«الوطنية للانتخابات» تعلن نتائج دائرة الزاوية الحمراء    مدير الهيئة الوطنية للانتخابات: الاستحقاق الدستورى أمانة عظيمة وبالغة الحساسية    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء مستشفى جديدة بالعبور    التعليم العالي: التعاون المصري الإسباني يعزز مكانة مصر في برامج البحث والابتكار الأوروبية    نائب وزير الإسكان يتابع تنفيذ مشروع الصرف الصحي المتكامل في الأقصر    بتكلفة 20 مليون جنيه.. رصف وتوسعة طريق بنى هلال في الشرقية    وزير الاستثمار: نعمل على رفع حجم التجارة البينية بين دول مجموعة الثماني من نحو 150 مليار دولار إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2030    رئيس اقتصادية قناة السويس يلتقي شركات أمريكية كبرى في نيويورك لمد جسور التعاون الصناعي والاستثماري    التحرير الفلسطينية: نؤكد ضرورة البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب    الأمم المتحدة: 50 مليون شخص حول العالم ضحايا الرق الحديث    بابا الفاتيكان يدعو لبنان ليكون علامة للسلام في المشرق    زيلينسكي: وثيقة جنيف للسلام في أوكرانيا تم تطويرها بشكل جيد    مجموعة مصر.. مدرب الأردن: الإمارات خصم قوي وصاحب إمكانيات كبيرة    موعد مباراة منتخب السيدات والأرجنتين ببطولة العالم لليد    كأس العرب، المغرب تتقدم على جزر القمر بثنائية في 15 دقيقة    قائمة برشلونة - غياب أراوخو ودي يونج في مواجهة أتلتيكو مدريد    ضبط 92 مخالفة تموينية بالمخابز البلدية في كفر الشيخ    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    بدء نوة باقى المكنسة فى الإسكندرية بأمطار غزيرة ورياح شديدة تكنس البحر    طارق العوضي يكشف تفاصيل جديدة في جريمة التحرش بأطفال المدرسة الدولية بالإسكندرية    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    "المسرح وذوو الهمم" ضمن ملفات العدد الجديد من مجلة مصر المحروسة    افتتاح معرض صور لمقبرة الملكة نفرتاري بالمتحف المصري بالتحرير    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    6 نصائح تمنع زيادة دهون البطن بعد انقطاع الطمث    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    بعد التحرك البرلماني.. كيف تحمي طفلك من انتشار الفيروسات في المدارس؟    إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل نتنياهو للمطالبة برفض العفو عنه    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    لأول مرة في الدراما .. محمد سراج يشارك في مسلسل "لا ترد ولا تستبدل"    محمية رأس محمد تستقبل فتيات الملتقى الثقافي ال22 ضمن مشروع "أهل مصر"    ماسح الأحذية.. قضية إنسانية تفوز بأفضل عرض في مهرجان شرم الشيخ المسرحي    "الأوقاف": حجم مشاركة غير مسبوق في مسابقة القرآن الكريم العالمية    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    محمود ناجى حكما لنهائى كأس ليبيا بين أهلى طرابلس وبنى غازى غدا    كأس العرب - مؤتمر مدرب العراق: مواجهة البحرين صعبة.. ونستعد بالبطولة للملحق العالمي    مصرع شاب غرقا بترعة النعناعية فى المنوفية    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    حوادث