اللهم إني صايم .. نقولها عندما يرتفع مؤشر غضبنا وتنفد بطارية صبرنا .. لكن بعض قائدي السيارات لهم رأي آخر .. ربما يكون " اللهم إني سائق" .. فلا تجد أي فرملة لديهم للعصبية والتشنج على الطرق .. وإذا كنا جميعا ننتظر شهر رمضان من السنة للسنة ، وأكثرنا يرفض الإفطار حتى لو بأمر الطبيب .. لكن متى يكون الصيام خطرا على قائد السيارة .. وماذا ينصح الأطباء سائقي الميكروباص أو النقل الصائمين ؟ يقول د. أحمد دره إستشارى الكبد و الجهاز العضمى إن الكبد هو مخزن السكريات البسيطة و المركبة فى جسم الإنسان و لذلك فإن أى خلل فى وظائف الكبد بسبب الأمراض المختلفة يؤدى إلى حالة من الاضطراب فى منسوب السكر بالدم ، و من المعروف أن السكر البسيط " الجلوكوز " هو مادة الحياة لإنتاج الطاقة فى جميع خلايا الجسم فإذا نقص عن معدله الطبيعى يحدث فى ثوان معدودة هبوط فى إنتاج الخلية الحية للطاقة و على أثرها تحدث مضاعفات كثيرة و خطيرة خاصة بالنسبة لخلايا المخ التى تؤدى إلى فقدان الوعى و أحيانا الموت للخلية و تلفها مما يخلف مرضا مزمنا كالشلل و غيره بالجهاز العصبى . يضيف د. دره : من هنا جاءت أهمية الكبد السليم فى الحفاظ على توازن منسوب السكر بين الدم و الخلايا الحية و هو أيضا مكان و مصنع للطاقة و العمليات الحيوية الكبرى اللازمة لحياة الإنسان و فى حالة الأمراض الكبدية خاصة المزمنة يجب على المرضى الانتباه جيدا لأسلوب التغذية خاصة فى شهر رمضان بالإضافة لقيادة السيارات فلا ينبغى للمريض الذى يعانى من مرض التليف الكبدى المصحوب بمضاعفات مثل الاستسقاء و دوالى المرىء و الإنيميا و ضعف المناعة و نقص الصفائح الدموية أن يصوم أو يقود السيارة و كذلك المصابون ببوادر الغيبوبة الكبدية فالصوم و القيادة يمكن أن يؤدى إلى حدوث الغيبوبة الكبدية التامة و هنا يكمن الخطر و من الضرورى الرجوع لاستشارى أمراض الكبد فى مثل هذه الأمور ليحدد للمريض إمكانية قيادة السيارات أو الصيام فى رمضان . مرضى السكر أما د. أحمد سمير إستشارى أمراض السكر فيقول : يجب على الذين يعانون من ارتفاع او انخفاض مستوى السكر فى الدم ومرضى القلب عدم القيام بأعمال يمكن أن تنهك قوتهم الصحية مثل قيادة السيارات أثناء فترة الصيام فمع الصيام و الإرهاق و إرتفاع الحرارة من الصعب ضبط النفس . و مع أن القيادة تتطلب الكثير من التركيز و ذلك لأن المخ اثناء الصيام يكون بطيئا فى الاستجابة ، لذلك أنصح المرضى المصابين بأمراض مزمنة و خاصة مرضى السكر عدم القيادة اثناء فترة الصيام لأنه ممكن أن يصاب فى أى وقت بالصداع و إضطراب الرؤية و حدوث رعشة بالإطراف و زيادة بضربات القلب و هذه الأعراض بالطبع تمنع المريض من قيادة السيارة لأن ذلك يعرضه للخطر . نشاط وحيوية يقول د. وائل سالم إستشارى التغذية غالبا ما يشعر الصائم فى الساعات الأولى من النهار بالنشاط و الحيوية و القدرة على الحركة بسهولة و بالتالى يجب أن نستفيد من هذا النشاط فى قيادة السيارات لأن الجسم يكون فى أقصى نشاطه خاصة أن حرارة الشمس تكون معتدلة و بالتالى يتفادى التعرض للشمس و درجات الحرارة العالية و ذلك أيضا قبل إنخفاض السوائل فى الجسم و الشعور بالخمول و هو ما يترتب عليه عدم القدرة على التركيز و فقد الأعصاب مع أى سائق آخر و بما أن القيادة أدب و ذوق و أخلاق فيجب على الصائم إلا يقود سيارته إلا و هو يتمتع بمزاج جيد و أيضا أنصح الصائم بالنوم لا يقل عن ثمانى ساعات و ذلك لراحة الجسم و القدرة على التركيز و يجب على الصائم خاصة قائدى السيارات الأجرة مثل التاكسى و الميكروباص و التى يتطلب عملهم القيادة فى نهار رمضان الأطعمة التى تعطى إحساسا بالشبع لأطول فترة ممكنة مثل السكريات و النشويات و البقوليات و البطاطس و المعجنات بالإضافة إلى شرب كمية مناسبة من الشاى و القهوة منذ الفطار حتى وقت السحور لأنها تعطى دورا منها للجسم خلال فترة الصوم و تناول المكسرات التى تعطى الجسم طاقة و شرب الكثير من المياه حتى وقت السحور . أما مرضى السكر