جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم الخميس    تشكيل برشلونة المتوقع أمام ألميريا في الدوري الإسباني    «حقوق الزقازيق» تعقد محاكمة صورية لقضايا القتل ( صور )    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الخميس 16-5-2024 بالمصنعية    شقيقة ضحية «أوبر» تكشف القصة الكاملة ل حادث الاعتداء وترد على محامي المتهم (فيديو)    طلاب الإعدادية بشمال سيناء يؤدون امتحاني الجبر والكمبيوتر اليوم    مقبرة قرعونية السبب في لعنة الفندق والقصر.. أحداث الحلقة 8 من «البيت بيتي»    3 نصائح من الأرصاد لطقس اليوم.. تحذير من موجة حر شديد    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 16 مايو    ترامب عن بايدن بعد تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل: متخلف عقليا    أجمل 5 هدايا في أعياد ميلاد الأطفال    فصائل عراقية تعلن استهداف مصفى حيفا النفطي بالمسيرات    استقرار أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أمريكا    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    تراجع الوفيات بسبب جرعات المخدرات الزائدة لأول مرة في الولايات المتحدة منذ الجائحة    "في الخلاط" حضري أحلى جاتو    طريقة طهي الكبدة بطريقة صحيحة: الفن في التحضير    رضا عبد العال: «حسام حسن كان عاوز يفوز بكأس عاصمة مصر عشان يستبعد محمد صلاح»    4 شهداء جراء استهداف الاحتلال منزلًا لعائلة "الحلقاوي" وسط رفح الفلسطينية    رئيس تتارستان: 20 مليون مسلم داخل روسيا ولدينا خبرات فى تشييد الطائرات والسفن    فوائد تعلم القراءة السريعة    الانخفاض يسيطر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 16 مايو بالمصانع والأسواق    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    نشرة التوك شو| :تفاصيل تخفيض قيمة التصالح حال السداد الفوري وأسباب تراجع سعر الدولار في البنوك    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    رسميا.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya جميع الشعب مباشر الآن في محافظة القليوبية    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    وزير الرياضة يطلب هذا الأمر من الجماهير بعد قرار العودة للمباريات    حظك اليوم برج العذراء الخميس 16-5-2024 مهنيا وعاطفيا    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    شريف عبد المنعم: مواجهة الترجي تحتاج لتركيز كبير.. والأهلي يعرف كيفية التحضير للنهائيات    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    كامل الوزير يعلن موعد تشغيل القطار الكهربائي السريع    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 16 مايو 2024    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    انطلاق معسكر أبو بكر الصديق التثقيفي بالإسكندرية للأئمة والواعظات    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد شومان خبير الإعلام الدولي وإدارة الأزمات:صورة مصر في العالم تحتاج لحملة إنقاذ
نشر في أخبار الحوادث يوم 04 - 09 - 2016

شهدت مصر علي مدي السنوات الماضية الكثير من الأحداث الكبري، والتحولات الجوهرية التي كان لها تأثيرها الكبير علي الداخل والخارج، ووضعها في بؤرة الاهتمام العالمي، وكانت صورة مصر في العالم واحدة من اخطر ملفات الصراع التي عرفتها الدولة، وبخاصة بعد ثورة 30 يونيو، حيث سعي خصوم وأعداء تلك الثورة إلي تشويه صورة مصر في العالم وإهالة التراب علي كل انجاز، في محاولة لتصفية حساباتهم مع الدولة والشعب.. فكيف تتم صناعة صورة مصر في العالم، وكيف يستخدم الإعلام العالمي كأداة في الصراع السياسي ضدها، أسئلة كثيرة نطرحها علي الدكتور محمد شومان أستاذ الإعلام وعميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية، وأحد أهم المتخصصين في صناعة الصورة والإعلام الدولي، فضلا عن تخصصه في إدارة الأزمات.