المدارس والحافز.. مشاهد تُعجل بنهاية "وزير التعليم" في الوزارة.. دراسة تحليلية.. بقلم:حافظ الشاعر    محافظ المنوفية يتفقد الموقف التنفيذي لعدد من مشروعات الخطة الاستثمارية لعام 2026/2025    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    أحمد بنداري: التعامل وفق القواعد القانونية يُعزز الثقة في العملية الانتخابية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام.. موقف مرموش    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    الاحتلال يفجر منزل أسير بنابلس ويقتحم بلدة برام الله.. وتحذيرات من تفاقم الأزمة بغزة    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لدعم الاقتصاد الوطني    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    أسعار اللحوم في أسواق محافظة أسوان — يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    وزير الري يشارك في مائدة وزارية بالمغرب لبحث تسريع تحقيق هدف المياه المستدامة    راقصا أمام أنصاره.. مادورو يمد غصن زيتون لواشنطن    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبدع الكيميائي المهووس بسحر‮ ‬ كيمياء الكتابة
سعيد سالم‮:‬ الأدب هو السحر الحلال‮ ‬
نشر في أخبار الحوادث يوم 03 - 04 - 2016

ولد سعيد محمود سالم بالإسكندرية عام‮ ‬1943،‮ ‬وبدأت رحلته مع الكتابة مبكرا،‮ ‬بدأها‮ ‬لنفسه‮ - ‬دون أن‮ ‬يعلم أحد‮- ‬وهو لا‮ ‬يزال صبيا في المرحلة الإعدادية،‮ ‬كانت كتاباته حينها في صورة تساؤلات بريئة عن مسائل‮ ‬غامضة بالنسبة له كيتيم‮ - ‬واليتيم بطبعه شخصية تأملية‮ - ‬ليس له من مرشد للإجابة علي مثل هذه الأسئلة سوي الأم،‮ ‬والتي لعبت دورا جوهريا في حياته،‮ ‬كان‮ ‬يتساءل عن معني السعادة والفقر والغني والحب والجريمة والعبادة والكون وخالقه،‮ ‬تساؤلاته كانت تأتي في صورة سرد،‮ ‬وأحيانا في صورة أبيات كان‮ ‬يحسبها في ذلك الحين شعرا لا‮ ‬يعلي عليه‮ ‬،‮ ‬فيتذكر‮ :"‬وجدت نفسي مدفوعا إلي الكتابة من قبل أن أتخصص في أي شيء علي سبيل الحوار الداخلي مع النفس،‮ ‬وبتطور الكتابة عرفت القصة والرواية وانجذبت إليهما بشدة باعتبارهما مجالا خصبا للتنفيس عن كل ما أنطوي عليه عقلي الباطن من حيرة وجودية‮".‬
المبدع الكيميائي
في سن الخامسة والعشرين حصل علي ماجستير الهندسة الكيميائية،‮ ‬تدرج في المناصب حتي وصل إلي منصب رئيس قطاع بشركة الورق الأهلية بالإسكندرية إلي أن أحيل للمعاش؛ فتفرغ‮ ‬لأدبه،‮ ‬الذي تأثر بقوة ووضوح بتخصصه كما‮ ‬يؤكد‮: "‬الهندسة الكيميائية تحليل وتركيب وتكثيف وتركيز وتفاعل،‮ ‬والرواية تحليل شخصيات وتركيب أحداث وتكثيف للغة السرد وتركيز في عرض الفكرة دون إسهاب،‮ ‬وتفاعل بين المواقف والشخصيات في بعدي الزمان والمكان،‮ ‬وبوجه عام فإن لأسلوب التفكير العلمي أثره القوي والفعال علي مستوي العمل الأدبي،‮ ‬والذي‮ ‬يجعل صاحبه متميزا عمن‮ ‬يكتبون في‮ ‬غياب تلك الخلفية الهامة،‮ ‬الأدب هو السحر الحلال والكيمياء هي سحر العلم،‮ ‬و"المبدع الكيميائي‮" ‬مهووس بسحر كيمياء الكتابة‮".‬
