خلال أول عامين من حكم الرئيس السيسي شهد قطاع الإسكان والتنمية العمرانية طفرة كبيرة، تمثلت فيما تحقق من إنجاز غير مسبوق في تنفيذ العديد من المشروعات القومية في مجال الإسكان، والتي خلقت مجتمعات عمرانية جديدة تكفل للمواطنين حياة كريمة، وهي المشروعات التي تُنفذها وزارة الإسكان بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المُسلّحة، وأهمها مشروع الإسكان الاجتماعي الذي يستهدف إقامة مليون وحدة سكنية في نطاق 22 مدينة جديدة، وتتجلي أهميته في ظل انتشار المناطق العشوائية، ما جعله محورًا رئيسيًا في الاستراتيجية التي تنتهجها الدولة للقضاء علي العشوائيات. 125 ألف شقة الجهد الهائل الذي تمثل في إنجاز 125 ألف وحدة سكنية حتي الآن، ساهم فيه 720 ألف عامل في مشروعات الإسكان الاجتماعي، غير مليوني عامل في المصانع التي تخدم المشروع الذي يمتد علي مساحة 160 مليون متر في نطاق 22 مدينة جديدة، منها مدن 6 أكتوبر وبدر والسادات والعاشر من رمضان ودمياط الجديدة والمنيا الجديدة. حيث يستهدف المشروع إقامة مليون وحدة سكنية بتكلفة تصل إلي 280 مليار جنيه. وتم حجز 445 ألف وحدة سكنية حتي الآن، وهي الوحدات التي تتكون من ثلاث غرف وصالة بمساحة تصل إلي 90 متراً مربعاً. حي الأسمرات غير مشروع "دار مصر" الخاص بالإسكان المتوسط للشباب، والذي يتضمن 250 ألف وحدة سكنية مُقسّمة علي ست مراحل. وقامت وزارة الإسكان بتسليم خمسة آلاف وحدة سكنية من المرحلة الأولي للمشروع حتي الآن. إلا أن الإنجاز الأكبر تمثّل فيما تحقق في إدارة الدولة لملف العشوائيات. وذلك من خلال خطة إخلاء المناطق العشوائية، ونقل سُكانها تِباعًا إلي المُدن الجديدة التي يتم إقامتها. وهو ما تم في مشروع " تحيا مصر" بحي الأسمرات بمنطقة المقطّم، الذي تضمّن إنشاء 6300 وحدة سكنية كاملة التشطيب والمرافق والخدمات علي مساحة 65 فدانا، كمرحلة أولي من المشروع الذي يستهدف إقامة 12 ألف وحدة لسُكان المناطق العشوائية، بتكلفة مليار ونصف المليار جنيه يتحمّلها صندوق "تحيا مصر". أولوية للمناطق الخطرة واعتمد المشروع علي إعطاء الأولوية لسُكان العشوائيات الخطرة من منشية ناصر وعزبة البقر ودار السلام وعزبة خير الله، حيث تم تنفيذه بتخطيط معماري متميز شمل إقامة مجمعات خدمية تتضمن مدارس للتعليم الأساسي، ووحدات علاجية وملاعب رياضية ومجمعا للأسواق. كما تُشارك الهيئة الهندسية للقوات المُسلحة في عدد من مشروعات تطوير المناطق العشوائية والتي تخدم 115 ألف نسمة، من خلال تطوير 279 منطقة عشوائية بتكلفة تصل إلي 14 مليار جنيه. حيث انتهت الهيئة من تطوير 17 منطقة بالكامل في محافظة القاهرة، تقع 65% منها ضمن المناطق غير الآمنة. وتضمّنت هذه المشروعات رفع كفاءة المرافق من خلال أعمال رصف الطرق وإقامة شبكات للكهرباء ومحطات للصرف الصحي. ويؤكد الدكتور حمدي عرفة خبير الإدارة المحلية واستشاري تطوير المناطق العشوائية، أن ما تم إنجازه في مشروعات الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل وسكان المناطق العشوائية، يُعد نقلة نوعية في كيفية إدارة الدولة لهذا الملف، خاصة مع ما رأيناه من تخطيط متميز لشوارع وميادين المناطق الجديدة، الذي تم علي أعلي مستوي من الدقة والكفاءة، مع الاهتمام بأعمال التشجير والمساحات الخضراء، حيث تم البناء علي 80% فقط من مساحات الأراضي. مُتابعًا: أري أن معدلات الإنجاز السريع وعدد الوحدات التي تم إقامتها خلال هذه الفترة القصيرة، لم تكن لتتم لولا الانضباط الذي تعمل به الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، من خلال إشرافها علي الشركات المدنية. استراتيجية جديدة يضيف: كما أري أن وزارة الإسكان بدأت تعتمد علي استراتيجية مختلفة في إدارتها لملف المجتمعات العمرانية الحديثة. ما ظهر في حجم الإيرادات التي حققتها خلال العام الماضي حيث وصلت إلي 150 مليار جنيه. كما تمت مواجهة الثغرات الموجودة في قانون المناقصات العامة، وقانون هيئة المجتمعات العمرانية رقم 58 لسنة 1979 والتي كانت تفتح الباب في السابق لإسناد الأراضي بالأمر المباشر إلي رجال أعمال. وهو ما تم حسمه بطرح الأراضي علي المواطنين من خلال المناقصات. ليساهم ذلك بشكل كبير في تحسن أداء قطاع الإسكان والمشروعات التي يتضمنها. ويُثمّن الدكتور سامي عامر العميد الأسبق لكلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة عملية التخطيط نُفّذت في مشروعات الإسكان الاجتماعي، مؤكدًا أن ما تم من مراعاة الأبعاد البيئية في المشروعات من خلال إدخال تكنولوجيات الطاقة النظيفة والعمارة الخضراء في أعمال الترفيق، يؤدي إلي الارتقاء بثقافة السكان والبيئة العمرانية التي يعيشون بها، فمفهوم تخطيط المُدن يعني توفير بيئة مُناسبة تكفل تحسين جودة الحياة للمواطنين، ما ينعكس علي خطة التنمية الشاملة في الدولة. كما أن أهمية نقل سُكان المناطق العشوائية تتخطي ذلك لإعادة الصورة الحضارية للمُدن، والتي شوهتها العشوائيات. ويري عامر أن مشروع نقل مربع الوزارات من منطقة وسط البلد بمحافظة القاهرة إلي المُدن الجديدة، يُعد من أهم الخطوات التي اتخذتها وزارة الإسكان والوزارات الأخري المعنية. مُتابعًا: كُلية التخطيط العمراني أعدت الدراسات الخاصة بهذا المشروع، والذي يهدف إلي تفريغ هذه المنطقة بغرض تخفيف التكدّسات الهائلة التي تحدث بسبب المصالح الحكومية، وتحويلها إلي منتزه للمواطنين، علي أن تبقي المباني التاريخية التي كانت تحوي هذه الوزارات كمتاحف مفتوحة. وبالفعل تم نقل مبني وزارة الداخلية ومبني النيابة العامة العامة إلي التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، وهناك خطط أيضًا لنقل مجمع التحرير.