لا أفهم السر وراء «هوجة» التعتيم الإعلامي التي تجتاح مصر حالياً . محاكمة المخلوع.. ممنوع النشر. محاكمة موقعة الجمل.. ممنوع النشر. محاكمة تصدير الغاز.. ممنوع النشر. ثم عدم قبول فضائيات جديدة. ثم اغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر. ماذا يحدث في مصر بالضبط ؟ هل هي عودة للوراء وردة عن الثورة ؟ ان ما يجري الآن يذكرني بالتعتيم الاعلامي الذي فرضه نظام مبارك العام الماضي قبل تزوير انتخابات مجلس الشعب والذي كان من أهم اسباب غليان المواطن المصري وانفجاره في وجه النظام الفاسد كله. ألم تقم ثورة 25 يناير للمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. فأين هي هذه الحرية ؟ وألم تلغي وزارة الاعلام.. لماذا عادت ؟ أسئلة كثيرة واجاباتها كلها تصب في طريق واحد وهو ان مصر لم تتغير.. وان مبارك رحل ولكن نظامه مازال يحكم ! نعم.. نظام مبارك لم يرحل. في أحداث الهجوم علي السفارة الإسرائيلية.. شعر المشاهد المصري امام شاشات التليفزيون ان عجلة الزمان عادت إلي الوراء.. إلي أيام الثورة حيث لم تكلف قناة مصرية واحدة نفسها وتنقل ما يدور حول السفارة.. واكتفت تلك القنوات الحكومية والخاصة باذاعة الافلام والمسلسلات وبرامج التوك شو التافهة.. ولم تتصدر للأحداث سوي قناة الجزيرة مباشر مصر. ونالت الجزاء الفوري وتمت مداهمتها بعد أيام وأغلقت ! نغمة غريبة بدأت أيضاً تطل علي الاعلام المصري في اعقاب حادث السفارة الإسرائيلية وفي أعقاب المعركة التي دارت بين الالتراس ورجال الأمن.. وهي إلصاق تهمة البلطجة بعدد من شباب الثورة ووصفهم بأنهم همج لايقدرون عواقب الأمور! في حين أن الجميع شاهد البلطجية الحقيقيين وهم يعتدون علي أهالي الشهداء امام محكمة التجمع الخامس في محاكمة المخلوع بل وشاهد الجميع رجال الأمن يقومون بحماية البلطجية وتهريبهم في أتوبيسات ولم يخرج علينا الإعلام المصري بشيء ! أفهم ان التعتيم الإعلامي مطلوب في عدم اذاعة او نشر شهادة المشير محمد حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان في محاكمة المخلوع لاسباب تتعلق بالأمن القومي المصري.. ولكن لا أفهم حظر النشر في او منع دخول الصحفيين لمتابعة محاكمات موقعة الجمل أو تصدير الغاز لاسرائيل. لمصلحة من هذا التعتيم! هل سينقض فلول النظام تحت جنح ظلام هذا التعتيم ونستيقط ذات صباح لنجدهم في أماكنهم القديمة يديرون شئون البلاد ؟ هل هذا هو الهدف؟ علينا جميعاً ان ننتبه لخطورة ما يجري علي أرض مصر الآن. التعتيم الاعلامي سيدخل الجميع نفقا مظلما لا خروج منه.. الثورة الهادئة لن تظل ساكنة تتفرج بل ستنطلق من جديد أكثر شراسة وستجر البلاد إلي ما لا يحمد عقباه. وأنني أدعو حكومة د. عصام شرف والمجلس الأعلي للقوات المسلحة إلي اتخاذ كافة الاحتياطات فهناك اياد خفية تدبر بليل أمرا ما للبلاد وقد بدأت بالتعتيم الاعلامي. هناك اياد لها مصلحة في نشر الفوضي واعادة العمل بقانون الطوارئ وعلينا جميعا ان لا نكتفي بتفويت الفرصة عليهم وانما علينا مواجهة هؤلاء الاشرار الذين يسعون للوقيعة بين الثورة والمجلس الاعلي للقوات المسلحة. واذا حدثت تلك الوقيعة.. فإن الجميع سيخرج خاسرا من معركة لن تنتهي بسهولة.