كتب سالم‮ ‬16‮ ‬رواية منها‮: ‬جلامبو،‮ ‬بوابة مورو،‮ ‬عمالقة أكتوبر،‮ ‬آلهة من طين،‮ ‬الشرخ،‮ ‬الأزمنة،‮ ‬عاليها واطيها،‮ ‬حالة مستعصية،‮ ‬كف مريم،‮ ‬الشيء الآخر،‮ ‬المقلب،‮ ‬الفصل والوصل،‮ ‬و11‮ ‬مجموعة قصصية من بينها‮: ‬قبلة الملكة،‮ ‬رجل مختلف،‮ ‬الممنوع والمسموح،‮ ‬أقاصيص من السويد،‮ ‬قانون الحب،‮ ‬الكشف،‮ ‬رحيق الروح،‮ ‬والمعضلة الكبري،‮ ‬إلي جانب كتاب نقدي بعنوان‮ "‬الإسكندرية قبل25‮ ‬يناير‮.. ‬فيض من الإبداع المتألق‮"‬،‮ ‬بخلاف مقالاته النقدية العديدة في الصحف والمجلات الثقافية،‮ ‬وكتاب آخر عن‮ "‬نجيب محفوظ الإنسان‮". ‬
الرقابة في مجتمعاتنا
لم تتوقف إبداعات صاحب‮ "‬كف مريم‮" ‬علي ما سبق‮ ‬،‮ ‬فكتب أيضا للمسرح‮ "‬الجبلاية‮" ‬التي ستنشر في أعداد مجلة‮ "‬أدب ونقد‮" ‬القادمة قريبا،‮ ‬و‮ "‬الدكتور مخالف‮"‬،‮ ‬إلي جانب عدد من الأعمال الدرامية الإذاعية والتليفزيونية،‮ ‬فضلا عن العديد من السهرات الكوميدية وبرنامج عالم القصة،‮ ‬والمسلسل الكوميدي التليفزيوني‮ "‬عاليها واطيها‮"‬،‮ ‬وله قيد التنفيذ تليفزيونيا مسلسل‮ "‬المقلب‮"‬،‮ ‬أما السينما؛ فيقول عنها‮: "‬كتبت فيلما سينمائيا كوميديا بعنوان‮ "‬ممنوع اللمس‮"‬،‮ ‬وفكرته مأخوذة من قصة لي بعنوان‮ "‬قانون منع الخلوة‮" ‬نشرت في أخبار الأدب في‮ ‬12‮/‬3‮/‬1995،‮ ‬وقد اتفقت أولا مع المخرج هاني لاشين علي إخراجه وكان شديد الإعجاب بفكرته لولا أن الرقابة طلبت بعض التعديلات التي رأيت أنها ستفقد العمل جوهره،‮ ‬وقد وافقني هو الآخر علي ذلك وكان ساخطا أشد السخط علي سلطة الرقابة في مجتمعاتنا المتخلفة،‮ ‬ومن بعده اتفقت مع المخرجة إيناس الدغيدي علي إنتاجه من قبل روتانا،‮ ‬لولا أن حدثت ظروف خاصة بالشركة حالت دون تنفيذ الفكرة،‮ ‬والسيناريو مازال موجودا عندي كما كتبته دون تعديل،‮ ‬فكرته هي العكس تماما من فكرة فيلم‮ "‬النوم في العسل‮" ‬لعادل إمام،‮ ‬والذي لم‮ ‬يكن قد عرض حتي ذلك الحين،‮ ‬عن حالة خصوبة‮ ‬غير عادية تصيب الرجال والنساء،‮ ‬فتكتظ الشوارع بالأطفال،‮ ‬وتنشأ وزارة خاصة لتحديد النسل بقوانين صارمة تمنع لقاء الرجال بزوجاتهم،‮ ‬ويتولي هذه الوزارة رجل عنين كاره للمرأة،‮ ‬ويتحايل المصريون كعادتهم علي القانون ليلتقي الأزواج ببعضهم‮ .... ‬إلي آخر أحداث القصة‮".‬
قراءة تأملية وليس نقدا
تتعدد مجالات إبداعاته،‮ ‬ولكن تبقي الرواية هي أقرب الفنون الأدبية تعبيرا عنه،‮ ‬ولولاها‮ - ‬كما‮ ‬يؤكد‮ - ‬لأصبح مجنونا‮ ‬يجري في الطرقات،‮ ‬ومع ذلك التنوع لم‮ ‬يجد سالم صعوبة علي الإطلاق في الجمع بين كل هذه الفنون،‮ ‬خاصة النقد الأدبي للأعمال الروائية والقصصية،‮ ‬حيث أنه واحد من كتابها،‮ ‬فيقول‮: "‬أنا لا أكتب شيئا ما لم أحبه،‮ ‬كما أن لكل مضمون شكلا هو الأنسب للتعبير الفني الناجح عنه والمناسب تماما له،‮ ‬فهناك مضمون لا تصلح له إلا القصة القصيرة وآخر تناسبه التمثيلية الإذاعية،‮ ‬والشيء الوحيد الذي‮ ‬ينبغي أن‮ ‬يجمع بين كل شكل ومضمونه هو الصدق الفني،‮ ‬أما عن كتاباتي‮ ‬النقدية؛ فبداخل كل كاتب روائي ناقد أدبي متيقظ‮ ‬يعمل بوعي ودون وعي من الكاتب في خدمة النص،‮ ‬لضمان كونه فنا راقيا بعيدا عن المباشرة وغيرها من العيوب الفنية المعروفة،‮ ‬كما أنني‮ ‬يستحيل أن أتناول عملا أدبيا بالنقد دون أن أكون قد وقعت في‮ ‬غرامه،‮ ‬وبذلك لا‮ ‬يكون نقدي أكاديميا‮ - ‬كالنقد الاحترافي الذي‮ ‬يقدمه الدكتور أحمد المصري علي سبيل المثال‮ - ‬بقدر كونه إعادة صياغة إبداعية للنص من وجهة نظري،‮ ‬غالبا ما أنشره تحت عنوان‮: (‬قراءة انطباعية في‮.....) ‬أو‮ (‬قراءة تأملية في‮.....)".‬
