»سأجعلكم تخرجون جميعاً لاستقبالي في المطار» هذه الجملة التي قالها محمد إيهاب لاعب المنتخب الوطني لرفع الاثقال في أحد البرامج الرياضية وهو يتحدث بحرقة بعد أن حصل علي ميداليتين في بطولة العالم وعاد إلي مصر متصوراً أن الجماهير ستخرج للقائه فإذا به لا يجد إلا شقيقه في انتظاره بالمطار. شعر إيهاب بالمرارة.. وقال في نفسه لهذه الدرجة لم يدر أحد بما فعلت لابد أن أحقق إنجازاً في الأولمبياد يجعل الشعب المصري كله يردد اسمي ويجعلني في ذاكرة كل الناس ويسعون إلي الاحتفال بي. أكثر من عام ونصف ومحمد إيهاب يضع نصب عينيه هذا الهدف أن يجعل من نفسه ومن رياضيي رفع الأثقال محل تقدير كبير من المصريين. ظل ابن الفيوم يتدرب ويدخل المعسكرات ويخوض البطولات حتي كان مساء الأربعاء 10 أغسطس في تلك الأمسية بصالة امنفنتينو بمدينة ريو دي جانيرو أعاد التاريخ الرياضي فتح صفحاته للاثقال المصري بميدالية لسارة سمير.. ومن بعدها كانت مسابقة إيهاب الذي شعر بالتفاؤل والحماس وزميلته الفتاة الصغيرة تقف علي منصات التتويج. كان صراعه أشد مع أوناش حقيقية لا تكل ولا تمل من أن ترفع الحديد بمنتهي التحدي. تحدي كبير جداً كلما شعر البطل المصري أن هناك من يتخطاه من الصين أو أذربيجان أو أرمينيا كلما زاد التحدي داخله ومن خلفة جهاز فني وإداري يخطط للرفعات وحساب الكيلوات مقارنة بأوزان الرباعين لكي يحسم في النهاية الميدالية لصالحه. والمؤكد أن محمود محجوب رئيس اتحاد رفع الأثقال ورجاله لا يعملون هكذا من دون حسابات فقد أكدوا وسط فرحة المصريين في الصالة بميدالية سارة أن هناك ميدالية أخري. قال محجوب للوزير خالد عبدالعزيز: سيادة الوزير لا تترك الصالة وتذهب إلي صالة أخري حيث المنافسات في العديد من اللعبات انتظر معنا وجميع أعضاء البعثة فسنسعدكم مرة أخري.. هناك ميدالية جديدة. كانت ثقة محجوب في خالد قرني المدير الفني وفتحي جلال المدرب العام وعلاء السيد المدير الإداري كبيرة وهو ورئيس البعثة السيد عبد العاطي يؤكدان للبعثة الإعلامية أن هناك لاعب قادر علي إحراز ميدالية هو محمد إيهاب محمود. اطمئنان المحجوب ظل السباق بين الربّاع المصري ومنافسوه يشتد وكان زميله إبراهيم عبدالباقي رمضان ينافس من بعيد إلي أن حسمت السقطة الأخيرة للبار من يد اللاعب الأرمني الرهيب السباق.. واطمأن رئيس اتحاد رفع الأثقال وقال: الحمد لله ضمنا الميدالية الثانية. وما هي إلا دقائق حتي تعلن لجنة التحكيم أن إيهاب الذي رفع وزن 361 في الخطف والنطر قد احتل المركز الثالث رغم أنه أخفق في الرفعة الأخيرة ولكن كان قد شعر بالاسترخاء نتيجة ضمان الفوز بالبرونزية. وتساوي اللاعبان الكازاخستاني والصيني في الوزن 379 كيلو إلا أن وزن اللاعب الكازاخستاني الأقل بحوالي 800 جرام جعل الذهبية من نصيبه بينما الصيني جاء ثانياً. لحظة الخشوع أول ما تذكره ايهاب وهو في عز الفرحة أن يسجد لله شكراً علي منصة التتويج التي يقف عليها الأبطال فخورين بما حققوا رافعين رؤوسهم.. كان محمد يحني رأسه لله تعالي يحمده علي تحقيق حلمه.. ثم تذكر والده الذي كان يدعو له ويشجعه علي أن يكون بطلاً. ترحم عليه وقال للصحفيين بعد أن تسلم الميدالية وشاهد علم مصر يرتفع حينما سألوه »نفسك في إيه»؟ قال كان نفسي يكون والدي معي.. الله يرحمه ويحسن إليه كانت الدنيا لن تساعه من شدة الفرحة.. وهو اللي كان بيحفزني. كلمات يملؤها الوفاء والفخر بالأصل قالها محمد إيهاب وأكد أنه حقق ما كان يتمني وأنه تعب كثيراً جداً لكي يصل إلي هذا المستوي وأنه سعيد أن الله كلل جهوده بالفوز. أضاف الربّاع المصري اسمه إلي سجلات الشرف مع العظماء خضر التوني وإبراهيم مصطفي ومحمد علي رشوان وكرم جابر وغيرهم من الذين لن ينساهم التاريخ، وهو ينتظر أن يخرج الآلاف لاستقباله والاحتفال به حتي من أهل بلده الفيوم ومن زملائه في الأثقال ومن نادي المؤسسة العسكرية الذي يدين له بالفضل في صناعة بطولته والارتقاء بمستواه. تمني إيهاب أن يتم إطلاق اسمه علي أحد شوارع الفيوم.. وقال: أعتقد هذا حقي وشيء يسعدني ويسعد أهلي.. وأضاف: إن شاء الله سأكون علي موعد مع ميدالية أخري في طوكيو 2020 وأعتقد أنني قادر عليها فعمري الآن 26 عاماً وسأتدرب بقوة لأكون علي منصة التتويج في الأولمبياد المقبل.