لما جاء بمقالاتي السابقة والتي لا تخرج مضامينها عن مصر وما تعانيه مصر علي مدي عقود، وجاء المقال السابق تحت عنوان »مصر والردع» وسبقه مقال «الدستور والتطبيق» كلها تبحث بالصوت العالي عن الخلاص ولست وحدي بل كتاب ومفكرو ومثقفو وإعلاميو مصر كلهم تتواتر أصواتهم ونداءاتهم تعلو السماء بحثا عن مخرج، بحثا عن الانضباط المفقود متي يعود الي الشارع المصري والأمان المفقود الذي تواري تحت أقدام الفوضي والازدحام، وهروب الاستثمار بسبب مظاهرات الإخوان الارهابيين، وانتشار أحداث القتل والاغتيال من سيناء إلي المنصورة ثم القاهرة.. عدم السيطرة علي الشارع المصري وغياب الاستقرار انعكس علي الشارع المصري بالاحباط والاكتئاب وخاصة بعد الأحداث الأخيرة التي هزت الوجدان المصري، وصدور قرارات وقوانين نتيجة لرد فعل الأحداث بالرغم من أن قانون العقوبات مواده قادرة علي ردع المجرمين والإرهابيين، فالفكرة ليست في اصدار تشريعات جديدة، ولكن العبرة والحكمة والارادة في تطبيق هذه القوانين علي أرض الواقع، فالمجتمع يفتقد الي احداث حالة ونقلة نوعية تنقذه من هذا الارتباك بعيدا عن إجراءات تنفيذ خارطة الطريق والتي تتلخص في.. الاستفتاء علي مشروع الدستور، واجراء انتخابات مجلس الشعب ورئيس الجمهورية، بجانب هذا لابد من تشكيل (حكومة حرب) بكافة الصلاحيات، وأن يتم اختيار الوزراء في ضوء معايير دقيقة واضحة شجاعة اصدار القرار، تاريخ وطني مشرف، خبرة إدارية غير تقليدية، إرادة قوية، تحدي من فولاذ، نظافة يد، جسارة في الابداع الفكري.. الخ. مصر غنية بأبنائها في شتي التخصصات ولكن للأسف الشديد غياب قاعدة المعلومات الدقيقة، وغياب المتابعة للرموز لانجازاتهم وعطائهم الوطني.. أدي ذلك الي ما يسمي.. بضبابية المشهد لذا يتم اختيار حكومات منذ عام 2591 وحتي الآن من خلال ضيق أفق ومن خلال رؤية أصحاب المصالح، بعيدا عن مصلحة الوطن، لذا كانت الكوارث المتكررة التي مرت بها مصر، وهذا لا يعني بأن هذه الحكومات ضمت عدداً قليلا من الوزراء المتميزين وكانوا أصحاب رؤية ولهم انجازات وطنية غير مسبوقة في تاريخ مصر الطويل، وعلي مدي الستين عاما لم نقرأ أو نسمع أو نشاهد مشروعا أو رؤية واحدة لمستقبل مصر، ولا خططا مبنية علي هذه الرؤية، ولا برامج تنفيذية مبنية زمنيا علي جدولة عاجلة وآجلة، ولم تطرح حكومة أي ثوابت علمية في شتي مجالات الحياة.. فجاءت الحكومات متتابعة كل واحدة تلغي مشروعات سابقيها، وهذا يدل علي غياب ما يسمي «بأخلاقيات الارادة الوطنية» التي تحتم علي المسئولين احترام وتعظيم الثوابت والقضاء علي السلبيات والعمل علي الاضافة وزيادة الانتاج، والعمل علي تعميق معايير الجودة لاتاحة الفرصة لمصر أن تثبت أقدامها في الاسواق الدولية والتنافس بشرف وكبرياء، وما يحدث في مصر من مظاهرات في الجامعات وبعض المحافظات من «جماعة الإرهابيين» ومريديهم هذا يستوجب الضرب بيد من حديد دون هوادة للأسباب الآتية: ارباك المجتمع، تعطيل الدراسة في الجامعات، بث الخوف وترويع الجماهير، إهدار سمعة مصر أمام العالم، توقف حركة السياحة وهي من الموارد الاقتصادية الرئيسية بعد قناة السويس إلخ، فالتعامل مع المظاهرات حتي الآن لم يتغير، نترك الخونة الارهابيين حتي يتجمعوا ثم نلقي عليهم القنابل المسيلة للدموع!؟ لا يكفي ذلك الاعتقال للمخالف لقانون التظاهر واصدار الاحكام أولا بأول لردع من يفكر في الاضرار بالمصلحة الوطنية، نريد حكومة قوية تمتلك كل الصلاحيات، والحكومة تعني الوزراء والمحافظين والقيادات التنفيذية، نريد قيادات تنزل الي الشارع بعيدا عن المكاتب المغلقة، نريد حكومة حرب توزع المسئوليات علي القيادات بعيدا عن المركزية العفنة التي دمرت مصر، نريدها لا مركزية يشارك فيها الجميع، الوضع الراهن لمصر.. يحتاج الي توعية وطنية تتوافق مع هذه المرحلة الحرجة. امتدادا