يقول بروك‮: "‬لن‮ ‬يكون النقد مكتملا إلا إذا عاش الناقد التجربة‮"‬،‮ ‬ولكن ما‮ ‬يعتقده سالم مختلف‮: "‬ليس بالضرورة أن‮ ‬يعيش الناقد التجربة التي عاناها الكاتب بالضبط،‮ ‬فقد‮ ‬يستحيل ذلك تماما،‮ ‬ولكن الناقد البارع هو الذي‮ ‬ينجح في التعايش مع هذه التجربة حتي‮ ‬يكاد‮ ‬يتطابق تماما مع من عاشها وربما‮ ‬يتجاوزه في ذلك،‮ ‬فالمقولة صحيحة نظريا فقط،‮ ‬وبطبيعة الحال لا‮ ‬يستطيع ناقد أن‮ ‬يتعرض لعمل رومانسي محلق بينما لم‮ ‬يكن قد عرف الحب في‮ ‬حياته وسعد بحلاوته وعاني من مرارته‮".‬‮ ‬النقدية؛ فبداخل كل كاتب روائي ناقد أدبي متيقظ‮ ‬يعمل بوعي ودون وعي من الكاتب في خدمة النص،‮ ‬لضمان كونه فنا راقيا بعيدا عن المباشرة وغيرها من العيوب الفنية المعروفة،‮ ‬كما أنني‮ ‬يستحيل أن أتناول عملا أدبيا بالنقد دون أن أكون قد وقعت في‮ ‬غرامه،‮ ‬وبذلك لا‮ ‬يكون نقدي أكاديميا‮ ‬ كالنقد الاحترافي الذي‮ ‬يقدمه الدكتور أحمد المصري علي سبيل المثال‮ ‬ بقدر كونه إعادة صياغة إبداعية للنص من وجهة نظري،‮ ‬غالبا ما أنشره تحت عنوان‮: (‬قراءة انطباعية في‮.....) ‬أو‮ (‬قراءة تأملية في‮.....)".‬
يقول بروك‮: "‬لن‮ ‬يكون النقد مكتملا إلا إذا عاش الناقد التجربة‮"‬،‮ ‬ولكن ما‮ ‬يعتقد سالم مختلف‮: "‬ليس بالضرورة أن‮ ‬يعيش الناقد التجربة التي عاناها الكاتب بالضبط،‮ ‬فقد‮ ‬يستحيل ذلك تماما،‮ ‬ولكن الناقد البارع هو الذي‮ ‬ينجح في التعايش مع هذه التجربة حتي‮ ‬يكاد‮ ‬يتطابق تماما مع من عاشها وربما‮ ‬يتجاوزه في ذلك،‮ ‬فالمقولة صحيحة نظريا فقط،‮ ‬وبطبيعة الحال لا‮ ‬يستطيع ناقد أن‮ ‬يتعرض لعمل رومانسي محلق بينما لم‮ ‬يكن قد عرف الحب في حياته وسعد بحلاوته وعاني من مرارته‮".‬
نقاط تحول
عاش سعيد سالم حقبا مختلفة مرت بها مصر،‮ ‬لكنه‮ ‬يجد في فترة الستينيات بلا شك المناخ الثقافي‮ ‬الأفضل‮ ‬،‮ ‬وهي الحقبة ذاتها التي شهدت تألق عدد من رموز الأدب مثل نجيب محفوظ؛ الذي مثل في حياة سالم نقطة تحول في مسيرته الأدبية عندما كتب عنه مشيدا بروايته الثانية‮ "‬بوابة مورو‮"‬،‮ ‬فيتذكر‮: "‬كنت لا أزال في بداية حياتي الأدبية ولم‮ ‬يكن‮ ‬يعرفني أو التقيت به،‮ ‬أصابني ذلك الشعور بمسئولية الكتابة برعب شديد،‮ ‬إذ أدركت فداحة مسئولية أن أكتب للناس،‮ ‬وإلي جانب محفوظ كان الأديب محمد الراوي الذي‮ ‬يعيش بالسويس شفاه الله وعافاه عندما لفت نظري إلي أهمية القراءة في التصوف والصوفية،‮ ‬وقد أحببت هذا الجو بجنون وأثر كثيرا في أعمالي بعد ذلك،‮ ‬وعندما تفرغت لفترة زمنية تقارب العام لدراسة إحياء علوم الدين أحببت الإمام أبو حامد الغزالي وتعلمت منه ما ساهم في تغيير حياتي الشخصية إلي الأفضل رغم رفضي لبعض اتجاهاته،‮ ‬لكنه كان أكثر من نجح في إقناعي بمفاهيم دينية عديدة كنت أجهلها أو أسيء فهمها،‮ ‬وبالتالي فقد انعكس ذلك علي بعض أعمالي بوضوح بعد أن اتسمت بمزيج شديد الخصوصية من ثقافة الغرب وتراث الشرق،‮ ‬بالإضافة إلي ذلك؛ هناك أحداث أخري علي المستوي الحياتي الشخصي قد أثرت كثيرا علي كتاباتي مثل تنوع تجارب الحب التي مررت بها علي مدي العمر وحتي اليوم‮".‬
