استهلال لابد منه... كان يري في نفسه أنه الرجل الوحيد علي ظهر الأرض، فارس لا يستطيع أحد أن يشق غبار فرسه في البيداء، إذا خطي على الأرض اهتزت له القلوب-التي يدركها هو وتعجز هي عن ادراكه-خشية ورهبة من بطشه وجبروته، فكرة أنه يموت لم تأت على باله لحظة واحدة ظنًا منه أنه الوحيد الذي اختاره الله علي ظهر البسيطة لكي يتوسل اليه من اجل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، جوامع الكلم والعلوم والحكمة ألهمها له وحده الواحد الأحد، توهّم في نفسه أنه قديس يطير في الهواء ويسير على الماء، من كثرة الهلاوس التي امتلأت بها رأسه حتي أنها غيبته عن الوعي، وظن – وبعض الظن ليس إثمًا فقط، بل وجنون – أن الوحوش تهابه في الصحراء، والنساء في الطرقات تسقطن صريعات، تمزقن ملابسهن من شدة بهائه وجمال وجهه وكأنه أحد آلهة الخصوبة والنماء عند قدماء المصريين، إذا خاطبه الجاهلون زني بعقولهم مدعيًا أن مفاتيح الدين والجنة لديه؛ هكذا صدقّ صاحب الفتاوي الشاذة والفقه الأعور نفسه! وماذا بعد هذه المقدمة؟! بطل حكايتنا يتأصل الإرهاب في جذور عقله، خططت جماعته لتمكنه من الأزهر الشريف، مثلما كانت تخطط للسيطرة على القضاء بتمكين ثلاثة آلاف وسبعمائة من القضاة المنتسبين الى أفكار الجماعة، أو من المتعاطفين معها، ليحكموا بين الناس بالظلم وما يأمر به مرشدهم وسادتهم من الجماعة! بطل حكايتنا لم يكن واحدًا، بل هم كُثر بعضهم تمكنت قوات الأمن من القبض عليهم، ولا يزال هناك بعض فلول من فرق الضلال هذه تعيث في الأرض فسادًا؛ تنشر ثقافة التفرقة والعنف يستخدمون الشباب والفتيات وقودًا لمعركتهم وفي سبيل الخرافة التي عشعشت في عقولهم بأن محاربة الدولة الكافرة هي عين الجهاد في سبيل الله؛ اندفعوا يقدمون أرواحهم قرابين لجماعتهم وأمرائهم؛ علي وعد أن الجنة في انتظارهم بفاكهتها وحور العين الأبكار! واحد من أفراد عصابة الإرهابية، يدعى الدكتور " أكرم. ك " كتب على صفحته يقول: " سألني سائل عبر صفحتي على الفيس بوك: هل يجوز الفطر أثناء المظاهرات والمسيرات ضد الانقلاب العسكري؟ فقلت له: أين أنت الآن؟ تسألني وأنت علي النت والشباب في الميادين؟ فقال: أنا في البيت لكبر سني ومرضي، وإنما أسأل من أجل ولدي، فتأسفت وقلت له إن احتاج الي الفطر أفطر... ومضي الرجل مستطردًا في فتواه الشاذة لمن يدعي أنه يسأله قائلاً: حيث أنه في هذه المسيرات وتلك المظاهرات صورة من صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونموذج من نماذج الرباط والجهاد في سبيل الله لرفع الظلم ونصرة المظلومين الذين اُعتقلوا واُغتصب بعضهم وصُودرت حريتهم ودِيست كرامتهم، فإن من احتاج الي الفطر منهم، يستحب له الفطر، إن كان في ذلك معونة الي سير أو مواجهة ظالم باغ ٍ" انه تحريض علني لا يقل في تجريمه عمن يرتكب الفعل الفاضح العلني في الطريق العام! حتى الجنس وظفته هذه الجماعة الشاذة لأغراضها؛ فمغامراتهم الجنسية ظاهرة تاريخية في حياة هذه الجماعة، أليس هؤلاء وتابعوهم من المتسلفين، هم من أجازوا للبنت أن تتزوج في سن العاشرة، بدعوي حمايتها من الانحراف – ولا أعلم أي انحراف هذا يأتي لطفلة وهي في هذا السن! ومضوا في شذوذهم بأن حرموا على النساء أن تأكل الخضروات، أو ملامسة الخيار والموز واعتبروا أن نزول المرأة البحر زني حتى لو كانت محجبة؛ لأن البحر من وجهة نظرهم ذكر، وبدخول الماء الي أماكن حشمتها تكون المرأة زانية ويقع عليها الحد، كما أن تشغيلها التكييف في غياب زوجها حرام، لأنه يعطي إشارة للجيران بتواجدها في المنزل وأباحوا للمطلقة شراء "عبد" ولا يدفع مهرًا ليتزوجها وغيرها من الفتاوي الشاذة التي تفضح نفوسهم المريضة! إن مثل هذه الفتاوي تمثل استمرارًا لمنهجهم في نشر الإرهاب والاعتداء على الأبرياء؛ خاصة النساء، ومجابهة هذه الأفكار لا يأتي بالمناقشة وإنما بالقبض على من يروج لها واعتباره شخصًا يهدد الأمن والسلم الاجتماعيين. [email protected]