الدائرة الأولي 1 هنا قمة الحزن غرابان يتشاجران علي بقايا طعام حفل رأس السنة. من نافذة زنزانتي، أري عالمًا شديد البرودة والقسوة. 2 هذا، إذًا، هو الخُراج الذي يؤلم جسد الأمة: سجون، وتعذيب، ودماء، وجوع. سوف ينفجر ذات يوم؛ يجب أن ينفجر. 3 حين علمت أنهم أخذوك أخذت أتخيل، مع من أفلتوا: في أي كابوس سيبرق نجمك؟ ليلتها، سمعت أصواتً حزينة تسأل: ابن من سحبوه إلي متاهة أقبية الظلم؟ لحظتها بزغت صورتك أمام عيني؛ فارع الطول، أحمر العينين. كانت تلك أول مرة أنتحب فيها. 4 في الليالي الطويلة، أكثر ما يُرعبني هو الأصوات التي تأتي من خلف القضبان وأول ضوء للفجر قبل أن توقظني خطوات السجان، والرغبة في النهوض والتمطع والتثاؤب، والأمل المراوغ في العودة إلي المنزل مرة أخري قبل أن أكتشف أنني لا أستطيع. كانت السيارة تسير في شوارع المدينة وأنا بينهم بنادقهم تنخسني في ضلوعي، لم أدرك من قبل أن الحزن يطل من وجوه الناس إلي هذا الحد. كانوا حزاني، في ليلة رأس السنة، حزاني جدًا فعلاً للغاية. أناشيد الأحزان 1 لماذا تعامل معي جدي الأكبر "دزوجبيزي ليزا" علي هذا النحو؛ لقد وضعني في قلب غابة الأشواك. العودة مُستحيلة والتقدم إلي الأمام صعب للغاية. أصبحت الحياة مثل غائط لزج جُستُ فيه بقدمي ولا أستطيع الإفلات منه. أقبع في رُكن قصي من العالم بعيدًا عن صفوف الصفوة. المحظوظون يجلسون في مركز العالم وينسون أنني علي أطرافه لا أملك سوي المُضي قدمًا وتجاهل أحزاني. يا أهلي، أنا في مكان إن تحركت يمينًا ضربتني الأمطار وإن تحركت يسارًا، أحرقتني الشمس. بهجة الحياة قاصرة علي قلة من المُجازفين لذلك لا يحصل عليها الجميع. ليس في العالم خير ولكن عليك أن تتقبل قدرك. للأسف، عاد المُسافرون مُثقلون بالديون. 2 لقد أصابني مُصاب عظيم أشعر بحزن يفوق قدرتي علي البكاء؛ ليس لدي أبناء يطلقون الرصاص في الهواء حين أموت، وليس لدي بنات ينتحبن من أجلي. أهيم علي وجهي في البرية؛ البرية مترامية الأطراف التي يسمونها الحياة. قطرات المطر تنهشني والجذور والجذوع الحادة تقطع لحمي كالسكاكين، سأواصل السير علي أمل الحصول علي الراحة في العالم الآخر. لم يعد لي أصهار أو أشقاء منذ أعلن الموت الحرب علي بيتي. تحول منزل "كبيتي" العظيم إلي خراب لم يتبقي منه سوي سياج مُتهدم بينما أصبح من كانوا يخشون النظر إلي وجهه رجالاً. لقد رحل الآباء ورحل معهم الكبرياء. فليعلم من رحلوا كم أساءوا برحيلهم إلي نسلهم. لماذا النحيب؟ لقد مات أحدهم. "أجوسو" نفسه. واحسرتاه! كأن ثعبانًا لدغني، كأن ذراعي الأيمن كُسر وانهارت الشجرة التي أتكئ عليها. "أجوسو"؛ أخبرهم.. أخبر "نايديفو"، و"كبيتي"، و"كوفي" أن الخراب حل علينا بغيابهم أخبرهم أن بيتهم تداعي وأن النمل الأبيض أسقط أشجار السياج. سلهم لماذا يجلسون هناك في دعة ويتركونا للمُعاناة وأكل الرمال. الغربان والنسور تحوم فوق سياجنا المُتداعي والغرباء يقتحمون أرضنا.