إبداع الإسكندرية قبل‮ ‬25‮ ‬يناير
يقول سالم في مقدمة كتابه‮ "‬الإسكندرية قبل‮ ‬25‮ ‬يناير‮.. ‬فيض من الإبداع المتألق‮" ‬أنه تحول من كاتب قديم فقد شهيته للكتابة إلي ناقد هاو‮ ‬يقرأ بشراهة تعويضا عما حدث له،‮ ‬قصد في ذلك الظروف الصحية التي مر بها،‮ ‬ولكنها لم تكن السبب الوحيد‮: "‬بصدق شديد لقد شعرت بعد نجاح ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير‮ - ‬التي كانت بمثابة معجزة ربانية بالنسبة لي؛ أمضيت عمري كله أكتب لأجل أن أحث عليها وأحرض علي قيامها وكان أملي ضعيفا في انفجارها‮ - ‬أنه لم‮ ‬يعد هناك داع لأن أكتب شيئا بعد أن تحقق حلمي الغالي والمقدس،‮ ‬وبالفعل امتنعت الأفكار تماما عن عقلي وخيالي واستسلمت للسكينة والهدوء متحررا تماما من حالة التوتر العصبي الخلاق الملازم لحالة الإبداع،‮ ‬كما ابتعدت تماما عن الأوساط والمنتديات الأدبية لما‮ ‬يقرب من عامين وساعد مرضي علي ذلك،‮ ‬والحق أنني لم أستطع تحمل الفراغ‮ ‬الذي أوقعت نفسي فيه،‮ ‬حين نجح أحد الأصدقاء في إقناعي بعد مقاومة عنيفة‮ ‬ بكتابة مقدمة لكتاب زوجته علية أبو شنب‮ "‬الأشياء والأشخاص والأماكن‮"‬،‮ ‬وفي ندوة بنادي سبورتنج عن هذا الكتاب كان أول لقاء لي بعالم الأدب والأدباء،‮ ‬حيث أثر صدق ترحيبهم بي وتعاطفهم معي‮ - ‬عقب الانفلات من أسر المرض‮ - ‬تأثيرا بالغا علي روحي،‮ ‬فضلا عن أنهم أمطروني بوابل من إنتاجهم الذي انعزلت عنه،‮ ‬طالبين أن أقول لهم رأيي،‮ ‬ولكن دون أن‮ ‬يتوقع أحدهم أو أتوقع أنا نفسي أن أكرس عاما كاملا من وقتي للكتابة عن هذه الأعمال،‮ ‬وقد عرضت علي الأستاذ صلاح عيسي الذي كان رئيسا لتحرير جريدة القاهرة في ذلك الوقت أن‮ ‬ينشر لي مقالاتي عن هذه الأعمال علي حلقات،‮ ‬فنصحني بتجميعها في كتاب وطلب مني ملخصا شاملا لها،‮ ‬فكان أن كتبت ملخصا والذي هو مقدمة الكتاب ثم سعيت في تنفيذ فكرته بجدية وحماس،‮ ‬حتي تحققت علي‮ ‬يد الأستاذ الدكتور خالد عزب مدير الإعلام بمكتبة الإسكندرية ومساعده الصحفي القدير حسام عبد القادر الذي تولي الإشراف الكامل علي إخراج الكتاب،‮ ‬بأن ظهر كتابي‮ "‬الإسكندرية قبل25‮ ‬يناير‮..‬طوفان من الإبداع المتميز‮" ‬إلي النور،‮ ‬وقد قرر الدكتور خالد عدم بيع الكتاب وأمر بتوزيعه مجانا علي الأدباء وقصور الثقافة بالمدينة فكان ذلك موقفا رائعا من المكتبة في خدمة الثقافة والمثقفين‮".‬
ارتبطت كثير من المؤلفات الثقافية في الفترة الأخيرة بعبارة‮ "‬بعد ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير‮"‬،‮ ‬لكن سالم اختار ما قبل‮ ‬25‮ ‬يناير،‮ ‬والسبب كما‮ ‬يوضح‮: "‬الأعمال كتبت جميعها قبل الثورة،‮ ‬وهي بلا استثناء كانت تحض وتحرض عليها وأحيانا تتنبأ بها،‮ ‬دون أن‮ ‬يشعر أحد بمعاناة كتابها لمجرد أنهم‮ ‬يبعدون بمواقعهم عن العاصمة بعدة كيلومترات،‮ ‬ومن المضحك أن العشرات من كتاب العاصمة راحوا‮ ‬يتبارون في المبالغة بأن أعمالهم قد تنبأت بالثورة قبل وقوعها،‮ ‬ليجدوا استجابة شديدة من وسائل الإعلام في ترويج أكذوبتهم،‮ ‬والتي لم تكن في واقع الأمر أكذوبة بالنسبة لكتاب الإسكندرية الذين تناولتهم في كتابي،‮ ‬والذين اعتادوا تجاهل وسائل الإعلام لهم عبر السنين باعتبار أن العاصمة وحدها هي المنتجة للأدب والنقد دون سواها من الأقاليم،‮ ‬وأحب أن أؤكد هنا أن كثيرين من كتاب الإسكندرية لا‮ ‬يتألمون لهذا التجاهل وإنما لا‮ ‬يعبأون به ويقابلونه بتجاهل مماثل‮".‬