فيجب تنظيم وجبتى الإفطار و السحور مع وقت تناولهم جرعات الأنسولين و متابعة نسبة ارتفاع أو انخفاض مستوى السكر فى الدم و يجب إستشارة الطبيب الخاص بهم لتعديل مواعيد الجرعات و كمية الأطعمة التى لا تتعارض مع هؤلاء المرضى فى وجبتى الإفطار و السحور . أدوية مهدئة. ويؤكد د. حسام كحلة استشارى الأمراض النفسية والعصبية ذكر أن أكثر مشاكل القيادة أثناء الصيام تتمثل فى الغفوة أثناء القيادة خاصة على الطرق السريعة وأن هناك الكثير من المرضى النفسيين يستعينون بأدوية مهدئة أو أدوية تساعدهم على الناشط والتيقظ ، وهناك العديد من النصائح من المهم تطبيقها لتفادي الغفوة أثناء القيادة ، منها: ضرورة الحرص على بقاء أحد الأشخاص المرافقين للسائق مستيقظا للحديث إلى السائق طوال فترة الرحلة وتشجيعه على الاستراحة فى حال ظهور علامات التعب عليه، فمن بين العوامل التي تزيد من مخاطر الغفو أثناء القيادة نوم أحد الأشخاص الذين يجلسون قرب السائق والتوقف عن القيادة بعد كل ثلاث ساعات وأخذ قسط من الراحة داخل السيارة أو خارجها، كما يجب المشي قليلاً واستنشاق الهواء النقي، لأنَّه ينعش الجسد والروح ومفيدٌ للتركيز, وبالتالى يفضل الركن قليلا والتحرك حول السيارة مرتان أو ثلاثة لتنشيط الجسم وتفادي مواصلة القيادة بعد الاستراحة إذا كان الإنسان لا يزال يشعر بالتعب،ومن الأفضل تبادل القيادة فى حال السفر لمسافات طويلة ، بالإضافة إلى الاهتمام بالسحور لأنَّه يبقيك نشيطًا ويقظًا طوال اليوم. جرس الإنذار: ويرى د. سمير محمود استشارى التغذية الطبية أن المشكلة تتمثل فى عاداتنا وتقاليدنا فلقد طرأت تغيرات على عاداتنا الرمضانية اليومية، فحوّلنا ليله إلى نهار، نمارس فيه الأنشطة، من التسلية ومشاهدة البرامج التلفزيونية وانتهاءً ببعض البرامج الثقافية والاجتماعية، وربما واصلنا الليل بالنهار وذهبنا إلى أعمالنا دون نوم لإعطاء الجسم حقه من الراحة لاستئناف دورة الحياة من جديد وحينما يختل توازن دورة الحياة بهذا الشكل، فيتحول الليل إلى نهار بالسهر لأي أمر كان، والنهار بالقسر إلى يوم عمل أو دراسة، فإن الإنسان يفقد قدرته على التركيز، فيحيط به الخطر عند إدارة أي جهاز يحتاج إلى توازن جسمي أو تركيز ذهني، ومن ذلك قيادة السيارة من وإلى العمل , فحين لا يأخذ الجسم كفايته من الراحة والنوم نتيجة لإحياء ليل شهر رمضان بالسهر داخل المنزل أو خارجه، ينتج عن ذلك العديد من مشاكل الصحة والسلامة، ويؤثر على إنتاجية الموظف واستيعاب الطالب، لوقوع الإنسان في أسر الإرهاق والإعياء ومقاومة الحاجة والرغبة الملحة في النوم. ولوحظ على الذين لا ينالون قسطا كافياً من الراحة والنوم، قلة التركيز، والتوتر، وسرعة الغضب، وبطء رد الفعل تجاه الأخطار، خصوصاً أثناء العمل أو قيادة السيارة فللجسد عليك حقاً، وأثناء الانشغال بالبرامج الرمضانية، ينبغي ألا تنساه، فأعطه حقه من الراحة، وجدوِل نشاطاتك اليومية بحيث تضمن لنفسك القدر الكافي من النوم قبل التوجه لعملك أو مدرستك. وبعض الناس قد تشعر بالحيوية واليقظة التامة لو كانت مشغولة ذهنيا بموضوعات حياتية مثل مشاكل الأسرة والعمل.. ولكن حين الوصول لحل لهذه المشاكل يعود الجسم إلى طبيعته، وقد يكون لحظتها يقود سيارة، ولا ينتبه إلى الخطر إلا بعد فوات الأوان، ولن تكون حينها مصدر خطر على نفسك ومرافقيك في سيارتك فحسب، بل على كل شركائك في الطريق. وهناك مؤشرات تدق جرس الإنذار، إذا تنبه لها السائق، ساعدته على كشف وضعه وتداركه في الوقت المناسب ، من هذه المؤشرات : شرود الذهن وتشتت الأفكار والتثاؤب المتكرر وعدم تذكر الأشياء التي حدثت قريباً ومنها معالم الطريق الذي مررت به تواً بالإضافة إلى عدم القدرة على التركيز والاستيعاب وصعوبة إبقاء العينين مفتوحتين والشعور بضعف في الرؤية و صعوبة إبقاء الرأس مرفوعاً ، كذلك التأرجح بين المسارات، أو الخروج من الشارع إلى جانب الطريق أثناء القيادة. يضيف : هناك أيضا القلق وسرعة الانفعال وآلام في العضلات