استخدامه بطريقة آمنة من خلال إضافته إلي النبات دون إضافته للارض، وهذا ما طبقته في رسالتي للماجستير التي كان عنوانها (تأثير السيلينيوم علي امتصاص وتمثيل بعض المغذيات النباتية). وما التجارب التي قمتِ بها لتطبيق دراستك النظرية علي أرض الواقع؟ - لقد اجريت تجارب عديدة علي السيلينيوم من خلال اضافته بثلاث طرق مختلفة وهي النقع »الرش» النقع + الرش، بتركيزات مختلفة علي محصولي القمح والفول، وقد اظهرت النتائج مدي كفاءة استخدام السيلينيوم من خلال عملية نقع البذور فيه قبل الزراعة في تحسين كفاءة امتصاص النبات لبعض العناصر ومنها السيلينيوم..وبناء علي نتائج الماجستير تكوّنت لديّ فكرة مكتملة لرسالة الدكتوراه التي اعمل بها حاليا حيث أسعي إلي تطبيق تجاربي وأن تزيد نسبة السيلينيوم في المحاصيل التي يتناولها المواطن المصري دون ان يحتاج لاخذ ادوية مخصصة لتعويض النقص من هذا العنصر، لذلك اعتمد في دراستي علي نبات القمح حيث انه المصدر الرئيسي لرغيف الخبز الذي لا يخلو منه بيت في مصر سواء لغني او فقير. تساؤلات بحثية وما مدي نجاح هذه التجارب؟ -للتأكد من نتائج التجارب وضعت لنفسي عددا من التساؤلات في البداية وهي: هل عند نقع حبوب القمح في السيلينيوم قبل الزراعة سيؤدي هذا لرفع نسبة السيلينيوم في المحصول النهائي؟ وهل اذا ما تم عمل مخاليط من السيلينيوم مع بعض المركبات المعدنية او العضوية فهذا سيؤدي لرفع نسبة السيلينيوم في المحصول النهائي؟وهل اذا ما تم استخدام هذه المخاليط علي نبات القمح وتمت زراعته في ارض ملحية سيرفع من مدي مقاومة النبات لظروف الاجهاد الملحي وبالتالي زيادة في كفاءة المحصول النهائي؟.. وللرد علي كل هذه التساؤلات تم اجراء عدد من التجارب تشمل تجارب معملية وفي الصوب الزراعية وتجارب حقلية إلي ان ظهرت لدي النتائج النهائية التي كانت بفضل الله ناجحة بدرجة مبهرة. حيث اثبتت النتائج انه عند نقع حبوب القمح قبل الزراعة في مخاليط مكونة من السيلينيوم وبعض المركبات العضوية بتركيزات معينة ولعدد ساعات معينة فهذا يؤدي لرفع كفاءة امتصاص النبات للسيلينيوم وزيادة نسبته في المحصول النهائي وبالتالي سيتم انتاج خبز غني بالسيلينيوم دون ان نعاني من اي زيادة لنسبته في اراضينا. أشخاص وقفوا بجانبك حتي أثمرت جهودك عن هذه النتائج الموفقة.. من هم وماذا تقولين لهم؟ - لا أستطيع ان انسي فضل الله عليّ اولا ثم مساندة مشرفيّ علي رسالتي الماجستير والدكتوراه د. شريف محمود جاويش استاذ تغذية النبات المتفرغ ود. هاشم السيد ابو حسين الاستاذ المساعد في مجال تغذية النبات بكلية الزراعة جامعة عين شمس رحمهما الله رحمة واسعة وغفر لهما وكذلك د. طايع عبد اللطيف طه استاذ كيمياء الاراضي المتفرغ ود. منال مبارك استاذ مساعد في تخصص تغذية النبات وهؤلاء لا أملك لهما الا الدعاء أن يبارك الله لهما ويجزيهما كل الخير لمساندتي وتشجيعي وتسديد خطواتي حتي وصلت لما وصلت اليه. في نهاية الحوار حدثينا عن طموحاتك.؟ - اتمني ان تكون جميع محاصيلنا غنية بالعناصر الغذائية المفيدة التي تستفيد منها كل فئات المجتمع الفقير منهم قبل الغني لان الغني ممكن ان يعوض النقص الذي يعاني منه بشراء الادوية الغنية بهذه العناصر ولكن الفقير ظروفه لا تسمح بذلك فلا أقل من أن يحصل علي غذاء خال من المسرطنات والهرمونات وغني بالعناصر المفيدة مثل السيلينيوم وغيره وبذلك نكون قد وفقنا في تقليل معدل انتشار بعض الامراض مثل السرطان ولو حتي بنسبة ضئيلة لكل فئات المجتمع.