رشدي اباظة.. جزء كبير من عمري.. فقد توطدت بيننا الصداقة قبل أن أخطو إلي عالم السينما.. وكان له الفضل في دخولي إلي عالم السينما وعندما عرض عليه المخرج حسام الدين مصطفي فيلم »المساجين الثلاثة »واكتشف أن المؤلف هو صديقه.. وكان ترحيبه بالموافقة علي بطولة الفيلم.. شهادة ميلادي كمؤلف سينمائي.. كان رشدي أباظه يحمل قلب طفل وشهامة الإنسان وعبقرية الفنان ورغم أنه ينحدر إلي الأسرة الأباظية ذات الأصول الشركسية. إلا انه كان يفضل أن يتناول طعامه مع عمال الاستديو.. كان قلبه يتسع لحب كل الناس الذين أحبوه.. لقد كان فيلم »امرأة في الطريق » أمام هدي سلطان نقطة تحول كبيرة في حياة هذا الفنان الذي انطلق بسرعة الصاروخ ليحقق نجاحات في كل البطولات التي قام بها متنوعا في أداء هذه الشخصيات.. كان الصدق في الأداء هو سر ارتباط الجمهور به وأطلقوا عليه »دون جوان » السينما المصرية كان يجيد خمس لغات وكان مرشحا للسينما العالمية ولكنه رفض أن يجري اختبارا أمام المخرج الامريكي ديفيد لين الذي كان يبحث عن بطل لفيلمه »لورنس العرب » وطار الفيلم من رشدي اباظة ليستقر عند عمر الشريف الذي تلقي هذه الفرصة وانطلق إلي العالمية - لقد امتدت الصداقة بيننا لسنوات.. وعايشته في أصعب أزماته عندما داهمه المرض ولم يعد يستطيع ان يستكمل تصوير باقي مشاهده في آخر أفلامه »الأقوياء».. واضطر المخرج للاستعانة بصلاح نظمي في لقطات بعيدة لاتقترب من وجه وصوت أحمد زكي الذي برع في تقليد أصوات الفنانين وعلي الأرض وأمام حجرته في المستشفي والتي نقل إليها جلست أنا والفنانة نادية لطفي حيث يرقد الإنسان والفنان رشدي اباظه لنمنع المصورين من التقاط صور له وهو جثة ضئيلة ينتظر الموت.. لقد رحل رشدي اباظة.. ولكن أعماله الفنية خالدة. وللحديث بقيه..