لم نستفد شيئا من ثورة 52 يناير حتي الآن! مازال الكذب والنفاق يعشش فينا. مازلنا جميعا نهلل لانتصارات زائفة ونصرخ بلا قناعة. مازلنا نتصور اننا قادرون علي التقدم والرقي ونحن جالسون في أماكننا نتكلم ونتحاور ونتجادل.. وآخر ما نفكر فيه ان نعمل بأخلاص. هذه المقدمة لابد منها.. بعد الانفراد الصحفي الذي حققته الزميلة »المصري اليوم« بكشفها حقيقة بطل موقعة انزال العلم الاسرائيلي من فوق سفارة الكيان الصهيوني وانه ليس »أحمد الشحات« وانما شاب مصري آخر يدعي »مصطفي كامل«. هذا الانفراد الصحفي المتميز للزميل »محمود رمزي« ذكرني بالمقولة الشهيرة: الثورة يبدأها الشجعان، وينفذها الأبطال، ويستفيد منها الجبناء. وللأسف الشديد فإن المتابع لما يجري علي أرض مصر في أعقاب ثورة يناير يكتشف صدق هذه المقولة في جميع مناحي الحياة علي أرضنا. نعم الثورة بدأت بمجموعة من الشبان الشجعان.. قرروا تحدي حاكم ظالم وحاشية فاسدة ودولة بوليسية حديدية. نعم الثورة نفذها الشباب المثقف.. شباب الطبقة الوسطي العليا وانضم اليهم جموع الشعب المصري البطل حتي تحقق النصر وسقط الطاغية مبارك وعائلته الفاسدة ورجاله أو بمعني أوضح عصابته. نعم الثورة.. وهذا هو الواقع المرير استفاد منها الجبناء والمتحولون والبلطجية والكاذبون والمنافقون الذين يأكلون علي كل الموائد ويغيرون آراءهم مع كل طرفة عين! وواقعة انزال العلم الاسرائيلي وما تكشف من حقائق حولها خير مثال علي ما يجري في مصر حاليا. البطل المزيف برر موقفه بأن أحد »المشايخ« اخذه الي قناة فضائية واقنعه بالكذب وادعاء البطولة وقال له »الشيخ« بتاع ربنا انه لايريد ان يقول الناس ان الثوار كذابون.. ووافق الشحات علي ادعاء البطولة وواجه الكاميرات بكل ثبات مدعيا انه من قام بانزال العلم الاسرائيلي بعدما تسلق 12 طابقا بمجهوده. واللوم كل اللوم ليس علي الشحات وحده.. وانما علي هذا »الشيخ« الذي كذب واصر علي الكذب.. وهذا الفعل اساء للثورة والثوار اساءة بالغة جدا.. ولو كان رفض الكذب والتضليل لكان اكرم له وللثوار جميعا. اللوم كل اللوم أيضا للشحات البطل المزيف والذي كان أفضل له ألف مرة ان يقف امام شاشات التليفزيون ويؤكد ان دوره اقتصر علي تلقي العلم الاسرائيلي الذي القي به البطل الحقيقي »مصطفي كامل« ويقدم صديقه للجميع علي انه البطل.. ولكن »الشحات« استثمر الكذبة واستغلها والتقي بالدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بعد ذلك في مكتبه ليطلب شقة ووظيفة.. وهي مطالب لاتخطر ببال ثائر حقيقي! اللوم أيضا علي الفضائيات ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة التي انساقت وراء الكذبة دون ان تتيقن الحقيقة وتبحث عنها- وللحق فانني كنت واحدا من هؤلاء- ولا اجد غضاضة في الاعتراف بذلك وكتبت الأسبوع الماضي مقالي عن الشحات والارادة المصرية والحمد لله ان البطل الحقيقي مصري ايضا والا فقد المقال مغزاه. الاعلام المصري للأسف الشديد مازال ينتهج نفس الأسلوب القديم في التعامل مع الأحداث وان كانت هناك محاولات حثيثة للتغير الا انها بطيئة شأن كل شيء في مصر. أخيرا.. فانني ادعو »أحمد الشحات« الي الخروج علي شاشات التليفزيون والاعتراف بالحقيقة كاملة. وادعو »الشيخ« الذي كذب الي الاعتذار. وادعو جميع وسائل الاعلام المصري الي الاعتذار للبطل الحقيقي »مصطفي كامل« وعدم تكرار هذا الخطأ. فالاعتراف بالحق فضيلة.. وجل من لايخطيء. اما الاستمرار في الخطأ والكذب علي الناس فلن يدوم والحقيقة كالشمس لابد وان تسطع ذات يوم.