قبل أن نبدأ الحوار دخل د. محمد شومان، وقد بدت ملامح عدم الرضا علي وجهه، وهو يطالع تفاصيل أحدث تقرير سنوي صادر عن معهد »تقييم السمعة»‬ الخاص بترتيب الدول في هذا المضمار وقد تضمن التقرير 16 دولة بينها أربع عربية وأربع إسلامية، اعتبرت ذات سمعة سيئة أو ضعيفة علي مقياس من واحد إلي 100، وقد احتلت مصر وفق هذا التقرير المرتبة 16 بين دول التقرير فيما تصدر العراق القائمة، في مقابل دول السويد وكندا وسويسرا واستراليا والنرويج، التي جاءت في مقدمة الدول الأحسن سمعة، التقطتُ الخيط لنبدأ حوارنا:
لماذا هذه الصورة السلبية تماما عن الدول العربية والإسلامية، ولماذا تأتي مصر ضمن هذا التقرير رغم اختلاف ظروفها عن الكثير من الدول التي تضمنتها القائمة؟
بالتأكيد نحن لسنا بهذا الشكل السييء، وإذا كنا نأخذ الكثير من التقارير الدولية التي تعتمد علي تصنيفات للدول في مجالات مختلفة بعين الشك للكثير من المعايير التي تتبعها تلك التقارير في التصنيف، لأنه لا توجد منظمة دولية خالية من الغراض سواء المعلنة او غير المعلنة، فضلا عن المصالح التي تربطها بالكثير من الأطراف في الداخل والخارج، إلا أنه لا مفر من التعامل مع تلك التقارير، فتلك التقارير رغم كل الملابسات التي تحدثنا عنها لا تزال واحدة من الأدوات التي يعتمد عليها العالم في نظرته وتقييمه للدول الأخري، ومثل هذه التقارير تؤثر علي صورتنا في العالم، وبخاصة لدي الجمهور الذي ربما لا تتاح له فرصة التعرف المباشر علي مجريات الأمور في مصر، والصورة الذهنية علم وفن وصناعة كبيرة تحتاج إلي تمويل وبحث علمي ووسائل وأدوات لترويجها ونشرها، ولا يمكن ان نترك مثل هذا المجال المهم للغاية عرضة للمحاولات العشوائية والتحركات غير المنظمة، فللأسف نحن نخاطب أنفسنا أكثر مما نخاطب العالم الخارجي، نحاول أن نخلق صورة إيجابية عن أنفسنا، لكننا نكتفي بترويجها داخليا، ولا نستطيع تصديرها إلي الخارج، لأنه ليس لدينا رؤية ولا استراتيجية إعلامية سواء في الداخل أو في الخارج، والصورة الإعلامية لابد أن تعتمد علي معطيات وحقائق في الداخل، وللأسف الإعلام الغربي لديه صورة نمطية عن الدول العربية والإسلامية ومجتمعات العالم الثالث بشكل عام، وللأسف هذه التصورات النمطية ظهرت بوضوح بعد ثورة 30 يونيو، وكان هناك موقف معادٍ لما حدث من قبل السياسة والإعلام الأمريكي، ونحن لم نتحرك بصورة فعالة لتغيير تلك الصورة أو الرد علي المغالطات بشكل قوي ومقنع، علي الرغم من وجود الكثير من الإيجابيات التي تحققت بالفعل وكان يمكن تسويقها عالميا، ولعل أبرز مثال علي ذلك الاتفاق الأخير مع صنوق النقد الدول، فرغم امكانية توجيه بعض التحفظات لهذا الاتفاق، لكنه في النهاية نقطة ايجابية تعكس ثقة مؤسسة دولية بحجم صندوق النقد الدولي في الدولة والاقتصاد المصري، ولو كان لدينا استراتيجية اعلامية لاستطعنا الاستفادة من تلك النقطة الايجابية والبناء عليها لتحسين صورة الاقتصاد المصري في العالم، وهو ما سينعكس علي جذب الكثير من الاستثمارات، وربما كان ذلك يمثل ردا عمليا علي التقرير الذي نشرته مجلة كبيرة مثل »‬إيكونوميست» وأساء كثيرا لصورة الاقتصاد المصري.
