كتبت كثيرا في السنوات الثلاث الأخيرة منوها ومنبها إلي أن عروض مسرح الدولة التي تنتج بملايين الجنيهات قليلها به رائحة المسرح وأغلبها " طحن بلا طحين "، مجرد ضجيج وزفة كدابة، وكم علي حساب الكيف، فرق الثقافة الجماهيرية علي نفس المنوال تنتج عروضها لليلة أو ليلتين من أجل لجان التحكيم في مهرجانات الأقاليم ودمتم ! القراءة المتأنية لجوائز لجنة تحكيم الدورة التاسعة للمهرجان القومي للمسرح برئاسة القديرة سميحة أيوب تثبت كل كلمة كتبناها، وتدق ناقوس التحذير منبهة للمستوي المتدني الذي جعل عروض فرق الدولة والثقافة الجماهيرية "التي تشكل المسرح الرسمي" تتلقي صفعات قاسية جدا من هواة فرق الجامعات التي لا تملك إمكانيات مسرح الدولة الرسمي، وصفعات أصعب من هواة الفرق المستقلة، الأمر الذي يستوجب وقفة جادة لدراسة نتائج جوائز المهرجان من المخرج خالد جلال رئيس قطاع الإنتاح الثقافي، والمخرج إسماعيل مختار الرئيس الجديد للبيت الفني للمسرح، ود. صبحي السيد الرئيس الجديد لإدارة المسرح بالثقافة الجماهيرية، وإلا سوف نعلن قريبا وفاة مسرح الدولة ما لم تتغير المنظومة وتعاد هيكلة الكثير من الأمور في المسرح الرسمي للدولة! كيف نطلق علي المهرجان مسمي »القومي للمسرح المصري» ونصوص العروض المشاركة في المهرجان 55 % منها نصوص أجنبية ؟، بهذا المعدل الرقمي يفقد المهرجان قوميته ومصريته الخالصة أيضا، وأقترح أن تعدل اللائحة بحيث تكون المشاركة في المسابقة الرسمية بعروض لمؤلفين مصريين أو معدة عن مصنفات إبداعية أخري لمبدعين مصريين، وكذب من يقول إن لدينا ندرة في المؤلف المصري، راجعوا مسابقات التأليف المسرحي وستجدون عشرات النصوص الفائزة لمؤلفين كبار وشباب تركن علي الرف ولا يقترب منها أحد بعد فوزها، هل يعقل أن تكون أغلب عروض الثقافة الجماهيرية المشاركة في المهرجان قائمة هي الأخري علي نصوص أجنبية وليست نصوصا محلية مرتبطة بمشاكل وقضايا بيئة كل فرقة من هذه الفرق؟.. مأساة حقيقية جعلت الفنان أشرف عبد الغفور يتعجب وهو يقرأ توصيات لجنة التحكيم مركزا علي الاهتمام بالنص المحلي بدلا من اعتماد العروض علي نصوص أجنبية، وضرورة اهتمام فرق الثقافة الجماهيرية بالنصوص المحلية النابعة من بيئة كل محافظة ! نعلم جميعا أن أغلب كبار نجومنا بدأوا حياتهم المسرحية من فرق الجامعات، ومنها انطلقوا للاحتراف، لكن لم يكن من المتصور أن تقتنص فرق الجامعات في هذه الدورة الجوائز الكبري، وهي فرق فقيرة ماديا، طلابها من الهواة في كافة مفردات العرض المسرحي، بينما لم تنل فرق الدولة التي ترصد لها وزارة الثقافة ملايين الجنيهات لإنتاج عروضها سوي فتات الجوائز وصناع عروضها نجوم محترفون وخريجو معاهد وكليات المسرح ! ها هم هواة منتخب جامعة طنطا يقتنصون جائزة أفضل عرض في المهرجان عن مسرحية " القروش الثلاثة "، ويحصل مخرجها السعيد منسي علي جائزة أفضل مخرج في المهرجان! كلية حقوق جامعة عين شمس اقتنصت هي الأخري جائزة أفضل مخرج صاعد لمحمد فؤاد عن عرض " قواعد العشق الأربعون "، وفازت كلية الهندسة بجامعة عين