عقدة اسمها كتّاب الأقاليم
ومن كتاب الإسكندرية هؤلاء؛ النماذج التي تناول سالم أعمالهم بالنقد في كتابه،‮ ‬فهم بالطبع لم‮ ‬يحصلوا علي الاهتمام الكافي،‮ ‬وهو ما‮ ‬يرجعه إلي عقدة مصرية كريهة اسمها كتّاب الأقاليم،‮ ‬رغم أن الكاتب السكندري من وجهة نظر المهندس سعيد‮ ‬يتميز بصفات تجعله متفردا عن‮ ‬غيره،‮ ‬فيقول‮: "‬من الناحية الشخصية‮ ‬يتمتع الكاتب السكندري بصفات أهل السواحل بوجه عام،‮ ‬فهو ودود محب للناس في وطنه وفي سائر الأوطان،‮ ‬منفتح علي العالم محب للحياة،‮ ‬صدره رحب وصاحب نكتة وبديهة حاضرة،‮ ‬يتمتع بروح مرحة حتي في أحلك الظروف،‮ ‬ولا مانع عنده من أن‮ ‬يسخر من نفسه في بعض الأحيان،‮ ‬نظرته للدين نظرة وسطية معتدلة متسامحة لا تنكر الآخر،‮ ‬سياسي من الطراز الجيد ويكره الحاكم المستبد ويتفنن في سبه والاعتراض علي أفعاله بجرأة،‮ ‬أما من الناحية الأدبية فلا شيء‮ ‬غير تأثير البحر‮ ‬يميز أعمال الكاتب السكندري عن‮ ‬غيره،‮ ‬وفيما عدا ذلك فأنا‮ ‬غير مقتنع علي الإطلاق بمقولة أن هذا كاتب سكندري وهذا فيومي وذاك قاهري،‮ ‬فتأثير المكان لا علاقة له بقوة الموهبة وارتفاع المستوي الفني للكاتب‮".‬
وبذلك؛‮ ‬يري سالم أن الإسكندرية كانت ضحية للقاهرة دائما،‮ ‬ويدلل‮: "‬سأضرب مثالين محددين‮ ‬يؤكدان علي ذلك،‮ ‬فطالما طلب مني الحضور إلي القاهرة لتسجيل لقاءات تليفزيونية ولم أستطع التلبية من ناحيتي،‮ ‬أما من ناحيتهم فإنهم لا‮ ‬يفكرون أبدا في أن‮ ‬يحضروا هم إليّ‮ ‬بدلا من أن أذهب إليهم،‮ ‬وبذلك لا تتساوي فرصتي مع فرصة أديب مثلي‮ ‬يعيش في القاهرة ويظهر في العديد من البرامج مما‮ ‬يساعد علي ترويج أعماله بينما أحرم أنا من هذه الفرصة المستحقة،‮ ‬المثال الثاني حين اتصل بي الكاتب الكبير‮ ‬يوسف القعيد ليخبرني بتعييني عضوا بلجنة القصة بالمجلس الأعلي للثقافة وقد اعتذرت لنفس السبب،‮ ‬فصحتي لا تحتمل السفر أسبوعيا للقاهرة والعودة في نفس اليوم،‮ ‬كما أن مزاجي الخاص لم‮ ‬يعد‮ ‬يقبل ذلك في هذه المرحلة من العمر،‮ ‬كانت عضويتي بلا شك ستيسر لي كثيرا من الأمور لولا وجودي بالإسكندرية‮".‬
إلي من‮ ‬يذهب الاهتمام؟
هذا من ناحية الجغرافيا والابتعاد عن العاصمة،‮ ‬بينما قلة الاهتمام المستحق لم‮ ‬يفرق بين من هم بالإسكندرية أو خارجها،‮ ‬فيقول سالم‮: "‬كثيرون من أبناء جيلي لم‮ ‬يحصلوا علي الاهتمام الذي‮ ‬يستحقونه،‮ ‬وأنا أخص بالذكر صديقي الراحل محمد الجمل الذي قدم للمكتبة العربية أعمالا متنوعة بين الإبداع والنقد،‮ ‬لكنه لم‮ ‬يلق الاهتمام الذي كان‮ ‬يستحقه،‮ ‬أما خارج الإسكندرية فهناك سمير المنزلاوي ابن مطوبس المبدع الرائع والمثقف الكبير الذي لم‮ ‬يلق هو الآخر حظه المناسب من الاهتمام‮".‬
