أتابع عن كثب تعليقات القراء خاصة تلك التي ترد علي صفحة الائتلاف العام لضباط الشرطة الذي أتشرف بالتحدث باسمه اعلاميا طيلة الفترة الماضية ومعي زميلي الرائد طارق سري.. وقد لقت نظري أن بعض القراء قد طالبوني بضرورة اسدال الستار علي الماضي الأليم وعن مصائب العادلي التي كتبت عنها طيلة الفترة السابقة وأن اكتب ما هو مشجع وداعيا للتفاؤل.. واستجابة لهم فإنني اليوم أكتب عن الرؤي المستقبلية التي سبق أن طرحها الائتلاف علي وزارة الداخلية وهي ضرورة الاستعانة بمبدأ الكيف وليس الكم في منظومة الأمن بالكامل.. بمعني تطبيق الأساليب العلمية المستحدثة في خطط التأمين المتنوعة بدلا من أسلوب الكم الذي يعتمد علي الدفع بالعناصر البشرية من أفراد الشرطة أمام المنشأت الحيوية ودور العبادة والبنوك ومحلات المجوهرات وهو أسلوب قديم أثبت فشله ولم يعد مطبقا في العالم كله!! وفي نهاية الأسبوع الماضي وعقب اجتماع مهم لنا مع نخبة من ممثلين ائتلافات الثورة دار حوار علي هامش الاجتماع بيني وبين زميلي الرائد طارق سري وقد حدثني طارق عن زيارته لمدينة نيس الفرنسية منذ ما يزيد عن عشر سنوات وأنه لم يشاهد في شوارع المدينة الهادئة أي تواجد شرطي علي الاطلاق ثم شاهد حادث سيارة أمام عينه وما هي الا لحظات حتي انشقت الارض عن عدد كثيف من سيارات الشرطة بسيارنتها المميزة تحاصر قائد السيارة المتسبب في الحادث بشكل يوحي أنهم يعرفون مسبقا أن هذا الشخص قائد هذه السيارة هو فعلا المتسبب في الحادث وليس قائد السيارة الأخري!! وعندما سأل زميلي طارق عن كيفية علم الشرطة بالحادث وكيفية وصولها إلي موقع الحادث في ثواني معدودة وكيفية معرفتها المسبقة بقائد السيارة المتسبب في الحادث علم أن مدينة نيس مقسمة إلي مربعات أمنية ذات أكواد خاصة وأنه توجد انفاق أو ما يشبه جراجات السيارات تحت الارض وكلها مكيفة ومجهزة علي أحدث طراز وبها ضباط وضابطات الشرطة الفرنسية بكامل معداتهم وأسلحتهم وسياراتهم المكوكية وأمام كل رجل شرطة جهاز مونيتور يستقبل ما تبثه له الكاميرات المزروعة في كل ميدان وشارع من شوارع المدينة وأن هذه الجراجات الارضية لها مخارج ومنافذ ممهدة وسريعة مربوطة بكل مربع داخل المدينة وهذه المخارج تنطلق منها سيارات الشرطة لموقع الحادث الذي تبثه الكاميرات في سرعة متناهية والسرعة هذا ليست سرعة الانتقال فحسب ولكنها أيضا سرعة المعلومات المبدئية التي توافرت لدي قوات شرطة المدينة من خلال متابعتهم للحادث أمام جهاز المونيتور!! إن ما قاله زميلي لم يكن غريبا لأننا سبق أن عرضنا هذا الأمر علي وزارة الداخلية وكانت أطروحة منا ضمن اطروحات عديدة تقدمنا بها للمعنيين بالامر داخل الوزارة وكنا دائما نؤكد مرارا وتكرارا أننا أقزام أمام العمالقة الكبار من قيادات الوزارة أصحاب القرار وواضعين الاستراتيجيات الأمنية الخطيرة!! ولكن ربما كان لهؤلاء الأقزام رؤي مختلفة أو فكر بناء أو سطر جديد في صفحة جديدة من تاريخ مصر الحديث!! يا معالي الوزير إن ضباط الائتلاف العام لضباط الشرطة لا يبغون الا الصالح العام والدماء التي تتضخ في عروقنا هي نفس الدماء التي تنضخ في عروق شباب الثورة!! نتمني يا معالي الوزير أن تجد أفكارنا واطروحاتنا صدي لديكم لا لشيء سوي من أجل مصر وأمن واستقرار مصر!! فشعب مصر ليس أقل ولا أدني من شعب مدينة نيس بل هو أرفع وأعظم بكثير وسيظل دوما هكذا حتي يوم الدين!!