علي الرغم من حالة الركود الاقتصادي داخل البلاد، إلا أن تقريراً صدر مؤخراً عن »دائرة الأراضي والأملاك» في دبي، أثار ردود فعل واسعة في مصر، حيث كشف التقرير عن احتلال المصريين المرتبة الثانية بين المواطنين العرب الأكثر شراءً للعقارات في دولة الإمارات العربية وخاصة في مدينة دبي، ووصل حجم قيمة شراء هذه العقارات إلي 4. 1 مليار درهم (نحو 3.6 مليار جنيه)، لتتباين آراء الخبراء والمتخصصين في التسويق العقاري بشأن ما أورده التقرير. وكشف التقرير أن حجم مشتريات المصريين للعقارات في دبي خلال الشهور الستة الأولي من العام الحالي وصلت إلي أكثر من1،37 مليار درهم (نحو 3.6 مليار جنيه)، وقد بلغ عدد من اشتروا هذه العقارات من المصريين نحو » 710» مستثمرين بما يعادل بنحو4،8 مليون جنيه للمستثمر الواحد، وبذلك احتل المستثمرون المصريون المرتبة الثانية بين العرب غير الخليجيين بعد الأردنيين، الذين سجلوا مشتريات عقارية بقيمة 1،5 مليار درهم من أصل 57 مليار درهم ضختها 149 جنسية في عقارات دبي. استثمارات المصريين في دبي تفتح الباب للتساؤل بشأن حجم استثماراتهم في الخارج عموماً، وبحسب إحصائيات دولية قُدر حجم استثمارات المصريين بنحو 400 مليار دولار، بينما قدرها البنك المركزي المصري بنحو »132» مليار دولار منها استثمارات في المجال العقاري. بعض الخبراء والمتخصصين في التسويق العقاري أكدوا أن أغلب المصريين الذين يقبلون علي شراء عقارات في دبي رجال أعمال يمتلكون شركات ومشروعات وهم أصحاب ثروات، إضافة إلي وجود فئات أخري ترغب في الحصول علي الإقامة في الإمارات والذي يشترط امتلاك عقارات في دبي، مؤكدين أن دبي تعد واجهة للمستثمرين العرب عموماً، والمصريين علي وجه الخصوص، بسبب الرفاهية التي توفرها للمستثمرين، وأن نمو الأسعار باستمرار وراء جذب المصريين لشراء العقارات في دبي بجانب ما تقوم به الحكومة في الإمارات من توفير الأمن والطمأنينة للمستثمرين وتفضيل المصريين الاحتفاظ بأموالهم في أصول ثابتة، إضافة إلي الحوافز التي تقدمها للمستثمرين ومنها الحصول علي الإقامة وتوفير الخدمات ووسائل الترفيه ووجود تجمع كبير من مراكز التسوق العالمية إلي جانب شراء الوحدات بهدف تأجيرها والاستفادة من عوائدها المرتفعة مع ارتفاع قيمة الإيجارات في دبي. يقول عبدالمجيد جادو رئيس مجلس إدارة إحدي شركات الاستشارات الهندسية إن مشتريات المصريين للعقارات بدبي تثير العديد من علامات الاستفهام خاصة أنها تأتي في ظل وجود تنوع عقاري في السوق المصرية وانتشار الإسكان الفاخر والمنتجعات لكن في نفس الوقت فإن المستثمر يهدف للحصول علي ميزات في البلد الذي يقوم بالاستثمار فيه، لافتا إلي أن الذين يستثمرون أموالهم في دبي يسعون للحصول علي ميزات جراء استثماراتهم غير متوافرة في بلدهم، لذلك يجب علي الحكومة المصرية أن تعيد النظر فيما يخص السوق العقارية لمعرفة أسباب لجوء رجال الأعمال لاستثمار أموالهم في الخارج. يتابع: يجب علي الحكومة والمعنيين بالسوق العقاري إجراء دراسة للسوق العقاري المصري تشمل كل الجوانب بدءا من أسعار الوحدة وحتي التشطيبات والتصميمات الداخلية والشكل الخارجي ومعرفة مدي تطابقها مع الاتجاهات العالمية الحديثة في المعمار، مشيرا إلي أن العقار مخزن للقيمة، ومن هنا فعندما يقوم المستثمر بدفع مبلغ في عقار يتأكد أولا باسترداده في أي وقت بعد حصوله علي المكسب مما يعني أن المستثمرين المصريين يقبلون علي السوق الإماراتية لأنها أكثر حفاظا علي قيمة أموالهم، ولهذا يجب إعادة الثقة في المنتج المصري وتسويقه بشكل جيد في مختلف مراحله الإنتاجية. ويوضح جادو أن الضرائب ربما تكون سبباً في إقبال المصريين علي الاستثمار في دبي التي يعرف عنها أنها من أفضل البلدان فيما يخص الضرائب والتي تصل إلي نسبه 3.6% من سعر العقار علي مدة لا تتجاوز خمس سنوات والتي تعتبرها شركات استشارية مهتمة بسوق العقارات من أدني الضرائب العقارية خاصة في ظل مقارنتها بعوائد الملكية التي من الممكن أن تصل إلي 8% سنوياً، مشيرا إلي أنه في مصر يتم فرض ضريبة تقدر بنحو 10% فقط من صافي القيمة الإيجارية السنوية للعقار مع منع إعفاء نسبة 30% من قيمة الوعاء الضريبي مقابل أعباء في الصيانة وذلك للمحافظة علي الثروة العقارية في مصر بجانب ذلك إعفاء السكن الخاص للأسرة من الضريبة للوحدات التي تصل قيمتها نحو مليون جنيه وما زاد عن