شمس أيضا بجائزة أفضل إضاءة لباس ممدوح عن عرض " القاع "، كما فازت كلية الهندسة بجامعة القاهرة بجائزة أفضل أزياء لأميرة صابر عن عرض " الحضيض "، كلية الهندسة بجامعة بورسعيد اقتنصت هي الأخري جائزة صلاح عبد الكريم لأفضل ديكور صممه أحمد حسني لعرض " أنشودة غول لوزيتانيا "، ونفس العرض حصل علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة مناصفة مع عرض" الإنسان الطيب " لفرقة الطليعة التابعة لوزارة الثقافة، جائزة أفضل ممثلة دور أول لم تنلها ممثلة محترفة من ممثلات مسرح الدولة إنما فازت بها الطالبة هاجر عفيفي عن عرض " الخروج عن النص " لفرقة معهد الفنون المسرحية، وقد حصل نفس العرض علي جائزة التأليف المسرحي لأحمد نبيل مناصفة مع سامح عثمان عن عرض " نساء شكسبير " حتي جائزة مخلص البحيري أفضل ممثل ثان فاز بها أحمد سعد عن عرض " دراما الشحاتين " لفرقة فيكتور المسرحية المستقلة، وجائزة أفضل ممثل دور ثان ذهبت مناصفة بين أحمد ماجد عن عرض " الخروج عن النص " لمعهد الفنون المسرحية، ومحمد وائل عن عرض " القروش الثلاثة " لمنتخب جامعة طنطا، وفاز عرض »يا سم» لفرقة هواة مستقلة بجائزة أفضل استعراضات لشيرين حجازي بالمناصفة مع الفنان المحترف مناضل عنتر عن عرض " البصاصين " من إنتاج الأوبرا، هذا إلي جانب شهادات التقدير الخاصة من لجنة التحكيم التي في مفردات العرض المسرحي التي ذهبت أغلبها أيضا لصناع عروض فرق الجامعات والفرق المستقلة وقليل منها ذهب لصناع عروض مسرح الدولة والثقافة الجماهيرية، وهي شهادات وليست جوائز !! ماذا بقي من فتات جوائز المهرجان الذي تركته الجامعات لفرق الدولة والثقافة الجماهيرية ؟ الهيئة العامة لقصور الثقافة - بطولها وعرضها في جميع محافظات مصر - فازت بجائزة نجيب سرور للأشعار نالها أحمد عطا عن عرض " بير السقايا " لفرقة مطروح القومية، وجائزة أفضل ممثلة دور ثان لفاطمة حسن عن عرض "القيد "لمركز شباب المعنا !! عرض " الزومبي والخطايا العشر " لفرقة مركز الهناجر للفنون حصل علي جائزة أفضل دعاية لعمرو مصطفي، وجائزة أفضل عرض مركز ثان، وجائزة أفضل دراما تورج لمخرجها طارق الدويري ونشوي محرم، وجائزة أفضل موسيقي تصويرية، بينما فاز د. سامح مهران بجائزة أفضل نص عن مسرحية " إن بوكس" لفرقة الغد للعروض التراثية التابعة لوزارة الثقافة، ولنفس الفرقة فازت إيمان غنيم بجائزة أفضل ممثلة صاعدة عن عرض " جميلة "، بينما فاز أحمد سعد بجائزة أفضل ممثل دور أول عن عرض " الفنار " لفرقة مسرح الشباب التابع للدولة ! بقي أن نقول في ختام القراءة لجوائز المهرجان اتفاقنا التام مع كل ما جاء بتوصيات لجنة التحكيم من حيث المذبحة السنوية للغة العربية في العروض المكتوبة بالفصحي، وغياب عروض مسرح الطفل والعرائس والمسرح الغنائي الاستعراضي والمسرح الكوميدي والمسرح الحديث والمسرح القومي عن مسابقة المهرجان أو علي هامش المسابقة، كيف تغيب هذه الفرق الكبري في مسرح الدولة عن مهرجان يدعي البعض أنه قومي، بينما هو مهرجان اللاعب الرئيسي فيه هم الشباب وليس الكبار !! سهران