صورة مصر
لكن لماذا اختلفت صورة مصر في الإعلام العالمي بعد ثورة 30 يونيو عما كانت عليه بعد 25 يناير، رغم تشابه الظروف، وأن الخروج الشعبي الكبير كان العامل المشترك بين الحدثين الكبيرين؟
بالفعل الصورة اختلفت تماما بعد الحدثين، ففيما كانت الصورة بعد 25 يناير هي صورة الثورة الشعبية الملهمة لشعوب العالم، تغيرت الصورة بعد 30 يونيو رغم أن الخروج الشعبي فيها فاق يناير 2011، لكن لا يمكن ان نغفل أن خصوم 30 يونيو سارعوا إلي استخدام أدواتهم الإعلامية في بث دعاية مضادة لتشويه صورة ما حدث وتصويره علي غير الحقيقة، والاساءة لدور الجيش في مساندة المطالب الشعبية، وللأسف ووفق نظرية ملء الفراغ فقد غابت أجهزة الدولة عن الساحة الإعلامية العالمية تماما، وبالتالي تحركت الأطراف المضادة وفي مقدمتهم جماعة »‬الإخوان» والمتحالفون معها إقليميا ودوليا لتقديم روايتهم لما حدث، وإشاعة الكثير من المغالطات عن الأحداث الداخلية في مصر، مستغلين تلك الصورة النمطية السائدة في الاعلام الغربي عن الدول العربية والاسلامية، والموقف المعادي لما حدث في 30 يونيو في السياسة والاعلام الأمريكي والغياب شبه التام لمؤسسات الدولة عن الساحة.
لكن هل يعقل أن تكون ادوات جماعة مثل »‬الإخوان» والمتحالفين معها أكثر قدرة من مؤسسات دولة كبيرة مثل مصر تنتشر سفاراتها ومكاتبها الإعلامية في عواصم العالم؟
الحقيقة أن تأثير الدعاية المضادة من جانب »‬الإخوان» وحلفائهم لا يرجع إلي قوة أذرعهم الإعلامية بقدر ما يرجع إلي ضعف وغياب الأدوات الاعلامية الرسمية للدولة، وعدم قدرتها علي الحضور علي الساحة العالمية، فلا توجد لدينا حتي الآن هيئة مسئولة عن بناء صورة مصر في العالم، ووضع استراتيجية يمكن من خلالها صناعة صورة يتم ترويجها في العالم تحقق مكاسب حقيقية للدولة والشعب المصري، ومخاطبة الإعلام العالمي بلغة يفهمها ويتعامل معها، وبالتالي عندما تغيب تلك الأدوات يصبح أي وجود مضاد مؤثرا.
أداء ضعيف
ولكن هناك الهيئة العامة للاستعلامات، وهي المسئولة عن التعامل مع الإعلام الخارجي وإدارة صورة مصر في العالم.
للأسف أداء هيئة الاستعلامات، رغم كل الجهود، ضعيف للغاية فهي تعمل بأدوات قديمة للغاية لا تتناسب والتطور الكبير الذي شهده الإعلام العالمي، والحقيقة أن دور وأداء المكاتب الإعلامية في الخارج يحتاج إلي مراجعة دقيقة وتطوير كبير، فهذه الأدوات الدبلوماسية والإعلامية تعاني من كثير من القيود البيروقراطية التي تثقل تحركها، والسبب في تراجع الأداء في المقام الأول يعود- كما أؤكد وسأظل دائما- إلي غياب استراتيجية للإعلام المصري سواء في الداخل أو في الخارج، ونحن بحاجة ماسة إلي هيئة حكومية تتمتع باستقلالية كاملة، وتمتلك من الأدوات والكوادر المؤهلة وفق أحدث معايير العصر تكون مسئولة عن وضع استراتيجية حقيقية وفعالة لبناء صورة مصر في العالم، كما ينبغي لتلك الهيئة أن تمتلك كل أدوات العصر لترويج تلك الصورة ومخاطبة الإعلام العالمي والتحرك المرن والفعال بل والمبادرة لتوضيح الحقائق عن مصر والرد علي المغالطات، ومن أهم الأدوار التي ينبغي أن تقوم بها تلك الهيئة اقتحام امبراطورية »‬السوشيال ميديا» في العالم والتي باتت لغة عالمية مؤثرة وتستخدم في صناعة الصور والاتجاهات في العالم، وبالتالي لابد أن يكون لهذه الهيئة التي نحتاج إليها دور كبير في وضع مصر في هذا العالم الضخم المسمي بمواقع التواصل الاجتماعي، من خلال امتلاك كوادر شابة ومؤهلة علي التفاعل مع تلك الأدوات العصرية.