وجد سالم ما‮ ‬يقع في‮ ‬غرامه في كتابات ما قبل‮ ‬25‮ ‬يناير فكتب عنها،‮ ‬أما ما بعدها فلم‮ ‬يكّون عنها رؤية مميزة،‮ ‬ويوضح السبب‮: "‬لست أدعي أنني تابعت جيدا معظم هذا الإنتاج،‮ ‬ولكني تابعت أعمال بعض الكتاب الجدد ودهشت للرواج الشديد لأعمالهم وإعادة طباعتها رغم أنها لا ترقي بأي شكل من الأشكال إلي كونها أدبا جيدا،‮ ‬إنني أعتبرهم الإفراز الحقيقي لعصرهم الفوضوي الشديد في‮ ‬غرابته‮".‬
الفن خلاص الروح
يقول سعيد سالم أيضا‮: "‬أري في الفن سبيلا راقيا لتحقيق التصالح والتناغم بين الإنسان ونفسه من جهة،‮ ‬وبينه وبين الحياة والكون وخالقه من جهة أخري،‮ ‬كما أري فيه خلاصا شجيا‮ ‬يصل الإنسان بالأرض والسماء في حب لاحدود له‮"‬،‮ ‬وتلك ليست المرة الأولي،‮ ‬فدائما ما‮ ‬يؤكد علي دور الفن بأنه‮ ‬ينير عقولنا
‮ ‬ويمتع وجداننا ويحرك مشاعرنا نحو الحق والخير والجمال،‮ ‬ولكن بطريقة مغايرة‮: "‬يختلف الفن عن الفكر بأنه لا‮ ‬يخاطب العقل مباشرة وإنما من خلال مخاطبة الوجدان،‮ ‬الفن الحقيقي المثمر الفعال هو ذلك الذي‮ ‬ينجح في إعادة صياغة الوجدان الإنساني وفق رؤية الفنان،‮ ‬بما‮ ‬يحقق للإنسانية سعادة قوامها ذلك التصالح الذي أشرت إليه،‮ ‬إنه شهوة سرية تنبعث من داخل الذات وخارج الزمن،‮ ‬وأنا أجتهد كي أكون فنانا حقيقيا ألا أحشو عقلي بالأفكار والمعلومات والصيغ،‮ ‬وإنما أملأ روحي وضميري ووجداني بما تشف عنه هذه الأشياء من معان خصبة جليلة تثمر في النهاية عما أريد إبداعه من فن حقيقي،‮ ‬ولأن خلاصي الأرضي كان في الحب وخلاصي السماوي في الإيمان،‮ ‬فإن الفن عندي هو الجسر الذي‮ ‬يصل بين الخلاصين‮".‬
استمع صاحب‮ "‬المقلب‮" ‬إلي تعبير‮ "‬الرواية البريئة‮" ‬لأول مرة من الناقد الدكتور أحمد صبرة خلال تناوله لأحد الأعمال الأدبية بالإسكندرية منذ عدة سنوات،‮ ‬وأعجبه كثيرا،‮ ‬فاستدعاه عندما قرأ رواية رشاد بلال‮ "‬كله تمام‮ ‬يا فندم‮" ‬ورأي أنه‮ ‬ينطبق عليها من حيث أنه عمله الروائي الأول الذي كانت تنقصه الخبرة التي تتطلب زمنا طويلا من التجربة في الكتابة،‮ ‬ويستطرد‮: "‬هذا لايعيبه في شيء علي الإطلاق،‮ ‬فالموهبة متوافرة تماما واللغة جيدة،‮ ‬لكن البراءة هنا تعود إلي حسن نية الكاتب حين انطلق‮ ‬يسرد تفاصيل طويلة جدا كان‮ ‬يمكن الاستغناء عنها ليصبح العمل أكثر جودة،‮ ‬هذا ما قصدته بتلك العبارة،‮ ‬والذي‮ ‬يؤكد ما قصدت إليه أن أعمال رشاد بلال قد تطورت بعد ذلك وتخلصت تماما من تلك الهنات التي لا‮ ‬يخلو منها عمل أدبي أول لأي كاتب مهما كانت موهبته‮".‬
كثيرا ما ارتبطت ذروة الإبداع بأقصي درجات المعاناة،‮ ‬كما نبغ‮ ‬طه حسين ونجيب محفوظ والعقاد وعائشة عبد الرحمن وغيرهم،‮ ‬فالرخاء والإبداع في أغلب الأحيان علي طرفي النقيض،‮ ‬ولكن سالم لا‮ ‬يجد في الإبداع قواعد‮: "‬عملية الإبداع بسيكولوجيتها المعقدة ليس لها قاعدة علي الإطلاق،‮ ‬ولقد أطلعت علي دراسات علمية أكاديمية عديدة تؤكد مقولتي،‮ ‬والدليل علي ذلك أن مكسيم جوركي قدم إبداعات إنسانية رائعة وهو‮ ‬يعاني من الفقر الشديد،‮ ‬بينما‮ ‬يقول جابرييل جارسيا ماركيز أنه كتب أعظم أعماله بعد أن تيسرت أحواله المادية وأن أعماله الأدبية قبل أن‮ ‬يعيش حياة الرخاء لم تكن علي نفس المستوي،‮ ‬أنا شخصيا كتبت في الحالتين ولا أستطيع أن أجزم أن كتابتي بعد أن تيسرت أحوالي المادية أفضل من أعمالي التي كتبتها وأنا أعاني الفقر والظلم والشعور بالمهانة كمواطن مقهور في دولة‮ ‬يحكمها نظام مستبد،‮ ‬إن الكتابة‮ ‬ عندي‮ ‬ شهوة،‮ ‬والشهوة لا تعرف الرخاء أو المعاناة‮".‬