هذا المبلغ يدفع عنه ضريبة. ويري المهندس ممدوح بدرالدين رئيس شعبة الاستثمار العقاري، أن مشتريات المصريين للعقارات خارج مصر يمثل ضغطا علي سوق العقارات بداخل مصر، لافتا أن السوق العقارية بمصر يعاني من توقف حركة البيع منذ بداية العام الجاري ومن المتوقع أن يستمر توقف البيع خلال الفترة المتبقية من هذا العام. أما الدكتور عاطف طلب أستاذ الاستثمار والتمويل، فيؤكد أن أموال المصريين في الخارج تتجاوز 400 مليار دولار وان أمريكا من الدول التي تحرص علي عدم خروج هذه الأموال من بنوكها ولا حتي تقليص الاستثمارات المصرية أو العربية فهي تقدم مميزات وتسهيلات للاستثمارات بشكل عام خاصة الاستثمارات العربيه كما تشجع المستثمرون للحصول علي الجنسية الأمريكية وأنها تهدد المستثمرين العرب و المصريين لغلق حسابهم في البنوك الأمريكية في حالة سحب أموالهم من بنوكها أو تقليص استثماراتهم داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية ، لافتا أن الحكومة المصرية تسعي للحصول علي قرض من صندوق النقد الدولي وفي نفس الوقت توجد أموال مصرية في الخارج تقدر بمليارات الدولارات، مطالبا الحكومة بالجلوس مع المستثمرين المصريين الذين يستثمرون أموالهم في الخارج لدعم اقتصادات دول أمريكا وأوربا لدعم الاقتصاد المصري لأنه ليس من الوطنية أن مصر في حاجة إلي دعم اقتصادي ومواطنيها يدعمون الاقتصاد الأمريكي والأوربي بمليارات الدولارات. فيما يقول الدكتور هاني الحفناوي أستاذ الإدارة الاستراتيجية نائب رئيس مجلس علماء مصر إن قضية أموال المصريين التي تستثمر في الخارج ليست وليدة اليوم بل إنها تمتد لسنوات طويلة وربما لعقود، لافتا إلي أن هروب المصريين لاستثمار أموالهم في الخارج يعود إلي الفساد الذي يعج بمختلف المؤسسات والمصالح وأيضا الروتين والبيروقراطية وهو ما أدي إلي هروب رجال الأعمال المصريين بأموالهم واستثماراتهم إلي أمريكا وأوروبا علي اعتبار أن البيئة في هذه الدول أفضل وتتمتع بالأمان وتسهيلات الإجراءات التي تفتقدها بيئة الاستثمار في مصر، مطالبا بعودة الأموال المصرية وهذا يتم من خلال تغيير بيئة العمل الداخلية و قوانينها وتطبيق مبدأ الشفافية والقضاء علي الفساد والبيروقراطية. ويوضح الحفناوي أن أمريكا وأوروبا لا تمانع رجال الأعمال المصريين من سحب استثماراتهم وأموالهم في حاله إذا ما تغيرت ببئة الاستثمار في مصر بالشكل الذي يسمح بالاستثمار، مضيفا أن أكبر الاستثمارات تذهب إلي الصين والهند ، فالمستثمر دائما يبحث عن مناخ استثمار آمن وأن يكون هناك تيسيرات في التعامل والقضاء علي الفساد وتحسين البيئة ووجود عمالة متخصصة ومدربة. يضيف: يجب وضع منظومة تمنع الفساد مشيرا إلي أن حكومات دول العالم والشركات تتبع منظومة بطاقات الأداء المتوازنة منذ سنوات وهناك دول قامت بتطبيق منظومة بطاقات الأداء كأثيوبيا التي حققت نجاحا كبيرا مما أدي إلي تطبيقها في كافة الوزارات الأمر الذي أدي إلي ارتفاع معدل النمو أما في مصرفلم يتم تطبيق منظومة الأداء المتوازنة حتي الآن. بينما يري الدكتور حمدي الجمل الخبير الاقتصادي أن أموال المصريين في الخارج تساهم بشكل كبير في دعم اقتصادات الدول الغربية فإذا نظرنا علي سبيل المثال إلي أمريكا فنلاحظ أن هذه الأموال تساهم في استثمارات أمريكا وتدعم اقتصادها خاصة أنه توجد تقديرات تقدر أموال المصريين في الخارج ما بين »400 »مليار إلي »600 » مليار دولار وهذا المبلغ كبير جدا ومن الممكن أن يساهم في تقدم مصر وازدهارها ويجعلها في صفوف الدول المتقدمة إذا ما تم استغلال هذه الاموال بالشكل العلمي في الاستثمار. يتابع: رأس المال جبان ويجب أن تتوفر له البيئة المناسبة الآمنة والصالحة كي يضع الأموال في أمان تام، لافتا يجب علي الدولة تذليل كافة العقبات امام الاستثمار سواء لرجال الأعمال المصريين أو العرب أو المستثمرين الأجانب وتدعو رجال الأعمال في العالم للمجيء إلي مصر والاستثمار فيها. ويوضح الجمل: يوجد رجال أعمال ومستثمرون يعشقون مصر وهم علي استعداد تام للاستثمار فيها في حالة توافرت المساعدات وإزالة العقبات وتسهيل الإجراءات التي توفر مناخا جيدا للاستثمار في مصر، مشيرا إلي أن الأموال المصرية والعربية يتم استثمارها في شراء العقارات والذهب كودائع مختلفة في المصارف التجارية العالمية وفي سندات حكومية، ناهيك عن الاستثمارات في المؤسسات الدولية.