وبخلاف انشاء هذه الهيئة التي تقترحها.. كيف يمكن تحسين صورة مصر في العالم؟
علينا ألا ننتظر حتي تحدث الأزمة أو المشكلة ثم نتحرك، فالمبادرة تجعلنا نقدم الحقائق بشكل مؤثر، وإذا كان التحرك علي المستوي الخارجي من خلال الهيئة التي اقترح تأسيسها، فإن الداخل مؤثر للغاية علي صورة مصر في العالم، وعلينا أن نهتم بالكثير من القضايا الداخلية التي تستخدم في تشويه الصورة في العالم، فعلي سبيل المثال يمثل ملف حقوق الإنسان في مصر واحدا من الملفات المهمة التي تستخدم للإساءة إلي صورتنا في الخارج، ويمكن من خلال علاج بعض الثغرات في هذا الملف الرد علي الكثير من الانتقادات التي توجه إلي مصر، فهناك الكثير من الحالات التي تناولتها تقارير وطنية لحقوق الانسان، منها تقارير المجلس القومي لحقوق الانسان، لو تم التعامل الواقعي والايجابي مع تلك الملاحظات، ساعتها ستكون هناك اجراءات علي الأرض يمكن مخاطبة العالم بها، ويمكن أيضا في هذا الصدد التركيز علي توضيح حقيقة ان مصر ليس بها معتقلون، وإنما متهمون علي ذمة التحقيق، مع الالتزام بالشفافية في إعلان الاجراءات التي تتخذ بحق هؤلاء الموقوفين، بل يمكن فتح السجون امام زيارات لوفود حقوقية أو إعلامية عالمية، لنؤكد الحرص علي توضيح الحقائق للعالم، فليس لدينا ما نخفيه.. وهناك أيضا ملف آخر علي قدر كبير من الأهمية للعالم وهو ملف اجراءات تأمين السائحين في مصر، وقد تصاعد الحديث بشدة عنه في اعقاب حادث الطائرة الروسية العام الماضي، ورغم أن الدولة اتخذت الكثير من الاجراءات الايجابية البناءة في مجال مراجعة اجراءات تأمين المطارات، والتزمت بالمعايير الدولية ورفعت كفاءة الأجهزة العاملة في مختلف المطارات، إلا أن ذلك لم يتم ترويجه في العالم بالصورة التي تغير الصورة التي اساءت إلي السياحة في مصر، وكبدت الاقتصاد خسائر كبيرة.