محظوظ رغم كل شيء
حصل سعيد سالم علي عدد من الجوائز منها‮: ‬الجائزة الأولي عن رواية‮ "‬الأزمنة‮" ‬في مسابقة إحسان عبد القدوس للرواية‮ ‬1990،‮ ‬جائزة الدولة التشجيعية في القصة لعام‮ ‬1994‮ ‬عن مجموعة‮ «الموظفون‮»‬ ‬،جائزة اتحاد كتاب مصر في الرواية لعام‮ ‬2001‮ ‬عن‮ "‬كف مريم‮"‬،‮ ‬جائزة اتحاد كتاب مصر في الرواية لعام‮ ‬2010‮ ‬عن‮ "‬المقلب‮"‬،‮ ‬جائزة الدولة التقديرية في الآداب لعام‮ ‬2012،‮ ‬وأخيرا وسام الجمهورية للعلوم والفنون من الطبقة الأولي عام‮ ‬2013،‮ ‬وقد فرح سالم‮ ‬ بالطبع‮ ‬ بهم جميعا،‮ ‬ويري أنه ربما كان محظوظا بالمقارنة مع أنداده لحصوله علي كل تلك الجوائز،‮ ‬والسبب‮: "‬لأنني أعرف أن هناك إشكاليات عديدة تحول في كثير من الأحيان عن وصول الجائزة إلي مستحقها الحقيقي،‮ ‬خاصة لو كان لا‮ ‬يجيد سبل الاتصالات والبروباجاندا،‮ ‬حالتي تعتبر استثنائية تماما؛ فأنا أنشر أعمالي بسهولة في دور نشر قاهرية كبري متعددة،‮ ‬حكومية وخاصة،‮ ‬كما لو كنت مقيما بالقاهرة،‮ ‬رغم أني أبعث بمعظمها إليهم بالبريد الإلكتروني دون أن أتحرك من مكتبي بالمنزل،‮ ‬وكذلك أفاجأ دائما بحصولي علي الجوائز دون أن أتوقعها وإن كنت أتمناها،‮ ‬طبعا كانت فرحتي بوسام الجمهورية كبيرة جدا وكنت أعتقد أنني سأجني من ورائها مكاسب مادية عظيمة،‮ ‬ولكن خاب أملي عندما عرفت أنها جائزة معنوية فقط،‮ ‬وقد شبعنا نحن معشر الأدباء‮ ‬ من المعنويات الخالية من الجنيهات،‮ ‬ولكن الحمد لله علي كل شيء‮". ‬
كانت جائزة إحسان عبد القدوس في بداية حياته فأسعدته كثيرا لكونها نابعة من قلب حياته الأدبية،‮ ‬كما أسعده كلمة الدكتور‮ ‬يوسف إدريس عن أعماله في تلك الاحتفالية،‮ ‬ولكن وسام الجمهورية كان له مكانة خاصة‮: "‬لقد اعتبرته بمثابة تقدير من الدولة التي أعتز بالانتماء إليها لدرجة الجنون‮".‬
أمنية مستحيلة
ولأنه‮ ‬يتمني الفوز دائما‮ ‬ كحال أي مبدع متميز‮ ‬ فمن المؤكد أن نوبل راودت حلمه في بعض الأوقات،‮ ‬ولكن ذلك‮ ‬يقع عنده في باب المستحيلات‮: "‬كنت أتمني أن أتمني الحصول عليها،‮ ‬ولكن عدم ترجمة أعمالي تجعل هذا النوع من التمني أقرب إلي الخيال،‮ ‬لقد قال نجيب محفوظ بنص العبارة في أحد مجالسه‮: "‬لولا الجامعة الأمريكية ترجمت لي كنت رحت في داهية‮"‬،‮ ‬وقد نشرت نص هذا التصريح في كتابي‮ "‬نجيب محفوظ الإنسان‮" ‬الصادر عن هيئة الكتاب عام‮ ‬2011‮"‬،‮ ‬ولم‮ ‬يستطع سالم أن‮ ‬يحدد اسما‮ ‬يستحق الحصول علي تلك الجائزة من المعاصرين،‮ ‬لأنه ليس ملما بما فيه الكفاية بأعمال العشرات من الكتاب العظام المستحقين لنوبل حتي‮ ‬يعطي لنفسه الحق في مثل هذا التقييم‮.‬
ينتظر الروائي والقاص والمهندس الكيميائي سعيد سالم؛ صدور مجموعة قصصية بعنوان‮ "‬المعضلة الكبري‮" ‬خلال أيام،‮ ‬ضمن سلسلة‮ "‬مختارات قصصية‮" ‬عن مطبوعات هيئة قصور الثقافة،‮ ‬كما ستصدر له قريبا رواية عن هيئة الكتاب بعنوان‮ "‬استرسال‮".‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.