نحن لا نخترع العجلة ولكن المفروض أن نستفيد من هذا الاختراع ونبني عليه، وبالتالى إذا كنا أخذنا السيارة عن الخارج فلابد أن نأخذ عنهم أيضاً حلول مشاكلها المرورية والتى بدأت بثلاثة ثم زيدت إلى خمسة من فترة وأخيراً أصبحت سبعة وقد أشرنا إليها فى المقال الأسبق وكيفية إسقاطها على أطراف المنظومة المرورية الثلاثة وهى : البشر، والطريق، والمركبة وطريقة التعامل مع أطراف المنظومة المرورية هى التعليم ثم التدريب ثم الإمداد بالمعلومات ثم التوعية لذا قرر من اخترعوا السيارة ومن أخذنا عنهم هذه السيارة ألا يحصل قائد لهذه السيارة على إجازة لقيادة هذه السيارة إلا بعد الحصول على القدر اللازم من التعليم والتدريب والمعلومات والتوعية ليُجاز له قيادتها بعد أن ينجح فى الاختبار الدال على ذلك، وكل هذا بأمر المشرع وليس أسلوب اختيارى من مدارس تعليم قيادة السيارات كما هو متبع فى بلدنا المحروسة مصر. الحاجة إلى مدارس تعليم قيادة السيارات وتطورها منذ أن بدأ خبراء صناعة السيارات فى العالم يفكرون فى الوسائل والطرق التى تشجع الناس على استعمال السيارة وشرائها ورجال المرور وخبراؤُه يحاولون عن طريق تعليم القيادة السليمة الإقلال من عدد الحوادث الناتجة عن استعمال السيارة ، ولم يكن تعليم قيادة السيارات فى البداية منظماً أو يسير وفق برنامج مدروس ، و إنما كان تعليماً اجتهادياً لا يخضع لرقابة أو برنامج محدد ، وذلك خلال الفترة من سنة 1920م إلى 1930م ، والتى بدأ بعدها تطوير فكرة تعليم قيادة السيارات وإدخالها بالمدارس العامة. وكانت أول مدينة فى العالم تُدرس هذه المادة وفق برنامج ومنهاج دراسى محدد هى مدينة "بيرجن" بولاية "نيوجيرسى" ثم تلتها المدرسة الثانوية "بستيت كولج بولاية بنسلفانيا الأمريكتين" خلال 1933 1943م، وذلك بفضل الجهود التى بذلها كل من " الدكتور هيربرت ستاك ، والبرفسور أمور بثارت" ، لخبرتهما الطويلة فى هذا المجال ، ونظرتهما العميقة فى أن تعليم قيادة السيارات هو الحل الرئيسى فى تقليل عدد الحوادث والتخفيف من آثارها الضارة، وأخذ هذا البرنامج فى التطوُّر وتبنته كثيرٌ من الدول. وكانت مصر فى طليعة الدول العربية التى قامت بافتتاح مدارس لتعليم قيادة السيارات،وذلك تمشياً مع قرارات مؤتمر فيينا عام 1968م ، والمؤتمر العربى الأول للمرور، المنعقد بالقاهرة خلال الفترة من 20 مايو إلى الخامس والعشرين منه لعام 1972م بشأن إنشاء مدارس لتعليم قيادة السيارات والتوسع فيها ، ليتعلم فيها السائق فن أصول القيادة حسب أحدث طرق التعليم بالأجهزة العلمية الحديثة ، وبعد تَعَلُّمِهَا بالقدر الكافى يقتصر صرف رخص القيادة على خريجى هذه المدارس، وقد دخلت جمهورية مصر العربية منذ أكثر من خمسة عشر عاماً مرحلة تعليم القيادة بالكمبيوتر، ويشرفنى أننى كنت أول خبير لهذه الأجهزة ، والدارس بمعهد"بنهمنتون" بالولايات المتحدةالأمريكية لتدريب الأطقم التى ستقوم بالتعليم على هذه الأجهزة ، وكذا إصلاح هذه الأجهزة ووضع البرامج الخاصة بها. أَمَّا عن الأسس التنظيمية والفنية لمدارس تعليم قيادة السيارات وفقاً لأحدث النظم العالمية لمدارس تعليم القيادة فهى كما يلى :- 1- إتاحة فرص تعليم القيادة السليمة لأكبر عدد من الراغبين فيها. 2- توفير قسط كبير من المعلومات الفنية والعلمية عن السيارات وكيفية قيادتها. 3 - إتاحة الفرصة لطالبى رخص القيادة من الحصول على قَدْرٍ كافٍ من المعلومات عن أنظمة ولوائح المرور. 4- وضع برنامج دراسى نظرى وعملى وميدانى يتناسب مع نوع الرخصة المطلوبة. 5 - توفير وسائل الإيضاح لإتاحة فرص تعلُّم القيادة لمن لا يجيد اللغة العربية أو الأُميين. 6 - تجهيز المدارس بأحدث ما وصل إليه العلم من وسائل التدريب لتعليم قيادة السيارات،بما فى ذلك ميدان التدريب. 