مخاطبة العالم
هنا لابد أن نسأل سؤالا ذا شجون... هل تري أن إعلامنا قادر بالفعل علي مخاطبة العالم والتصدي لتلك المغالطات التي تروج عن مصر في العالم؟
الحقيقة التي لا مهرب منها، هي ان إعلامنا للاسف الشديد غير مؤهل لمخاطبة العالم، حتي بعض المحاولات التي بادر بها البعض بعمل ترجمة للمحتوي المقدم في بعض القنوات المحلية، او ترجمة مواد بعض المواقع الإخبارية، هي محاولات عشوائية لا وزن لها، بل حتي مطالبة البعض بإطلاق قناة تخاطب المواطنين الغربيين لن تكون محاولة مجدية، لأن المشكلة ليست في اللغة، وإنما في القدرة علي التأثير ومخاطبة العقل الغربي باللغة والاسلوب الذي يفهمه، وعبر قنوات مؤثرة، فحتي تجربة قنوات الجزيرة الدولية كانت فاشلة رغم كل ما تم انفاقه عليها من اموال طائلة، والحل كما أراه هو أن نقوم بشراء مساحات في وسائل الإعلام والقنوات العالمية يمكن من خلالها مخاطبة الرأي العام العالمي وتوضيح الحقائق عن مصر، ولابد أن تكون تلك الحقائق التي نقدمها موجودة علي الأرض بالفعل.. وبناء صورة مصر في العالم هي مسئولية الدولة في المقام الأول، ويمكن ان يعاونها المجتمع المدني، لكن الدولة هي حجر الأساس في بناء هذه الصورة، ولابد أن يدرك مسئولو الدولة أهمية التعامل مع الإعلام العالمي، ويقدموا تيسيرات كبيرة لوسائل الإعلام العالمية للعمل في مصر، ولقاء المراسلين الأجانب ليقدموا لهم المعلومة والتحليل الدقيق الذي يتصدي لمحاولات الخلط والتشويه.
وما هي الخسائر التي تتسبب فيها الصورة الخاطئة عن مصر في العالم؟
الخسائر كبيرة وهي معنوية ومادية في الوقت ذاته، وفي اعتقادي أن الخسائر المعنوية أكبر واخطر، فصورة مصر كانت دوما مقترنة بأنها دولة مركزية في صناعة التاريخ ومهد الحضارة والإنسانية وهذه الصورة هي السبب في أن ملايين السائحين يريدون المجيء إلي مصر للتعرف علي تلك الحضارة، ونحن لا نريد أي تضرر لهذه الصورة، وتشويه هذه الصورة يتحول إلي خسائر مادية، فقد عانينا من تراجع معدلات السياحة، وهي صناعة ضخمة تدر علي الاقتصاد عائدات كبيرة، كما تتضرر قدرة الدولة علي جذب الاستثمارات، وبالتالي ينكمش النشاط الاقتصادي، فلنا أن نتصور وقع تقارير عالمية مهما كانت تحفظاتنا عليها- مثل تقارير عن موقع مصر علي سلم الشفافية او جودة التعليم، أو حتي تقرير كالذي نشرته مؤخرا مجلة »‬ايكونوميست» علي مستثمر يفكر في المجيء للعمل بمصر، وهنا تأتي ضرورة الرد الفعال علي مثل هذه التقارير، سواء من خلال الدولة واستخدام حقها في الرد أو بشراء مساحات في الميديا العالمية، أو من خلال المجتمع المدني والنخب المصرية القادرة علي الوصول إلي وسائل الإعلام العالمية والتحاور معها ونشر المقالات أو التحليلات التي تفند تلك التصورات او المعلومات التي يرون أنها غير دقيقة عن مصر.
الهجوم علي مصر
وإلي أي مدي تري أن وسائل الإعلام العالمية جزء من الصراع السياسي بشكل عام وإمكانية استخدامها في الهجوم علي مصر؟
بالتأكيد الإعلام هو إحدي أدوات السياسة والصراع السياسي، سواء الداخلي بين السلطة والمعارضة أو علي المستوي الدولي، وهذه حقيقة لا ينبغي أن نهرب منها، ولا بد ان ندرك أنه لا يوجد إعلام محايد 100%، ولكن هناك درجات من المهنية والموضوعية، فمن حقنا أن ننتقد تقرير المجلة »‬ايكونوميست» أو غيرها من وسائل الإعلام العالمية، لكننا لا ينبغي أن نسقط في فخ خطاب التشكيك المستمر في هذه الوسائل، فهي لديها معاييرها المهنية التي تلتزم بها وتمنحها المصداقية لدي كثير من القطاعات في العالم، ولا بد بالتالي أن نشتبك مع مثل هذه التقارير ونرد بحقائق موضوعية ولها وجود علي الأرض، فمثلا تقرير »‬ايكونوميست» أثار جدلا واسعا، وبدلا من أن نرد عليه في نفس الوسيلة أخذنا نخاطب أنفسنا في الداخل، ولو كان لدينا هيئة أو جهة مسئولة عن صورة مصر في العالم لبادرت بسرعة منطلقة من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لتدشين حملة عالمية عنوانها مثلا »‬الاقتصاد المصري علي طريق التعافي» هنا يمكن أن يكون ذلك ردا حقيقيا وعمليا علي تلك التقارير، لكن للأسف ما حدث هو أننا اكتفينا بالخطاب الداخلي، بينما بقيت الصورة في الخارج علي حالها.