7 - مراعاة تناسب الرسوم الدراسية مع المستوى المعيشى للغالبية العظمى من المواطنين،تلافيًا لأى إرهاق مادى. 8 - تحديد أوقات دراسية مختلفة تتلاءم مع ظروف الدارسين. كما وأن هيئة التدريس والإدارة والبرامج والمناهج الدراسية فى مدارس تعليم قيادة السيارات لها شروط وقواعد يجب الالتزام بها قانونا : يجب العناية باختيار نوعيات ممتازة من القائمين على إدارة المدرسة والتدريس بها،لأن عليهم مسئولية تحقيق الهدف العام من إنشاء تلك المدارس ، وهو تهيئة السائق فنياً وسلوكياً على القيادة السليمة. ويجب أن تتكون إدارة المدرسة وهيئة التدريس فيها من التخصصات التالية :- 1- مدير مسئول على مستوى قيادى وإدارى ممتاز، يتعامل مع جميع الجهات المعنية بما فى ذلك الإدارة العامة للمرور، شعبة إدارة وشعبة المرور المختصة. 2 - متخصصين فنيين فى تعليم قيادة السيارات عملياً. 3 - متخصصين فنيين فى تعليم ميكانيكا السيارات. 4 - مدرسين لنظم ولوائح المرور،وقواعد وإشارات المرور. 5 -موظفين إداريين لشئون الطلب ، والاستقبال،والشئون المالية. هذا ويجب إعلام الإدارة العامة للمرور، وإدارة أو شعبة المرور المختصة بأسماء ومؤهلات العاملين بالمدرسة. المناهج الدراسية :- يجب تدريس المواد التالية الموضحة لتهيئة السائق لاستيعاب المفهوم الكامل للقيادة السليمة،من أجل تخفيف الحوادث. 1- السيارة وأجزاؤها وطريقة قيادتها :- (أ) فهم الطالب لأجزاء السيارة ،ووظيفة كل جزء. (ب) شرح عدادات القياس بأنواعها ووظائفها. (ج) شرح أجهزة الفرامل الهيدروليكية واليدوية. (د) شرح دورة التبريد والزيت والوقود. (ه) شرح للصيانة اليومية والوقائية. (و) شرح للأعطال الخفيفة المتكررة وكيفية إصلاحها. القواعد الأساسية للقيادة :- (أ) ما يجب القيام به قبل الدخول إلى السيارة. (ب) ما يجب القيام به قبل بدء القيادة. (ج) تشغيل السيارة. (د) بدء السير. (ذ) الدوران بالسيارة. أسلوب القيادة الصحيحة :- (أ) القيادة وسط الخط. (ب) التغيير من خط إلى آخر. (ج) الوقوف استعدادًا للدوران إلى اليمين أو للدوران إلى اليسار. (د) ضبط السرعة طبقًا لإشارات تحديد السرعة. دراسة علامات و إشارات المرور :- (أ) معرفة مدلول الإشارات الإرشادية والتحليلية والإعلامية. (ب) معرفة الإشارات الضوئية. (ج) معرفة الإشارات الأفقية. (د) معرفة أنظمة ولوائح المرور، والمخالفات والعقوبات عليها. النتائج المترتبة على حوادث المرور :- (أ) معرفة الخسائر المادية والبشرية لحوادث المرور. (ب) إعطاء إحصائيات لحوادث المرور. (ج) مسببات هذه الحوادث وطُرق الوقاية منها. القيادة الوقائية :- (أ) المسافة التى يجب تركها بينك وبين السيارة التى أمامك. (ب) قواعد التجاوز الصحيح. (ج) السير للخلف. (د ) إيقاف السيارة على المنحدرات والمرتفعات. (و) قواعد السير خارج المدن ليلاً. (ز) حدوث خلل مفاجئ فى الفرامل. (ح) التصاق دَوَّاسة البنزين. (ط) انفجار أحد الكفرات بالإطار. (ن) حريق فى محرك السيارة. الإسعافات الأولية :- (أ ) التعريف بالإسعافات الأولية وقواعدها. (ب) حالات تضميد الجروح-الكسور-الحروق. (ج) حالات الاختناق وصعوبة التنفس،والتنفس الصناعي. (د ) استعمال وسائل إطفاء الحريق بالسيارات. (و ) الصدمات النفسية والعصبية الناتجة عن الحوادث. وبعد أن رأينا ما يحدث من قوانين ملزمة لتعليم القيادة وكيفية الحصول على إجازة القيادة فى جميع بلدان العالم وحتى أصغر الدول العربية فأين نحن ممن نقلنا عنهم؟ وهل نحن جادين فى حل مشاكل المرور فى المحروسة؟ وهل نعلم الحلول العلمية فى هذا الشأن أم نجيد فن التعبير اللغوى فقط؟ وإلى اللقاء فى المقال القادم بإذن الله عز وجل. كاتب المقال .. الخبير الدولى للمرور والإنقاذ والتدخل السريع فى الحوادث المحاضر بأكاديمية الشرطة