معركة الوعي
ولماذا في تقديرك لا تمتلك مصر قنوات إعلامية مؤثرة إقليميا كما يحدث مع دول أقل مكانة وتأثيرا من مصر.. هل المشكلة في القدرة المادية؟
بالطبع الاقتصاد واحد من أهم العوامل لأن مثل هذه الوسائل تحتاج إلي تمويل ضخم لتوفير القدرات الفنية والكوادر المميزة، والحقيقة أن مصر تمتلك كوادر علي مستوي رفيع، وكثير منها يقف وراء تميز الكثير من الوسائل الإعلامية العربية علي المستوي الإقليمي، فالإعلام صناعة مكلفة للغاية، وقديما كانت لدينا وسائل إعلامية مؤثر إقليميا مثل صوت العرب، أما الآن فليس لدينا إعلام إقليمي قوي، ربما تكون هناك محاولات، لكن الحضور الإعلامي خارج الحدود مكلف في ظل المنافسة الكبيرة من جانب مجموعات عربية خليجية صارت لديها امكانيات مادية وفنية وتأثير كبير حتي علي المجتمع المصري، وعلينا بالدرجة الأولي التركيز علي الإعلام الخارجي لغير العرب أي لأفريقيا وأوروبا وآسيا لأن تلك الدوائر نحتاجها لتحسين صورتنا فيها وبالتالي تحسين التعاون معها في كافة المجالات.
وهل تعتقد أننا صرنا اليوم أمام معركة الوعي أو ما يوصف بأنه حروب الجيل الرابع وما دور الإعلام فيها؟
بالفعل صار الرهان الكبير الآن علي كسب العقول والقلوب، أو ما نسميه معركة الوعي، وأيضا هناك الكثير من الكتابات عن حروب الجيل الرابع التي يلعب الإعلام دورا كبيرا فيها، ولابد أن نركز علي وجود إعلام داخلي قوي ملتزم بمسئولياته المهنية والوطنية، وإعلام خارجي يعكس الجهود الحقيقية التي تتم للنهضة بالوطن، ولا مانع من ان يعترف هذا الإعلام بوجود سلبيات ونعد العالم باتخاذ خطوات جادة وحقيقية لإصلاح تلك السلبيات.. ومن المهم في هذا السياق ان تهتم الدولة المصرية بتطوير منظومة الإعلام الداخلي المملوك للدولة ممثلا في ماسبيرو والصحف القومية، فحتي الآن من الواضح أن الاهتمام ينصب علي الإعلام المرئي الخاص المملوك لرجال الأعمال، وهذا الإعلام يعبر عن مصالح مالكيه، الذين لن يترددوا في تغيير منهجهم وتعاملهم مع الدولة اذا تغيرت المصالح، والأفضل للدولة كلها ان تهتم بتطوير ماسبيرو الذي يمتلك امكانيات بشرية هائلة، والعمل علي توفير الامكانيات المادية، وتحويل ماسبيرو من إعلام تابع للدولة إلي إعلام الخدمة العامة علي غرار هيئة الإذاعة البريطانية (BB»‬)، رغم أن ذلك ليس بالأمر الهين، بل هو عملية صعبة ومكلفة، لكن لا مفر منها، وعلينا ان نسارع إلي البدء فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.